صحيح أن رئيس الحكومة “المستقيل” سعد الحريري قد رمى الكرة مجدداً في ملعب “حزب الله”، من خلال دعوته للعودة إلى سياسة النأي بالنفس كشرط للعودة عن استقالته وتشكيل حكومة جديدة، للاستمرار في التسوية السياسية القائمة في البلد منذ نحو السنة، إلا أن السؤال الكبير الذي يطرح بعد مواقف الحريري في مقابلته التلفزيونية أول من أمس، هل أن “حزب الله” وحلفاء إيران والنظام السوري، مستعدون لملاقاة الحريري في منتصف الطريق، من خلال العودة إلى التزام سياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن صراعات المنطقة ووقف الحملات على السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي؟
لا تبدو الإجابة عن هذه التساؤلات برأي أوساط سياسية بارزة كما تقول لـ”السياسة”، سهلة في الظروف الراهنة، بمعنى أن “حزب الله” الذي يتصرف وفق منطق المنتصر في ضوء ما يجري في المنطقة، ليس مستعداً لتغيير سياسته في الكثير من ملفات المنطقة الدقيقة، وبالتالي فإن دعوة الحريري للحزب، قد لا تجد صداها عند الأخير الذي يعتبر أن لديه مهمات لم تنته بعد في سورية والعراق واليمن، في ظل اشتداد الصراع الإيراني السعودي والذي ينذر بمضاعفات خطيرة، لن تسلم من تداعياتها الساحة اللبنانية، في حال استمرار الاشتباك بين طهران والرياض بالتصاعد.
وتشير المعلومات المتوافرة لـ”السياسة”، استناداً إلى ما تقوله الأوساط، إلى أنه وحتى لو عاد الحريري عن استقالته وجرت تسميته مجدداً لتشكيل حكومة، فإنه قد يبقى رئيساً مكلفاً مدة طويلة، لأن الحزب ليس في وارد أن يسلم بخيارات الحريري التي يعتبرها دفتر شروط سعودياً يريد رئيس “المستقبل” أن يلزمه بها، وبالتالي فإن “حزب الله الذي يتغنى بانتصاراته في لبنان وخارجه، ليس في وارد أن يعطي الحريري ما يريد ويخفض من سقف المواجهة التي يخوضها ضد المملكة ودول مجلس التعاون، بتكليف إيراني، ما يعني أن الأزمة ستستمر وستكون مفتوحة على شتى الاحتمالات، إذا أصرّ “حزب الله” على المضي في سياسته ولم يلاق الحريري في منتصف الطريق، حرصاً على مصلحة لبنان وشعبه.
وتؤكد المعلومات نقلاً عن الأوساط السياسية نفسها، أن لا مؤشرات تدعو للتفاؤل بإمكانية تطويق تداعيات الأزمة المستفحلة بين السعودية وإيران على لبنان المرشح لأن يستمر ساحة من ساحات المواجهة بين القوتين الإقليميتين.
(السياسة)