اما وقد تلاشى اي امكان للشك في ابعاد ازمة مرسوم الاقدمية وخرج المستتر الى العلن، بعدما تسلل عمدا الى الحلبة الحكومية موجهاً رسائل “الى من يعنيهم الامر”، فإن شرارة الاتهامات المتبادلة اندلعت بين قطبي النزاع مستهدفة الاستحقاق الانتخابي من نافذة الاصلاحات التي يطالب بها فريق واسع من اللبنانيين يتقدمه التيار الوطني الحر وآخر يقف في المرصاد متذرعا بضيق الوقت.
وعلى رغم اصرار المسؤولين في مختلف مواقعهم على تأكيد اجراء الانتخابات في موعدها، ثمة من يصرّ على انها في دائرة الخطر. ففي اعقاب موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امس الاول الذي جدد فيه الاشارة الى ان الانتخابات حاصلة في موعدها، ومداخلة رئيس الحكومة سعد الحريري في جلسة مجلس الوزراء امس قائلا” أنّ الخلافات حول بعض الإصلاحات في قانون الانتخاب والأمور التقنية تستنزف الوقتَ لكنّها لن تعطّل إجراء الانتخابات، وأنّنا سنذهب إليها في أيار المقبل مهما كانت الظروف”، أطلّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري ليتحدث عن معلومات يملكها “بأن هناك من لا يريد الانتخابات داخليّاً وخارجيّاً”، رافضا عودة قانون الانتخاب إلى مجلس النواب، لأن “أي بحث في تعديل القانون قد يطيّر الانتخابات برمّتها”، مستندا بذلك الى ما أبلغه به وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق قبل اجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة تطبيق قانون الانتخاب عن استحالة إنشاء مراكز “الميغاسنتر” المخصّصة لاقتراع المواطنين في أماكن سكنهم، وعن الحاجة إلى تعديل 11 بنداً من قانون الانتخاب إذا ما قرّرت القوى السياسية السير فيها.
واذ يذهب الرئيس بري في تخوفه من السعي الى تطيير الاستحقاق، كما تشير اوساط سياسية لـ”المركزية” الى اعتبار ان ثمة من يدفع في اتجاه تأجيل الانتخابات عاما واحدا لينتخب المجلس النيابي الجديد رئيس الجمهورية العتيد في العام 2022، استنادا الى الحسابات الزمنية، الى جانب ما يصنفه في خانة معطيات عن رغبة دول معيّنة معنية بالشأن اللبناني بعدم اجراء الانتخابات على اساس القانون الجديد كونه لا يخدم مصالحها، الا بإدخال تعديلات الى متنه، تستغرب مصادر سياسية في التيار الوطني الحر عبر “المركزية” محاولة الايحاء بأن التيار الوطني الحر يريد اطاحة الانتخابات، خصوصا ممن يعرف تمام المعرفة نهج التيار خلال السنوات الماضية ونضالاته في مواجهة التمديدات المتتالية للمجلس النيابي، وقدم طعنين امام مجلس شورى الدولة لابطال التمديد في حين قبل به على مضض في المرة الاخيرة نزولا عند رغبة القوى السياسية وتحت وطأة ضرورة اقرار قانون انتخابي، ينقل الاستحقاق الديموقراطي البرلماني الى حقبة جديدة على غرار الدول المتطورة ويلبي طموحات اللبنانيين نحو الحداثة وعدالة التمثيل.
وفي معرض دفاعها عن وجهة نظرها، تؤكد اوساط التيار ان التمسك بالاصلاحات والتعديلات لا يعكس في اي شكل رغبة في تطيير الانتخابات بل تحصينها لينال اللبنانيون من خلالها حقوقهم وحريتهم في الانتخاب في مكان سكنهم، مذكّرة بأن القانون الجديد يُلزم الحكومة انجاز البطاقة الممغنطة، واذا لم تنجزها، يتوجب عليها أن تتقدم بمشروع قانون لتعديل هذه المادة تلافيا للمخالفة، على أن يتضمن ضرورة انجازها في الاستحقاق المقبل، وخلاف ذلك يفتح الباب على الطعن بالانتخابات ونتائجها. وختمت: اذا كان من مشكلة لدى الفريق الآخر تتصل بنتائج الانتخابات وما قد تفرزه من واقع سياسي جديد فلا يحاولن أحد رمي كرة ارجاء الاستحقاق في ملعبنا، فيما المشكلة لديه.
المركزية