منذ لحظة إقرار القانون الجديد للانتخابات، بدأ يترسخ اعتقاد أن هذا القانون الذي يبدل قواعد اللعبة الانتخابية بشكل ملموس سيعيد خلط الأوراق السياسية على نطاق واسع، على مستوى العلاقات والتحالفات، وأيضا على مستوى النتائج.
فإذا كان لبنان ينتقل انتخابيا ولأول مرة من النظام الأكثري الى النظام النسبي، فإن الأكثرية النيابية ستنتقل ولأول مرة منذ العام ٢٠٠٥ من فريق المستقبل وحلفائه وما عرف بـ «فريق ١٤ آذار» إلى فريق حزب الله وحلفائه وما عرف بـ «٨ آذار».
وفي اعتقاد أصحاب هذا الرأي أن القانون النسبي هو «قانون حزب الله» المستفيد الأول منه والرابح الأكبر في الانتخابات المقبلة، بحيث سيكون قادرا على زيادة كتلته النيابية المباشرة (مع حلفائه ومن دون التيار الوطني الحر) من ٣٥ نائبا الى ما يلامس عتبة الـ ٥٠ نائبا. وهذه الزيادة تتحقق من خلال:
ـ استرجاع المقاعد الشيعية الثلاثة من المستقبل (زحلة ـ عقاب صقر/ بيروت ـ غازي يوسف/ البقاع الغربي ـ أمين وهبي)، وبالتالي استحواذ الثنائي الشيعي ( ««أمل» حزب الله) على كل المقاعد الشيعية الـ ٢٧.
ـ دعم فرص وصول حلفاء لم يكن وصولهم ممكنا في ظل قانون الـ ٦٠، وهؤلاء الحلفاء «النواب الجدد» موزعون على كل الطوائف ومنهم سنة (عبدالرحيم مراد- جهاد الصمد- أسامة سعد- وجيه البعريني…) ومسيحيون (فريد هيكل الخازن ـ ميريام سكاف ـ إبراهيم عازار…) ودروز (فيصل الداوود- وئام وهاب…)، وبالتالي فإن النقص الذي سيلحق كتلتي المستقبل والتيار الوطني الحر يصب في مصلحة حزب الله ليكون لديه هذا الفائض الجديد.
في حسابات أصحاب هذا الرأي المناهضين لحزب الله، أن الحزب مع حلفائه المباشرين، مضافا إليهم التيار الوطني الحر، قادر على بلوغ عتبة النصف زائد واحد (٦٥ نائبا).
ولكن التجاوز لا يقف عند هذا الحد وعند هذا الرقم. فإلى الأكثرية العددية الطفيفة، ثمة أكثرية سياسية ستكون متوافرة لحزب الله وتتجاوز عتبة الثلثين، لأن كتلة جنبلاط مؤيدة للثنائي الشيعي وكتلة الحريري منخرطة في هذا الخط وتحت عنوان «التسوية».
وبالتالي لا يعود أمام «القوى السيادية» إلا مهمة صعبة وشبه مستحيلة وهي تجميع طاقاتها وصفوفها لتأمين «الثلث الضامن» (مع احتساب القوات اللبنانية من ضمن هذا الثلث والرهان على تحولها الى المعارضة، ومن دون احتساب المستقبل استنادا الى سياسته الحالية) للحؤول دون سيطرة مطلقة للحزب تتيح له تشريع وضعه وتغيير وجه لبنان.
ولكن هناك الرأي الآخر الصادر عن فريق حزب الله وغير الموافق على مجمل هذا التحليل الذي يعطيه أكثرية نيابية سياسية تصل الى عتبة الثلثين، فيما هو يخوض، وبسقف سياسي واقعي، معركة الثلث الضامن أو المعطل الذي يوفر له حق الفيتو الذي استخدمه في معركة رئاسة الجمهورية ليعطل نصاب جلسات الانتخاب لسنتين.
ذلك أن الخارطة السياسية لما بعد الانتخابات تفيد أن التصنيف على أساس ٨ و١٤ آذار سقط نهائيا، وأن التيار الوطني الحر والمستقبل في «محور واحد» بعدما تأكد تحالفهما السياسي والانتخابي.
(الأنباء الكويتية)