أكد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أن “القطاع المصرفي هو العمود الفقري للبنان، وعلينا أن نحافظ عليه بكل ما لدينا من طاقات”، مشددا على أن “الاقتصاد اللبناني يجب ان يبقى حرا وعلينا تحريره أكثر فأكثر ورفع يد الدولة عنه”، مشيرا إلى أنه “في موازنة 2018 لن تتم إضافة أي ضريبة، بل سيتم وضع حوافز كثيرة تساعد القطاع الخاص”.
كلام الرئيس الحريري جاء خلال لقاء حواري أجراه ظهر اليوم مع الاقتصاديين في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت تكريما للرئيس السابق للمجلس الاقتصادي الاجتماعي روجيه نسناس.
استهل الحريري اللقاء بكلمة قال فيها: “اليوم نحن مجتمعون لنكرم صديقا عزيزا علينا جميعا، الأستاذ روجيه نسناس الذي حافظ على المجلس الاقتصادي والاجتماعي خلال المرحلة السابقة، مع كل ما تخللها من هزات وأزمات وشلل في المؤسسات العامة، واليوم يسلم هذه الأمانة لأشخاص نضع أيضا آمالا كبيرة عليهم ليسيروا على نفس المسار، مسار النهوض بلبنان.
نحن اليوم في بداية ورشة عمل طويلة وأساسية للنهوض بهذا الوطن، وعلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يواكبنا في المرحلة المقبلة. وما من شك أن المجلس هو المكان الأمثل والطبيعي لإجراء كل النقاشات والحوارات الاقتصادية والاجتماعية بين كل فئات المجتمع اللبناني الممثلة فيه، بعيدا عن الشارع والساحات وأبواب السياسيين.
الأولوية اليوم في لبنان هي للاستقرار. الاستقرار الأمني والسياسي والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. ونحن وضعنا خارطة طريق للاستقرار والنمو وفرص العمل، بدأت باجتماع مجموعة الدعم الدولية الذي عقد في باريس في 8 كانون الأول 2017، وستُستكمل في مؤتمر روما 2 الذي من المقرر عقده في أواخر شهر شباط المقبل لدعم الجيش اللبناني والمؤسسات العسكرية والأمنية الشرعية، وصولا إلى مؤتمر باريس المقرر عقده في فرنسا في أوائل نيسان المقبل لدعم الاستقرار الاقتصادي في لبنان”.
وأضاف: “سنذهب إلى مؤتمر باريس ببرنامج واضح وأهداف محددة. سنذهب ببرنامج استثماري مهم وكبير في البنى التحتية، برنامج بـ16 مليار دولار يشمل أكثر من 250 مشروعا موزعا على قطاعات المواصلات والمياه والكهرباء والصرف الصحي، إضافة إلى بعض المشاريع المرتبطة بالاتصالات والصحة العامة والتربية وإرث لبنان الثقافي. هذا البرنامج الذي من المتوقع أن يعيد معدلات النمو إلى 6 و7% ويخلق فرص العمل الضرورية للشباب اللبناني بعشرات الآلاف يضم مشاريع حيوية، ونحن بحاجة لها ليكون لدينا بنية تحتية حديثة ومتطورة تواكب طموحكم وتطلعاتكم أنتم، وتسمح لكم أن تنفذوا وتنموا استثماراتكم.
وقد طرحنا هذا البرنامج على البنك الدولي، الذي قام بمراجعته وتقييمه وأكد لنا أهمية القطاعات المستهدفة بهذا البرنامج وأهمية المشاريع التي يشملها البرنامج للنهوض بالاقتصاد اللبناني. وهدفنا من مؤتمر باريس هو تأمين التمويل اللازم لتنفيذ هذه المشاريع، عبر قروض ميسرة من الصناديق والمؤسسات المالية الدولية ومن الدول الصديقة”.
وتابع: “نحو 40% من المشاريع في البرنامج الاستثماري هي مشاريع يمكن تنفيذها من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقيمتها التقريبية نحو 7 مليارات دولار من أصل مجموع الـ16 مليار دولار. الآلية القانونية باتت موجودة بعد أن أقر مجلس النواب قانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فتفضلوا اليوم أيها الأخوة إلى التنفيذ. ولهذا نحضر نحن ومجموعة الاقتصاد والاعمال لمؤتمر مشترك في 22 شباط المقبل لعرض هذا المشاريع ومناقشتها مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي، والبدء بتحفيز تمويل القطاع الخاص لها.
وبالتوازي مع وضع اللمسات الأخيرة على البرنامج الاستثماري، باشرنا العمل على تحديد دور لبنان الاقتصادي من خلال وضع دراسة مفصلة للقطاعات الإنتاجية حتى نحدد، نحن وأنتم وكل المعنيين، القطاعات الواعدة، التقليدية منها والجديدة، والتي ستكون مصدر نمو وفرص عمل بالسنوات القادمة، إضافة إلى تحديد الخطوات الواجب اتخاذها للنهوض بهذه القطاعات.
لكن كل هذه الأمور لا تكفي لوحدها، يجب أيضا أن نسير بالإصلاحات الضرورية القطاعية والهيكلية لكي نتمكن من أن نحقق نجاحا كاملا لمؤتمر باريس المقبل. وأنا أعلم أنكم تنتظرون هذه الإصلاحات. أنتم تريدون أمنا واستقرارا وليس فوضى، تريدون بنية تحتية عصرية غير مترهلة، تريدون مؤسسات عامة تسهل لكم عملكم ولا تعيقه، وتريدون إطارا قانونيا يحمي حقوقكم لتتشجعوا على زيادة الاستثمار وتطوير أعمالكم. وأيضا تريدون استقرارا ماليا واستقرارا نقديا. وهذا كله أولوية على أجندتنا اليوم”.
وختم قائلا: “أعلم أن المشروع الذي نحمله إلى مؤتمر باريس هو مشروع كبير، لكننا كلبنانيين نفكر دائما بأمور كبيرة. رفيق الحريري كان دائما يفكر كيف سيسمح للبنان، هذا البلد الصغير، أن يبرز في ذلك العالم الكبير. لذلك، كل هدفنا هو تطوير البنى التحتية، وعلينا أن نعمل ليل نهار لنؤمن ذلك، لأنه واجبنا كحكومة وأنتم كمجلس اقتصادي اجتماعي وغرف تجارية ورجال أعمال أن نعمل سويا لكي نقوم بالبلد. هذا الأمر يتطلب حوارا. واليوم بات لدينا حكومة ومجلس اقتصادي اجتماعي وغرف تجارية وعلينا جميعا أن نتحاور لكي ننفذ المشاريع ونقوم بالبلد.
أنا على ثقة بأننا قادرون على القيام بالبلد، أن شباب لبنان وشاباته يريدون أن يبقوا في البلد، ولا نريد أن يكون أملهم الوحيد الخروج من البلد. ومشروع مؤتمر باريس هو بداية، صحيح أنه كبير لكنه غير مستحيل، لأن القطاع الخاص له جزء كبير منه، وأنا على ثقة أننا مقبلون على مؤتمر ناحج بإذن الله. من هنا، أود أن أشكر كل الجهود التي قام بها السيد روجيه نسناس، وبصراحة كانت جهودا شخصية. لأنه في الوضع السياسي المتأزم والمنقسم الذي مررنا به وكان وضع البلد صعبا للغاية، تمكن روجيه من المحافظة على المجلس، وأحيانا كثيرة كان يصرف من جيبه الخاص، لأنه كان يؤمن بالمجلس وعمله. واليوم لدى شارل عربيد مهمة صعبة أيضا، لأن الوضع الاقتصادي صعب جدا، وعلينا جميعا أن نعمل سويا للقيام بالبلد، وإن شاء الله نتمكن من تحقيق ذلك. فشكرا روجيه على كل ما قمت به، وأعانك الله علي يا شارل”.
عيتاني
ثم تحدث رئيس بلدية بيروت المهندس جمال عيتاني الذي قال: “أردت أن أنتهز فرصة أننا في قاعة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي أعاد إعمار بيروت، وخاصة وسط المدينة لكي يجمع اللبنانيين في هذا المكان، واستكمالا للمبادرة التي قمت بها يا دولة الرئيس بإقامة احتفال رأس السنة في ساحة النجمة وإعادة فتح الساحة، أردت أن أعلن أمامكم عن اللجنة التي ستترأسونها لإعادة إحياء وسط بيروت، وهي مكونة من اقتصاديين وإعلاميين ومثقفين واجتماعيين، لوضع خطة متكاملة لذلك. كذلك أود أن أعلن أنه، وبتوجيه منك يا دولة الرئيس، سنبدأ يوم الأحد المقبل بإقامة نشاطات في ساحة النجمة، حيث سيكون هناك ألف دراجة هوائية تقدم مجانا للناس لممارسة الرياضة، وسيكون هناك “سوق الأكل” ومغنون ومطربون لكي نعيد النبض لوسط بيروت. كما أن خطتنا ستشمل الحديث مع المالكين والمستثمرين لكي نجد لهم الحوافز لكي يعيدوا استثماراتهم في الوسط التجاري. فقد كان هناك 550 مؤسسة في الوسط يعتاش من خلالها بين 12 ألف و 20 ألف شخصا، ونحن اليوم سنعيد إحياءها، وإن شاء الله نستمر بدعمك يا دولة الرئيس”.
حوار
ثم دار حوار بين الحريري والاقصاديين.
سئل: ألا تجد أن هناك ضرورة للحد من الضرائب وتخفيض بعضها من جهة، ووقف إطلاق النار بين السياسيين من جهة ثانية لكي نتمكن من العمل؟
أجاب: “تأكدوا جيدا أن ليس هناك من يريد أن يستهدف أي قطاع. نحن نمر في أزمة اقتصادية قاسية للغاية. والفراغ والانقسامات التي عشناها سابقا أثرت على لبنان بشكل كبير جدا، وأنتم تعرفون كيف كان حجم النمو بين العامين 2016 و2017، أضف إلى ذلك وجود مليون ونصف المليون نازح سوري، والبضائع اللبنانية لا نستطيع تصديرها إلا عبر البحر. كل هذه الأمور كان لها تأثير سلبي جدا على الوطن. من هنا أنا أؤيدكم بأن الضرائب كانت قاسية، وأؤكد لكم أنه في موازنة العام 2018 لن نضيف أي ضريبة، بل سنضع حوافز كثيرة تساعد إن شاء الله القطاع الخاص. فأنا كنت دائما أفكر بأن القطاع الخاص هو المشغل الأساسي لكل أنواع فرص العمل، أي أن الجزء الأكبر من العمال اليوم يجب أن يكونوا في القطاع الخاص وليس في القطاع العام، ولكني أرى أن المشكلة التي نعاني منها اليوم هي الضمور الاقتصادي، ولذلك وضعنا هذا البرنامج الطموح لمؤتمر باريس لأنه يؤمن عشرات الآلاف من فرص العمل. ونحن من جهتنا علينا أن نغير من قوانيننا التجارية. فليس من الطبيعي أننا في العام 2018 ولا زلنا نخضع لقوانين وضعت في العام 1950 وربما قبل. لا بد من إجراء إصلاحات في العديد من القوانين.
ففي الولايات المتحدة قاموا بإلغاء كل قانون قديم مقابل اقرار قانون جديد، وهذا الامر يجب ان نقوم به ونعمل على تطوير قوانينا لأنه من غير الطبيعي أنه اذا اراد احد ما مثلا تصفية شركة أن يستغرق الأمر منه سبع او عشر سنوات. هناك الكثير من الامور يجب ان نعمل عليها، وقد قمنا بتقديم عدد من مشاريع القوانين خلال الحكومة السابقة، والآن هناك لجنة ستقوم بدراستها وان شاء الله يتم إقرارها في رفعها الى مجلس الوزراء ومن ثم احالتها إلى المجلس النيابي الذي نتعاون معه بشكل جيد.
في المقابل، هناك اتجاهات اقتصادية لا اوافق عليها، خصوصا ان في الحكومة من يريد زيادة الضرائب على القطاع الخاص، وهذا الامر لا اوافق عليه أبدا، وأنا واثق من أنه لن تكون هناك اي ضريبة هذا العام على القطاع الخاص بل ستكون هناك الكثير من الحوافز.
على صعيد آخر، فإن دوري الأساسي في البلد هو جمع كل اللبنانيين على اجندة واحدة والتخفيف من الخلافات السياسية، وهذا الامر نجح بشكل كبير في مرحلة من المراحل. هناك أمور تكون فيها خلافات سياسية، ولكن التركيز هو على أن لا يؤثر اي خلاف سياسي على العمل الحكومي والاقتصادي. وإذا اردنا ان نرى اين كنا بالنسبة لهذه الخلافات منذ عام مقارنة باليوم، فإننا تقدمنا كثيرا الى الامام وسنبذل جهدا لتخفيف هذه الخلافات، ويجب ان لا نضع الحكومة والبلد واقتصاده في خطر لانه لا يستطيع ان يتحمل اي اخطاء او خلافات سياسية”.
سئل: طرابلس والشمال منطقة بات من الواجب الاستثمار فيها لصالح لبنان، خصوصا ان كل المشاريع في الشمال قابلة للشراكة كمطار رينيه معوض ونتمنى في هذه المرحلة ان يكون الملف الاقتصادي بعيدا عن تشنجات المنطقة؟
اجاب: “عندما سنعرض البرنامج الاستثماري في البنى التحية سيكون لكل المناطق حصة كبيرة ولكن الحصة الاكبر ستكون للشمال، لأنه كان منطقة منسية في مرحلة من المراحل، ويجب علينا الاستثمار بالبنى التحتية فيه، فهذا الامر يفتح للقطاع الخاص افاقا لقيام استثمارات كبيرة مثل المطار والمرفأ وسكة الحديد التي نعمل عليها وكذلك FSRU (وحدة إعادة التخزين الغاز العائمة) ومحطات الكهرباء، كذلك تبين لنا عندما أجرينا الاختبارات على موضوع توليد الطاقة الهوائية ان منطقة عكار هي اكثر منطقة منتجة لذلك، وقد قمنا بتلزيم الشركات. كما ان هناك فكرة لبناء مرفأ في عكار بالتزامن مع تطوير مرفأ طرابلس، ومطار الرئيس معوض هو جزء من المشروع الاستثماري الموضوع من قبلنا لمؤتمر باريس. ونحن كحكومة نعمل بشكل كبير على كل ما يسمى بتكنولوجيا المعلومات، وهو قطاع كبير جدا منسي في لبنان، وقطاع الاتصالات الذي كان قبل ان نسلتم الحكومة مهملا ولا وجود له، واليوم نحن في اتجاه تطوير هذا القطاع وفتحه أمام الشركات الخاصة للاستثمار فيه ويجب علينا كدولة ان نرفع ايدينا عن هذا المرفق، وأن يكون القطاع الخاص هو المستثمر الاكبر فيه وهو ما يمكن ان يخلق مئات الآلاف من الوظائف من الشباب والشابات اللبنانيين القادرين على التميز بسبب الحيوية التي يتمتعون بها في هذا القطاع.
لقد كنا نملك “فايبر اوبتيك” قبل استلام الحكومة تكفي لبنان وسوريا والعراق ولكنها غير مستثمرة لأن الادارة السابقة والقيمين عليها لم يكونوا معنيين بتطوير هذا القطاع، بل كان همهم زيادة الاسعار، وهم لم يعرفوا أنه بتخفيض الاسعار يزداد مدخولنا مرات عدة، وأنه ليست هناك من دولة في العالم لا زالت تضع يدها على قطاع الاتصالات”.
سئل: نتمنى عليكم النهوض بالقطاع الصناعي واتخاذ الاجراءات التي من شأنها زيادة التصدير؟
أجاب: “في الموضوع الصناعي يجب علينا ان نحمي مصانعنا ضمن إطار الاتفاقيات الموقعة مع الكثير من الدول والتي يجب أن ننفذها بالكامل. نحن مع حماية الصناعة حسب الاتفاقيات، ومع إعطاء الحوافز لها. ويجب علينا المساعدة في موضوع النقل الذي تأثر بشكل كبير جدا خاصة بسبب الأزمة في سوريا.
كما أن اقتصادنا يجب ان يبقى حرا وعلينا تحريره أكثر فأكثر ورفع يد الدولة عنه، وأبرز ما قمنا العام الماضي في هذا المجال هو اقرار قانون الشراكة الذي يعتبر خطوة كبيرة نحو المستقبل إن شاء الله، والذي سيجلب الفائدة للجميع”.
سئل: ما هي الخطوات التي تنوون القيام بها لتعزيز دور القطاع المصرفي؟
أجاب: “القطاع المصرفي هو العمود الفقري للبنان، ولبنان لم يتخلف يوما في تاريخه عن دفع أي قرض بسبب دور البنك المركزي الفعال والقطاع المصرفي. وهنا أود أن أقول أن تركيز البعض على موضوع القطاع المصرفي هو فعليا أمر مسيء، فهو القطاع الوحيد الذي يحقق نجاحا في هذه الفترة، لأن قطاعاتنا الأخرى تأثرت بالخلافات السياسية القاسية. فالقطاع السياحي على سبيل المثال كان يجب أن يكون أهم قطاع في البلد، وإذا كانت السياحة بخير ستكون الزراعة والصناعة والمطار والبنى التحتية وغيرها من القطاعات بخير. هناك الكثير من القطاعات التي تستفيد من السياحة، لكن المشاكل السياسية واستعمال المنابر للتهجم على بعض الدول وزرع الخوف في نفوس الأشخاص الذين يريدون أن يأتوا إلى لبنان، كل ذلك أثر سلبا على هذه القطاعات، وأظهر أن القطاع المصرفي هو الوحيد الذي يعمل. لو كانت اليوم كل القطاعات من سياحة أو زراعة أو صناعة أو غيرها تعمل بشكل جيد لكانت جميعها متوازنة. ربما أنتم تتحدثون عن الأزمة التي حصلت قبل شهرين، ولكن الأزمة كانت واقعة أيضا قبل سنة وشهرين. ولولا القطاع المصرفي لما تمكن البلد من تخطي الأزمة القاسية التي مر بها في ملف رئاسة الجمهورية. هناك الكثير ممن انتقدوا الحلول التي قام بها مصرف لبنان في هذه المرحلة، ولكن الحقيقة أنه لولا هذه الحلول لما تمكنت الليرة من الصمود. نحن علينا أن نحافظ على القطاع المصرفي بكل ما لدينا من طاقات. وإذا كان البعض ينتقد هذا القطاع لأنه يحقق أرباحا، فهل نكون ضد أن يحقق الناس أرباحا؟ هل نحن ضد أن يعمل الموظفون ويتمكنوا من تأمين لقمة عيشهم؟ هل نحن ضد أن يحقق أي عامل أو من لديه أي فرن أو متجر أو غيره أن يحقق ربحا في عمله؟ هل إذا رأيناه يربح يجب أن نضع له الضرائب على أرباحه؟ هذا المنطق يدمر البلد. فلكي يفتح أي رجل أعمال مصنعا، يجب أن يتوقع أنه سيخسر في السنوات الأولى لأنه يستدين من المصارف ويضع من ماله الخاص. ولكن بعد ذلك، حين يبدأ في تحقيق الأرباح، هل يجب أن نأتي نحن ونفرض عليه الضرائب لكي يعود ويخسر؟ كلا، نحن في بلد يعتمد الاقتصاد الحر، وكلما حقق القطاع الخاص أرباحا، كلما استثمر في البلد. هذا هو الفكر الذي يجب أن نعتمده. أما الفكر القائم على أن الناس يجب أن لا تربح فهو غير منطقي، وإذا أردنا أن نكون عادلين، فعلينا أن نرى الجميع يحققون أرباحا ونقلص من خسائر كل القطاعات”.
سئل: في موضوع حقوق المرأة، ما الذي تنوي فعليا وعمليا القيام به لتنفذ وعودك تجاه المرأة؟
أجاب: “الواقع أن لبنان من الدول التي سارت بشرعة حقوق المرأة ولكن، للأسف، نحن في البلد لا نعطي المزيد للمرأة لتحقق دورها. لذلك، علينا ككتل سياسية إبراز دورها والتوقف عن الكلام والبدء بالعمل على هذا الصعيد.
في كل الأحوال، بالنسبة إلي، فإنه في مكتب رئاسة الوزراء وفي مكتبي الخاص، 60% من العاملين معي هن من النساء، لذلك نحن حققنا الكوتا وأكثر. ولكني لا حظت، مع محبتي لكم في غرفة التجارة، أنكم لا تطبقون الكوتا النسائية”.
سئل: كيف يمكننا حماية الزراعة في لبنان؟
أجاب: “في موضوع الصناعة والزراعة، الحماية ضرورية مع مراعاة الاتفاقيات التي وقعناها مع كل الدول، وإلا يصبح لبنان منعزلا وغير قادر، لا على التصدير ولا على الاستيراد. وفي الإطار نفسه، أنا مع أن تكون لدينا دراسة فعلية تفصيلية بشأن الزراعة والصناعة وأنواعها التي يجب أن ندعمها. أنا مع أن تكون لدينا صناعة تعطيها الدولة كل الدعم والمزايا المطلوبة، لكن شرط أن نعرف أنها بعد بضع سنوات سيكون لها مردودها وستستطيع أن تعتمد على نفسها. المشكلة لدينا اليوم في السياسة الزراعية والصناعية أنهم يقولون لنا ازرعوا أو صنعوا ما شئتم، وهذا الأمر غير صحيح. علينا أن ننظر إلى الإبداع اللبناني. فعلى سبيل المثال، قد تأتي بليتر زيت زيتون لشخص لبناني يضعه في غلاف متميز، فيرتفع سعره أضعافا مضاعفة. ونحن علينا أن نركز على ما ينفع زراعتنا وصناعتنا ونعمل على مكافحة الإغراق في البلد. من هنا لا بد من تفعيل الأجهزة الرقابية شرط وجود استراتيجية واضحة”.
سئل: نتمنى أن يصار إلى تفعيل وإعادة دراسة القوانين الموجودة لمكافحة الإغراق؟ كما نتمنى إعادة النظر في موضوع التصريح المتعلق بالمادة رقم 5 لأن يعود إلى ما كان عليه التصريح في شهر أيار؟
أجاب: “الموضوع الضريبي سأبحثه مع وزير المالية. على صعيد آخر، كل الدول العربية اليوم تجد فيها كل المنتجات المحلية والأجنبية. فعلى سبيل المثال تذهب إلى الخليج، حيث الجميع يقول أنهم يحمون بضائعهم، ولكن في نفس الوقت ليس هناك من منتج إلا وتراه موجودا. هذان أمران متناقضان، إلا أن الحقيقة أنهم يعطون حوافز أكثر لصناعاتهم. ففي السعودية مثلا، تشتهر صناعة الحليب، ولكن هل هناك ما يمنع وجود منتج أجنبي متعلق بالحليب؟ نحن علينا أن نركز على الصناعات التي يجب أن ندعمها ونشجعها. من هنا علينا إصلاح بعض القوانين، وأن تشجع الدولة على بعض الصناعات المفيدة للبنانيين”.
شقير
وكان رئيس غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنا محمد شقير ألقى كلمة قال فيها: “انه يوم تاريخي سيبقى مطبوعا بحروف من ذهب في سجل غرفة بيروت وجبل لبنان”.
وخاطب الحريري قائلا: “باسمي وباسم الحاضرين، ارحب بك في بيتك “بيت الاقتصاد اللبناني” وبين أهلك الذين يستبشرون بأن يكون وجودك بينهم مطلع العام الجديد فاتحة خير عليهم وعلى لبنان واللبنانيين”. اضاف: “دولة الرئيس اسمح لي في هذا اللقاء، الذي اردناه من القلب الى القلب، ان انقل اليك محبة واحترام أهل الاقتصاد لشخصك الكريم، وتمسكهم بك رئيسا للحكومة الى أبعد الحدود، لما تتحلى به من صدق واخلاص وروح طيبة ووطنية واندفاع لاعلاء شأن البلد واقتصاده الوطني”.
وأكد شقير “أننا جميعنا مؤمنون بأن لبنان بوجودك على رأس الحكومة وفي عهد فخامة رئيس الجمهورية، ومع دولة رئيس مجلس النواب، ستتمكنون من تحقيق نقلة نوعية على طريق التعافي والنهوض، وسيعود لبنان بإذن الله منارة للشرق”.
أضاف: “لا يفوتني هنا توجيه التحية لكم على الانجازات التي استطعتم تحقيقها العام الماضي على الرغم من كل الصعاب لا سيما تلزيم النفط والغاز واقرار الموازنة والشراكة بين القطاعين العام والخاص وانجاز الكثير من التعيينات وغير ذلك”.
وقال: “اغتنم هذه المناسبة الجامعة والرائعة بحضور هذه الوجوه الاقتصادية المميزة التي هي على الدوام محط اعتزازنا وافتخارنا، وبحضور الاقتصادي الاول الرئيس الحريري، كي اكرم باسمي وباسم اتحاد الغرف اللبنانية والقطاع الخاص اللبناني، شخصية اقتصادية لبنانية عريقة، استطاعت بكفاحها وعملها الدؤوب ان تأخذ لها مكانا مرموقا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية اللبنانية. باسمكم جميعا نكرم اليوم رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي السابق الأخ والصديق روجيه نسناس على اعماله وانجازاته خلال توليه رئاسة المجلس، وآخرها كتابه نهوض لبنان نحو دولة الانماء”. أضاف “إذا كانت ظروف البلد لم تساعد روجيه على تحقيق كل احلامه في المجلس لكننا نستطيع القول ان جهوده الكبيرة وتفاعله في الداخل والخارج ابقت المجلس في دائرة الضوء كركيزة اساسية في الحياة اللبنانية”، مؤكدا “اليوم المجلس الاقتصادي والاجتماعي بايدي امينة، وكلنا ثقة بان الهيئة العامة الجديدة للمجلس برئاسة الاخ والصديق شارل عربيد وبدعم المؤسسات الدستورية ستتمكن من تفعيل المجلس وأخذ مكانته ودوره الى ابعد حدود”.
وتابع شقير: “اليوم، وكما تعودنا في لقاءاتنا مع دولتك، سنتكلم بالصراحة نفسها التي هي باب الخلاص، لذلك نقول ان القطاعات الاقتصادية على اختلافها لا تزال في حال من الركود والمؤسسات تعاني، ومطلبنا الاول هذا العام يبقى وقف استسهال فرض المزيد من الاعباء على مؤسساتنا لمعالجة مالية الدولة أو لتلبية مطالب شعبوية، فيما الحل الوحيد لمختلف مشكلاتنا هو العمل على تحفيز الاقتصاد وزيادة النمو”.
وشدد على انه “في مقابل زيادة الضرائب والاعباء، أملنا اقرار موازنة تتضمن اصلاحات جذرية، واقرار القوانين الاقتصادية الاصلاحية التي تضمن نقل البلد الى مصاف الدول المتقدمة، نأمل ان نرى تطبيقا فعليا لقانون الشراكة بين القطاعين والبدء بتنفيذ مشاريع البنى التحتية لانهاء أزمات مزمنة استنزفت وتستنزف الدولة والاقتصاد والمواطن. وآمالنا معقودة على انجاح مؤتمر باريس لدعم لبنان ومؤتمر بروكسيل ومؤتمر روما 2، فيما التحدي الاكبر يبقى تقوية ثقة المستهلك واتخاذ خطوات جدية لتحسين مناخ الاعمال والاستثمار في لبنان”، مؤكدا “كلنا ثقة بانكم ستبذلون كل الجهود المتاحة لتحقيق تطلعات الشعب اللبناني”.
عربيد
وتحدث عربيد فقال: “تحية من القلب. انا سعيد لانها المرة الاولى التي اعود بها الى الغرفة بعد تسلمي مهامي. قضيت في هذا المبنى سنوات، بين جمعية الصناعيين في الطابق الخامس والفرانشايز. وكنت كل أسبوع ألاقي الرئيس شقير. اشكر ثقتكم أنتم كقطاع خاص حولتموني لكي اصبح رئيس المجلس. ولكني اليوم امثل الجميع من مهن حرك ومغتصبين وعمال. نحن اليوم تعمل تحت شعار كلنا عمال في خدمة لبنان. كلنا عمال ليحيا لبنان. هذا ما ساعمل عليه”.
وتوجه الى شقير: “ترافقنا منذ زمن. انت صديق وأخ عملنا معا حضورك معنا هو قيمة مضافة. تعاونا وسنتعاون”. وخاطب نسناس: “نحن تنافسنا منذ فترة طويلة. تنافسنا من احل مصلحة لبنان. انا وضعت مداميك المجلس وانت حارس الهيكل. تحملت الكثير وبقيت وما تراجعت. انت تستحق التكريم. وستكون حاضرا معنا في المجلس وسنتعاون في المجلس”.
أضاف عربيد: “الى الرئيس الحريري نقول: انت ركيزة الاقتصاد في لبنان. وهذا ما لمسناه حين ترنح الوضع في لبنان. الرئيس الحريري هو brand name في لبنان. مؤيدي ان نستفيد منه في الاقتصاد حتى ننهض به. مطالبنا كثيرة في المجلس. المجلس بحاجة الى دعم معنوي. مشكور رئيس الجمهورية على تفعيله هيئة المجلس وكذلك الشكر الى الرئيس بري ولكن الرئيس الحريري سنعمل معه”، مؤكدا ان “المجلس بحاجة الى موازنة وكوادر ونحن نستطيع ان نعطي للبنان منتج اقتصادي قابل للتطبيق. من هنا وفِي ما يتعلق بالدراسة الاقتصادية المنوي وضعها فنحن كمجلس سنشارك في ابداء الرأي ففي الهيئة كوادر قادرة وسيعطي كل كادر رائع وفق اختصاصه. وان شاء الله سنصل الى ما نحن نريده”.
نسناس
والقى نسناس كلمة جاء فيها: “لقد رسختم نهج الاعتدال والانفتاح سبيلا لنهوض لبنان. واتحاد الغرف معكم أكد أن الطريق الاقصر للنجاح هو أن نبني جميعا ومعا.
أشكركم مع كل تقديري على عاطفتكم النبيلة نحوي.
إن حضوركم يعكس اصراركم على اعتماد المصارحة والحوار لإرساء أسس النهوض.
وإنها مناسبة لكي أتوجه بتحية التقدير الى فخامة الرئيس العماد ميشال عون على رعايته للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، وعلى مساعيه لإقامة دولة المؤسسات.
كما أتوجه بتحية العرفان الى دولة الرئيس الاستاذ نبيه بري الذي احاط المجلس الاقتصادي والاجتماعي منذ تأسيسه بالدعم فاتحا ابواب المجلس النيابي أمامنا لتبادل الآراء والتنسيق.
ولا يسعني الا أن اذكر الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي أولى هذا المجلس عناية خاصة.
وهنا اسمحوا لي بأن أتوجه بكل الشكر الى أخي الريس محمد شقير على هذه الالتفاتة، وهو السباق في مبادراته، والحامل طموحات الشباب، والامين على نهج هذه الغرفة، التي هي بيت العطاء للوطن، وبيت الوفاء لمن اعطى الوطن.
وشكري الجزيل لأسرة اتحاد الغرف ولكل الهيئات الاقتصادية ولأركانها الذين أثبتوا دوما أنهم عماد أساسي في إنعاش بلدنا رغم الصعاب والتحديات، ولنا خير المثال الصديق الكبير معالي الرئيس عدنان القصار.
وشكري الخاص لرئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الصديق شارل عربيد لكلمته القيمة والصادقة. مرة اخرى اهنئه وأسرة المجلس الجديدة، بالاخص رفيق الدرب الاستاذ سعد الدين حميدي صقر متمنيا لهم التوفيق والنجاح في مهماتهم.
وشكرا صادقا للحضور الكريم على عاطفتهم ودعمهم لي.
بيني وبين المجلس الاقتصادي والاجتماعي حكاية:
في الخمسينات من القرن الماضي بدأت المطالبة به.
ومعنا تحول من الحلم الى الواقع.
بين العام 2000 والعام 2003 تم التأسيس.
وعملنا في وقت واحد على التجهيز والتنظيم، وعلى إطلاق مسيرته على خطين:
– في الداخل: تشكيل اللجان، ودرس المشاريع، واقتراح الآراء وإعداد الدراسات.
– في الخارج: بنينا جسور التواصل مع المجالس الاقتصادية والاجتماعية في الدول الاخرى للاستفادة من خبراتهم.
في العام 2003 إنتهت الولاية، ولما حالت التجاذبات السياسية، دون تعيين هيئة عامة جديدة للمجلس حتى اواخر 2017، وجدت نفسي امام خيارين: اما الانكفاء تماما”، واما الاستمرار في تسيير أعماله للمحافظة على وجوده، فاخترت طوعا” تأمين الاستمرارية حفاظا” على الأمانة التي وضعت بين ايدينا وتجسيدا” لإيماني بان هذا المجلس هو حاجة وضرورة.
كما حرصت على أن لا يكون مقعد لبنان شاغرا في الخارج، فشاركت في مؤتمرات المجالس الاقتصادية والاجتماعية الدولية والعربية. وأثمر ذلك تأمين الدعم لبلدنا، وتزويدنا الخبرات والاستشارات لتطوير امكانات المجلس عند عودة انطلاقه.
وقد تجلى ذلك من خلال الزيارات التي قام بها رؤساء وكبار المسؤولين من المجالس الاقتصادية والاجتماعية في الخارج وممثلي المؤسسات والمنظمات الدولية، الذين زاروا لبنان، بدء من رئيس الاتحاد الاوروبي للمجالس الاقتصادية والاجتماعية ورئيس المجلس الفرنسي، ورؤساء المجالس العربية، ومدير عام منظمة العمل العربية في جامعة الدول العربية.
كما بادرنا الى تأسيس رابطة المجالس العربية التي عهدت الي رئاستها في العام الماضي.
ولأننا نؤمن جميعا بأهمية التنسيق والتعاون على الصعيد العربي، لا بد من ترسيخ دور لبنان الطليعي في هذه الرابطة الى جانب ذلك، كنت اصدرت مع مجموعة من الخبراء وأصحاب الاختصاص كتابين الاول في العام 2007 والثاني في العام 2016 بعنوان “نهوض لبنان، نحو دولة الإنماء” وقد جرى إطلاقه من السراي الحكومي بحضور دولة الرئيس تمام سلام.
ويدي ممدودة للجميع كي نتابع معا تطوير تلك المقترحات للخروج من المعاناة الاقتصادية والاجتماعية وللدخول في النهوض والتقدم”.
تكريم نسناس
بعد انتهاء الرئيس الحريري من القاء كلمته، قدم شقير والرئيس الحريري درع اتحاد الغرف اللبنانية الى نسناس تكريما له على كل الاعمال والانجازات التي حققها خلال توليه رئاسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
تكريم الرئيس الحريري
بعد الانتهاء من الحوار سلم شقير الرئيس الحريري درع اتحاد الغرف اللبنانية بمشاركة رؤساء الغرف، كعربون محبة ووفاء للرئيس الحريري وتقديرا لكل انجازاته الاقتصادية.
ثم انتقل الرئيس الحريري وجميع الحضور الى نادي الاعمال في الطابق الثالث لتناول طعام الغداء.