انضمت أزمة عمال الكهرباء المضربين عن العمل منذ بضعة أيام مسببين الظلمة للعديد من المناطق اللبنانية في الجنوب والجبل والشمال، الى ازمة مرسوم اقدمية دورة الضباط ليزداد الوضع السياسي تعقيدا، على أبواب انتخابات اقترب موعدها في السادس من مايو، ولم تكتمل عدتها. أكان على صعيد التحضيرات أو التحالفات.
وأكثر من ذلك، يبدو أن الازمتين تنتميان الى جذر واحد، وهو الكباش القائم بين رئاستي الجمهورية ومجلس النواب، منذ الانتخابات الرئاسية، فمرسوم الاقدمية لدورة «ضباط الانصهار الوطني» كما سميت رسميا، او «دورة عون» كما يصفها فريق رئيس المجلس نبيه بري، تائه داخل الممرات القانونية والدستورية المتشبعة، والمتعاكسة، بين رئاستي الجمهورية والمجلس. الرئاسة تعتبر المرسوم مكتمل الاركان والشروط وبالتالي نافذ، ورئاسة المجلس تعتبره منقوصا، بغياب توقيع وزير المال، الى جانب عدم نشره في الجريدة الرسمية، بتريث من رئيس الحكومة.
و«حبل السرة» الذي يؤمن الترابط بين الازمتين يتمثل في كون الجهتين السياسيتين المتنازعتين حول مرسوم الضباط، هما بذاتهما محورا الصراع، رئاسة الجمهورية عبر التيار الوطني الحر ووزرائه، ورئاسة مجلس النواب عبر حركة أمل ووزرائها ايضا، في مرسوم الضباط، يشكل وزير المال علي حسن خليل رأس حربة الرئيس نبيه بري، بمواجهة رئاسة الجمهورية، وفي ازمة عمال الكهرباء، نجد الوزارة عينها او الوزير عينه، في مواجهة وزراء التيار الحر وتحديدا وزير الطاقة سيزار ابي خليل المعني بالمشكلة مع عمال الكهرباء المضربين، مطالبين بحقوق مالية «اكلتها» سلسلة الرتب والرواتب، اضافة الى حجب التمويل عن شحنات الوقود لمعامل الكهرباء بالطاقة لاسباب قانونية لا تبرر العجز عن معالجتها، وبالتالي عن التسبب في نشر العتمة في العديد من المناطق اللبنانية.
وتقول اذاعة لبنان الحر الناطقة بلسان القوات اللبنانية ان جزءا من ازمة الكهرباء، عائد إلى الخفة في التعاطي مع قانون سلسلة الرتب والرواتب من خلال التخبط في موضوع شمول السلسلة عمال وموظفي المؤسسات العامة،حيث ضاعت الطاسة بين وزيري المال والطاقة، وتعميم رئيس الحكومة بضم المؤسسات العامة إلى السلسلة. وإذ بالمشكلة تحصل في مؤسسة كهرباء لبنان دون المؤسسات الأخرى.
وزير الطاقة سيزار ابي خليل اعتذر للمواطنين المتضررين، معتبرا ان الوصاية المالية ليست بيد وزارته، وبالتالي فإن الحل لا يقتصر على وزارة الطاقة، بل يتطلب تضافرا للجهود، وانه على تواصل مع وزير المال.
رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط غرد أمس سائلا عن المسؤول عن انقطاع الكهرباء عن بلدة بعقلين، كبرى بلدات الشوف؟ عطل مفاجئ او شيء آخر؟… لم نسمع من كهرباء لبنان اي تفسير، علما ان الطقس لم يكن بهذه القساوة؟..»
في تقدير الأوساط السياسية المتابعة لـ «الأنباء» انه في ضوء ما يبدو من «تلازم» بين أزمة الكهرباء، التي هي ضمنا أزمة بين وزارة الطاقة «العونية» ووزارة المال «الأملية» وبين أزمة مرسوم أقدمية الضباط العالق بين الرئاستين الأولى والثانية، فإن حل أزمة إضراب عمال الكهرباء المسبب للعتمة في مناطق لبنانية عديدة، مرتبط سياسيا بحل أزمة مرسوم أقدمية الضباط، التي مازالت تتفاعل سلبيا، وقد بلغت أشدها أمس، اثر تسرب كلام حاد للرئيس نبيه بري، خلال لقائه المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع في عين التينة، حيث أكد مجددا انه اقترح على الرئيس سعد الحريري استدعاء وزير المال علي حسن خليل اليه ليوقع مرسوم الأقدمية فتنتهي القصة، نافيا تعمده الصدام مع العهد ومؤكدا حرصه على العهد وسيده.
وقال بري: ان مشكلة «المرسوم» دستورية لكن هناك من يحاول إدخال العامل الطائفي إليها، «وأنا أنصحه بألا يلعب هذه اللعبة معي»، لافتا الى وقوف كبار رجال القانون والدستور معه وسمى منهم: الرئيس السابق لمجلس النواب حسين الحسيني والوزراء السابقين: بهيج طبارة وأدون رزق وابراهيم نجار وصلاح حنين.
بري قال ان المشكلة ليست مع الرئيس عون بل مع «البلاط» اي مع من هم على مقربة منه وهذا ما كان يحصل سابقا مع الملوك الذين إذا اتخذوا قرارات خاطئة حُملت المسؤولية الى رجال البلاط او الحاشية.
ولفت بري بحسب زواره الإعلاميين الى انه ما كان يريد التطرق الى هذا الأمر مؤثرا معالجته بهدوء، لكن حين سمع الرئيس عون يتحدث من بكركي يوم عيد الميلاد عن أحقيته في توقيع المرسوم ومعه رئيس الحكومة وحدهما مع دعوته المعترضين للذهاب الى القضاء، وإشارته الى عدم اختصاص وزير المال في هذه القضية قرر التدخل ووضع النقاط على الحروف.
التوقعات تتحلق حول المبادرة المرتقبة هذا الاسبوع، من الرئيس الحريري لحل أزمة مرسوم الضباط، ويبدو ان المدخل للحل، يكون بوقف إضراب عمال الكهرباء، الممتنعين عن إصلاح الأعطال وعن تزويد معامل الكهرباء بما فيها الباخرتان التركيتان «فاطمة غول» و«أورهان بيه» المهددتان بالتوقف عن الإنتاج اليوم الاثنين بسبب نفاد مادة «الفيول اويل» وهما تنتجان 400 ميغاوات يوميا.
(الانباء الكويتية)