مفاعيل التريث والحكمة التي سادت في الأيام الأولى للأزمة، بدأت تتبدّد على إيقاع التصعيد المتزايد الذي ينتهجه الجانب اللبناني تجاه المملكة العربية السعودية.
المفارقة أنه كلما صدرت إشارة من الرئيس سعد الحريري مطمئنة لوضعه، وتسجّل نشاطه واستقبالاته الدبلوماسية، تصدر من الجانب الرسمي اللبناني خطوة استفزازية، ولهجة تصعيدية، وكأن المطلوب مقابلة خطوات الانفراج التي تتم في الرياض بمواقف وإجراءات إجهاضية، تزيد الأمور تعقيداً!
من الكلام المنسوب لرئيس الجمهورية، أمس، إلى الجولة الماراثونية التي يقوم بها الوزير جبران باسيل في العواصم الأوروبية، إلى عدم التعامل بجدية مع مضمون تغريدات الحريري، كلها مؤشرات تصبّ زيت التصعيد على نيران الأزمة، وتصبح معها أسوأ السيناريوهات واردة، بكل ما تحمله على أوضاعنا الهشة من تداعيات سلبية، بل واهتزازية، في شتى المجالات!
الإصرار على التصعيد المفتعل وزيادة الأمور تدهوراً، من الجانب اللبناني، يُعزّز الصورة النمطية المعروفة مؤخراً عن لبنان، في العديد من الدول العربية، التي تعتبر أن لبنان خرج من الحضن العربي، ووقع تحت هيمنة المحور الإيراني!
لبنان لا يستطيع أن يخوض في معركة مفضوحة ضد الأشقاء العرب، لأن كلفتها الباهظة وارتداداتها الاقتصادية والسياسية أكبر من أن يتحمّلها الوطن الصغير، والمنهك بأزماته الداخلية المتناسلة!
بالأمس، سامح الأشقاء الشقيق الأصغر على تصويته ضد الإجماع العربي، وتهرّبه من إدانة العدوان الإيراني على سفارة وقنصلية المملكة في إيران، ولكن ليس في كل مرّة تسلم الجرّة! خاصة عندما تمسّ التحدّيات الأمن القومي لدولة عربية كبرى!
نون عن جريدة اللواء