الاحتفال بعيد الميلاد في لبنان والعالم، تحوّل إلى موسم لتبادل الهدايا، وتجديد الأمنيات، والعمل على إدخال الفرحة إلى قلوب الناس، كباراً وصغاراً، على أمل أن يكون العام المقبل، أفضل من المنصرم!
في الخارج، تزدهر الأسواق، وتنشط المبيعات، وتسجّل الحركة التجارية أرقاماً قياسية، تتفوّق على أشهر السنة الأخرى، وتعمّ بركة العيد المجيد، كل العاملين في القطاعات الاقتصادية والتجارية، ويقطف الناس ثمرات الاستقرار والازدهار في بلدانهم.
أما في لبنان، فالحركة تكاد تكون عكسية: الجمود يُمسك بأعناق الأسواق، وحركة المبيعات على خجلها المعهود طوال أشهر السنة، والمؤسسات الاقتصادية والتجارية تنازع من أجل البقاء، واللبنانيون يكابدون البطالة والإفلاس، وأهل السلطة لاهون، إما في صفقات الكهرباء والنفط والنفايات، وإما في خلافاتهم المتناسلة، حول المحاصصة والمغانم.
ورغم هذا الواقع المقلق في حياة اللبنانيين، ما زال الكثيرون منهم، مع كل إطلالة ميلاد مجيد، يجددون الأمل بولادة جديدة للبلد، وللدولة التي أنهكها سرطان الفساد والمحسوبية، ويتمسّكون بحلم ميلاد وطن، يحاكي أماني الناس، ويلبي طموح الشباب في النهوض بالبلد، وإطلاق ورشة الإنماء والازدهار، بعد سنوات عجاف من التعثر والإرباك!
ولكن يبدو أن القدر يعاند أماني اللبنانيين وأحلامهم في وطن آمن ومستقر، يستعيد ازدهاره المفقود منذ عقود، إثر تلك الحرب المشؤومة، والتي ما زالت آثارها وندباتها تشوّه الجسم اللبناني، وتزيد البنية الوطنية تصدعاً، مع طبقة سياسية أخذت من العصبية الطائفية والمذهبية والمناطقية، مطيّة للحفاظ على زعاماتها، وفرض سيطرتها على عباد الله المساكين، والتفرّد بمقدرات البلد وثرواته.
ترى هل سيأتي اليوم الذي نحتفل فيه بميلاد وطن ودولة بمستوى حلم وطموح اللبنانيين؟
نون – عن جريدة اللواء