فتح موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره امس حيث قال “ان أزمة الاستقالة وعودة (رئيس الحكومة سعد) الحريري انتهت، لكنّ الأزمة السياسية بدأت”، شهية المحللين السياسيين على القراءة في طبيعة الازمة الجديدة بعدما انهمكوا طوال الايام الاربعة عشر الماضية في تحليل اوضاع الحريري الشخصية في المملكة. وفيما ذهب بعضهم الى طرح اسماء شخصيات سنيّة لتشكيل الحكومة جنح اخرون في اتجاه رسم صور اكثر سلبية بلغت حدود وضع العهد برمته على المحك.
اما في الوقائع الميدانية ووسط ترقب وصول الرئيس الحريري الى باريس المرجحة مساء اليوم تلبية لدعوة الرئيس ايمانويل ماكرون الذي يستقبله ظهر غد ويقيم غداء على شرفه، توقعت مصادر عربية في فرنسا عبر “المركزية” ان يطل الرئيس المستقيل الذي ستنتقل عائلته الى فرنسا ايضا للاقامة فيها بعد ترتيب اوضاعها، لا سيما ما يتصل بتسجيل اولاده في المدارس، للاعلان مجددا عن مضمون استقالته التي يتمسك بها ويؤكد المواقف نفسها التي اطلقها من المملكة، داحضاً نظرية وضعه في “الاقامة الجبرية”. وتشير الى انه سيجري في خلال لقائه مع الرئيس ماكرون جولة شاملة حول كل ما احاط باستقالته من ملابسات من لحظة مغادرته الى المملكة حتى وصوله الى باريس ويجري تقويما شاملا حول الوضعين اللبناني والاقليمي والسبل الكفيلة بإنهاء الازمات، من منطلق الاهتمام الفرنسي البالغ بالاستقرار السياسي والامني والاقتصادي في لبنان الرازح تحت وطأة النزوح السوري الثقيل وما قد ينتج عن اي انفجار على الساحة اللبنانية في ظل هذا الوجود، خصوصا ان فرنسا ومن زاوية اهتمامها بلبنان كانت طرحت عقد ثلاثة مؤتمرات لدعمه اقتصاديا وعسكريا واجتماعيا بات مصيرها في مهب الريح بعيد استقالة الحكومة. وتترجم فرنسا اهتمامها بالوضع اللبناني ايضا من خلال ارسال موفد رئاسي الى بيروت سيلتقي رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون. عارضا مبادرة تسوية لانهاء الأزمة ووضع حد لارتداداتها السلبية على علاقة لبنان بالمملكة العربية السعودية وسائر الدول العربيّة. واشارت الى ان لا لقاء للحريري مع الاعلاميين بعيد استقباله في الاليزيه.
اما في الجانب اللبناني، فتشير المصادر الى ان ابرة البوصلة السياسية ستنحو اعتبارا من الغد في اتجاه جوهر الازمة بعدما انتفى البحث في شكل الاستقالة بانتفاء السبب ما دام الحريري سيغادر المملكة، وتقول في هذا السياق ان عودة الامور الى ما كانت عليه، اي اعادة ضخ الاوكسيجين في عروق التسوية الرئاسية التي يتمسك بها الرئيسان عون والحريري يحتاج الى اجابات شافية على مجموعة الشروط التي حددها الحريري في مقابلته المتلفزة المتصلة بعودة لبنان الرسمي الى التزام سياسة النأي بالنفس التي خرقتها محاولات الدفع للتطبيع مع سوريا وانفلاش حزب الله في الدول العربية وعقد حوار وطني يبحث في الاستراتيجية الدفاعية وسلاح حزب الله من ضمنها.
لكن المصادر نفسها تتوقع ازمة سياسية طويلة في ضوء تشكيكها في قبول حزب الله بشروط الحريري وقدرة رئيس الجمهورية على اقناعه بالتزام النأي بالنفس ما دام الحزب يأتمر بالقرار الايراني، فهل يمكن للرئيس عون الحريص على نجاح عهده تقديم ضمانات تحيي التسوية وتعيد ترميم ما اصيب منها بسهام الاستقالة بفعل عدم التزام بند النأي بالنفس؟
المركزية