«عمليّة انتحارية ناجحة»، هكذا اختصر وزير الداخلية نهاد المشنوق الانقسام، خلال اجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة بإجراء الانتخابات النيابية، حول إقامة «الميغاسنتر». أزمة جديدة ولدت أمس، تضاف إلى أزمة مرسوم الأقدمية، تهدّد الاستقرار السياسي والانتخابات النيابيّة المقبلة
فيما لا تزال أزمة مرسوم الأقدمية لدورة عام 1994 مندلعة بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري من جهة والرئيس نبيه برّي من جهة أخرى، برزت أزمة سياسية جديدة أمس خلال اجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة بتطبيق قانون الانتخاب، بعد استعار الخلاف حول إنشاء مراكز «الميغاسنتر» لاقتراع المواطنين في غير أماكن سكنهم.
وعلى رغم أن جميع القوى السياسية تؤكّد حرصها على إجراء الانتخابات في موعدها، بدت الأزمة الجديدة تهديداً جديّاً للاستحقاق الانتخابي، خصوصاً في ظلّ الانقسام الحاد الذي سجّل خلال الجلسة بين رافضي «الميغاسنتر» ومؤيّديه، وما نقله وزراء شاركوا في الاجتماع عن لسان وزير الخارجية جبران باسيل قوله إن «الخلاف يهدّد بأزمة كبيرة»، وتصريحه بعد اجتماع تكتّل التغيير والاصلاح عن أن «إسقاط إصلاحات قانون الانتخاب يؤدي إلى الطعن بنتائجه».
وسُجّل انقسام حاد خلال جلسة اللجنة، بعد أن أعاد باسيل طرح مسألة «الميغاسنتر» على خلفية الاصلاحات الجديدة في القانون الانتخابي وضرورة تحقيقها، خصوصاً أن البطاقة الممغنطة سقطت من حسابات اللجنة الانتخابية في الأشهر الماضية، بسبب ضيق الوقت لاعتمادها وكلفتها المرتفعة، والخلاف لاحقاً على طريقة التلزيم للشركات المتخصصة في إصدارها.
وبعد اعتكاف اللجنة عن الاجتماع بسبب المماطلة ولاحقاً بسبب أزمة الرئيس سعد الحريري وإجباره على تقديم استقالته في السعودية، تغيّرت مواقف بعض القوى من مسألة «الميغاسنتر» ومسألة التسجيل المسبق، إذ انقسم الوزراء أمس بين رافضٍ لهذه الخطوة ومؤيّدٍ لها؛ فاقتراح باسيل لقي دعماً من الحريري والوزير بيار بو عاصي والوزير طلال أرسلان الذي كان قد رفض سابقاً «الميغاسنتر»، فيما اتخذ الوزراء علي حسن خليل ومحمد فنيش وعلي قانصو ويوسف فنيانوس وأيمن شقير موقفاً معترضاً على طرح باسيل، بسبب ضيق الوقت وصعوبة تنفيذ الخطوة في الأشهر المقبلة. في المقابل، أعلن باسيل تأييده لخطوة التسجيل المسبق للناخبين الراغبين الاقتراع في أماكن سكنهم، بعد أن رفض التيار الوطني الحرّ هذا الأمر مراراً في الماضي، ما سببّ أزمة في حينها داخل اللجنة وخارجها.
وأمام المواقف المتضاربة، أكّد وزير الداخلية نهاد المشنوق، خلال الاجتماع، أن هناك صعوبة فائقة لإقامة «الميغاسنتر» بسبب ضيق الوقت أمام المهل الانتخابية. وقال أمام الوزراء: «إن أردتم أن نقيم الميغاسنتر الآن، فلا مشكلة، أنا مستعد. لكن الوقت ضيق ولا نملك أكثر من منتصف شباط لتحقيقها، وإن أصررتم فإن هذا الأمر بمثابة عمليّة انتحارية، لكنّها عملية انتحارية ناجحة». وبعد تمسّك الوزراء بموافقهم، أكّد مصدر وزاري مشارك أن باسيل أكّد في ختام الجلسة أن هذا الخلاف قد ينتج أزمة سياسية كبيرة، متّهماً الأطراف المعترضة بالانقلاب على الاتفاق المسبق حول الاصلاحات في القانون الانتخابي لناحية البطاقة الممغنطة و«الميغاسنتر». كلام باسيل استدعى ردّاً من خليل وفنيش، وتأكيد الوزيرين على أن أحداً لم ينقلب على أيّ اتفاق، لا سياسيّاً ولا تقنيّاً، لكنّ المماطلة في تنفيذ الاصلاحات أوصلت الأمور إلى هذه النقطة، وأن «ما يحصل اليوم هو مضيعة للوقت وتهديد للانتخابات».
تطورات الجلسة حضرت مساءً في عين التينة، حيث أفرد رئيس المجلس النيابي مساحة للتعليق عليها أمام زوّاره. وبدا بري أمس ممتعضاً ممّا سمّاه خلق أزمة جديدة في القانون، لتهديد الانتخابات النيابية. وقال برّي إن «أحد الأطراف كان يعارض التسجيل المسبق والميغاسنتر، والآن يؤيّدها. عجيب!»، وسأل «هل المطلوب إيجاد عراقيل؟». وأكّد برّي أن «لا أحد يستطيع أن يوقف الانتخابات، ولا الخلاف داخل اللجنة». وشرح كيف أن وزير الداخلية زاره وأطلعه على أن ما يطالبون به لتعديل قانون الانتخاب يفرز 11 تعديلاً على القانون، مؤكّداً: «رفضت الأمر جملةً وتفصيلاً، لأن الخوض في تعديل واحد سيؤدي إلى نسف القانون برمته، وموقفي كرّره وزير الداخلية في اجتماع اللجنة، وقال لهم إذا أردتم أن أبلع الموسى سأبلعها، ونقل اعتراضي إلى اللجنة». وأعرب رئيس المجلس عن خشيته من «أن يكون هناك من يحاول تعطيل الانتخابات وليس تأجيلها أو تعديل القانون، وليكن معلوماً أن هذه الانتخابات ستحصل في مواعيدها»، مضيفاً: «خلِّ كل واحد يكشف عن زنودو ويروح على الانتخابات». وأكّد أن «قانون الانتخاب يحمي إجراء الانتخابات، والبند الأخير الوارد في القانون المتعلق بحصول الانتخابات حتى لو لم يكن هناك بطاقة بيومترية واضح»، وكرر أن «هذه الانتخابات ستحصل في موعدها، وغير وارد أي تلاعب، لا بالانتخابات ولا بالقانون».
وحول مسألة مرسوم الأقدمية، أكّد برّي أنه ليس هناك أيّ جديد، والخلاف على حاله، و«كلّ طرف يعرف موقفه ويتمسك به، وأنا ناطر، ولست في وارد التراجع أمام ما يتعلق بالدستور والحقوق. ولو كانت الازمة سياسية فحسب، لكان بالإمكان حلّها».
بدوره، قال الحريري، خلال اجتماع كتلة المستقبل النيابية: «أقوم بدوري بما خصّ مرسوم الضباط وفق الدستور، وغير معنيّ بما يشاع عن اقتراحات تبقى من نسج مخيّلات إعلامية».
(الأخبار)