فقدنا جولة ولم نخسر الحرب.. وصامدون في قيادة المعسكر الوطني ومواجهة المشروع الإيراني في لبنان” بهذه الكلمات لخص وزير العدل اللبناني السابق والسياسي السني البارز أشرف ريفي وضعه ووضع غيره من قيادات معسكر “14 آذار”، وتحديدا الموالية منها بقوة للمملكة العربية السعودية، في أعقاب تراجع رئيس الوزراء سعد الحريري عن استقالته.
وحذر من أن أي تعاون انتخابي بين الحريري وبين من كانوا خصومه بالماضي القريب، بمعسكر “8 آذار”، بما في ذلك التيار الوطني الحر وربما حزب الله، قد يؤدي لاستنزاف شعبيته وشعبية تيار المستقبل الذي يتزعمه.
وقال ريفي، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية: “الجميع يرصد تنسيقا مباشرا بين الحريري وتياره وبين الوطني الحر، ونعتقد أن هذا سيثمر تحالفا انتخابيا وسياسيا بينهما للانتخابات البرلمانية القادمة”، معتبرا أن “مجرد الحديث حول مثل هذا التحالف أفقد الحريري نصف جمهوره في الشارع السني، ولو استمر على هذا الحال سيستنزف شعبيته بالكامل”.
وشدد: “الجمهور لن ينسى أن من أسقط حكومة الحريري عام 2011 عندما كان الأخير في زيارة للولايات المتحدة كان هو هذا الحليف الجديد … وهو ذاته من ردد مرارا أن رفيق الحريري ليس شهيد الوطن بل مجرد فقيد لعائلته، فضلا عن مشاركته بإصداره كتاب الإبراء المستحيل والذي شكك في نزاهة السياسات المالية لحكومات الحريري وتياره”.
وحذر ريفي (63 عاما) الحريري وباقي قيادات المستقبل من عواقب السير إلى ما هو أبعد من ذلك بالتنسيق أو التحالف مع حزب الله، ولو على نحو غير معلن، معتبرا أن ذلك سيكون بمثابة الانتحار السياسي له.
وقال: “هناك لقاءات مباشرة بين حزب الله والمستقبل، ولكننا لا نعرف إن كانت ستؤدي لتحالف انتخابي بينهما… الوقت لا يزال مبكرا للحكم… ولكننا نرجو أن لا يقدم على ارتكاب هذه الخطيئة الكبرى… فالمتهمون في قضية اغتيال رفيق الحريري من حزب الله، وبالتالي فإن التحالف مع الحزب على هذا النحو سيعد انتحارا سياسيا ومجتمعيا”.
واستبعد ريفي ما يتردد عن أن الحريري، في إطار امتنانه للأطراف التي وقفت بجواره في أزمة الاستقالة، سيسعى لتشكيل تحالف خماسي يضم تياره المستقبل والتيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل بقيادة نبيه بري والحزب التقدمي الاشتراكي بقيادة وليد جنبلاط.
وأوضح: “برى سيكون بموقع الوسط، فهو ليس على توافق مع التيار الوطني وهناك خلافات دائمة بينهما… أما جنبلاط فنأمل أن يعيد النظر بموقعه كما كان الحال في 2005 …جنبلاط يبدو وكأنه يتموضع مع ما يناسب المرحلة أمنيا ويريد أن يحمي طائفته وجمهوره”.
وبالرغم من إقراره بوجود تقدم للفريق الآخر على الساحة السياسية بما قد يؤثر على الحسابات الانتخابية، يصر ريفي على أن تلك النتيجة لم تأت نتيجة أخطاء قيادات قوى 14 آذار أو من أبرز داعميهم السعودية خلال أزمة استقالة الحريري.
وقال :”نحن اعتبرنا لحظة الحرية القصوى للحريري هي لحظة استقالته لكونه كان أسيرا لحزب الله، ولكنه بكل أسف عاد بقرار ذاتي لهذا الأسر وأضاع فرصة ذهبية… ولكن يبدو أنه لم يكن قاطعا في شأن الاستقالة، ولذا تراجع عنها بعد ذلك”
وأضاف :”ليس هناك أخطاء… وليس صحيحا أن الجمهور السني يشعر بالمرارة تجاه السعودية في أعقاب تلك الأزمة … هناك فقط محاولات من قبل حزب الله وأتباعه لتوتير العلاقة بين سنة لبنان والسعودية ولكنها لن تجدي نفعا، فالمواطن السني بلبنان لا يزال يتطلع بإيجابية كاملة للسعودية كمرجعية دينية وسياسية”.
ولم ينكر ريفي، الذي يعد المنافس الأبرز للحريري في قيادة القوى السياسية السنية بلبنان، أنه سيكون المستفيد من إعادة رسم الحريري لخريطة تحالفاته على قاعدة تصفية الحسابات مع من اتسم دوره بالسلبية ضده قبل وخلال أزمة الاستقالة.
وأكد :”هذا سيصب في مصلحة كل القوى السيادية، وقوى ما كان يعرف بتحالف 14 آذار لأن التحالف انتهى… وطبيعي أن أعمل على التحالف مع من يبدو أن الحريري قد تخلى عنهم بعد سنوات طويلة… بل أنني سأدعوهم لتشكيل تحالف سياسي لخوض الانتخابات ومن ثم كتلة نيابية وازنة تكون قادرة على مواجهة المشروع الإيراني والفساد … وسبق أن خضنا الانتخابات البلدية في طرابلس وانتصرنا عليهم جميعا”.
وأوضح :”نحن في تحالف مع حزب الكتائب بقيادة سامي الجميل ومع الوطنيين الأحرار بقيادة دوري شمعون، وندعو كل القوى السيادية وفي مقدمتها حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع للالتحاق والاصطفاف معنا”.
وأردف: “وزراء القوات يقومون بدور فعال في الحد من الفساد في تلك الحكومة التي يهيمن عليها حزب الله، مثلما يهيمن على كل الوضع اللبناني بعد التسوية الرئاسية التي قبلتها قوى عدة بـ 14 آذار أملا في أمن واستقرار لم يتحققا … ولكننا نأمل أن يخرجوا مختارين منها بسرعة قبل أن يخرجهم الفريق الآخر وأيضا حتى لا يتحولوا لشهود زور على الفساد”.
ولم يبد ريفي اعتراضا كبيرا حول الطرح بأن الطلاق بين الحريري وجعجع قد لا يكون نهائيا، وأن تتوسط دول إقليمية في مقدمتها السعودية لإزالة التوتر الكبير بين الرجلين عقب ما تردد عن ضلوع جعجع وشخصيات من داخل المستقبل في التحريض على الحريري لدى القيادة السعودية.
وقال: “هناك توتر كبير بين الحريري وجعجع، وبين الحريري ومكونات أخرى بتيار المستقبل… باختصار المشهد يحمل الكثير من التوتر… ولكن بالمستقبل كل شيء قابل للتغيير”.
وحول خريطة تحالفاته الداخلية بطرابلس ومدى إمكانية التحالف مع بهاء الحريري الذي تردد أن ثم مسعى من قبل السعودية لإحلاله محل شقيقه سعد في زعامة السنة سياسيا، أجاب :”بهاء الحريري خارج لبنان وخارج اللعبة والمناخ السياسي… أما عن طرابلس فلوائحنا ستضم وجوها جديدة ولن نتحالف مع القيادات التقليدية من أقطاب طرابلس″.
ولم يبد ريفي انزعاجا من محاولات قيادات التيار الوطني التوسع في طرابلس، وشدد على أن الشارع السني تحديدا والطرابلسي بوجه عام معارض للتوجه السياسي للتيار وبالتالي لا مكان لهم فيه، إلا باستثناء وجودهم أو تحالفهم مع بعض المتسلقين من أصحاب المصالح وهم بالنهاية غير فاعلين”.
ورفض تفسير البعض اعتبار انتقاده للقانون الانتخابي لكونه مفصلا لصالح حزب الله اعترافا مسبقا بشعبية الأخير، وقال: “بفضل القانون سيحصل الحزب على أكثر مما بحوزته من مقاعد… وانتقاد قانون فُصل على قياس الحزب لا يعني اعترافا بزيادة شعبيته … شعبيته ثابتة وهو يمسك بها بقبضة حديدية عبر الطرح الديني وما يسمى بالتكليف الشرعي وعبر السلاح وعبر الرواتب والأموال المتدفقة لعناصره”.
واستدرك: “لقد حاول الحزب غزو المناطق السنية في عرسال والبقاع عبر سرايا المقاومة، ولم يجد من يلتحق به سوى المرتزقة … وهو يحاول الآن اللعب على أوتار قضية القدس لكسب نقاط والطعن في الموقف السعودي … متناسيا أن المملكة هي من قادت منذ عام 2000 مبادرة حل الدولتين والتأكيد على أن القدس الشرقية عاصمة لفلسطين… وذلك في وقت لم نر أو نسمع فيه من حزب الله وإيران سوى أحاديث ومظاهرات شكلية”.
وحث ريفي الدول العربية على انتهاج سياسة المبادرة في التصدي لإيران ومحاولاتها للهيمنة على المنطقة والرد عليها بنفس وحجم لغتها، مشددا على أن قصف الرياض بصواريخ بالستية هو “إعلان حرب على المنطقة لا المملكة فقط، ويجب الرد عليه ليس فقط بدعم قوى المعارضة الإيرانية وإنما بقصف طهران”.