أعرب مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أمام زواره عن تقديره لموقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بالتريث والتروي في معالجة الأزمة التي يمر بها لبنان بعد استقالة الرئيس سعد الحريري، وأمل من جميع القوى السياسية “أن تتحلى بالمزيد من الصبر والحكمة لحل هذه القضية الوطنية”.
وفد “التيار الوطني”
واستقبل المفتي في دار الفتوى وفدا من “التيار الوطني الحر” برئاسة رئيسه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الذي قال بعد اللقاء: “من الطبيعي اليوم أن يقوم التيار الوطني الحر من خلال وفد يمثل كل ألوان التيار بزيارة لدار الإفتاء، باعتبار هذه الدار ليست مرجعية روحية فقط، بل مرجعية وطنية بالأداء الذي تقوم به، وهذا ما يجعلنا نرجع إليها في وقت الأزمات، وثانيا لأنه صدر عن هذه الدار أول موقف إعلامي يوم السبت، أشعر اللبنانيين كلهم بأنهم ممثلون من خلاله، عندما عبر عن المفاجأة والصدمة والقلق عند كل اللبنانيين مما حصل، وطرح الأزمات الموجودة التي تشغل بالنا كما هي، من ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، إلى خطورة الوضع الاقتصادي، وموضوع النازحين الذي قدمه بطريقة يتفق عليها كل اللبنانيين، وما شهدناه في اليومين الماضيين”.
وأكد “أن مواقف سماحته تجمع شعور كل اللبنانيين السلبية باعتبار أن ما حصل يشير إلى أننا في أزمه، إلا أن هناك إيجابية واضحة ظهرت، هي أن اللبنانيين اتحدوا جميعا بشكل عفوي جدا، فنحن أمام لحظة وطنية كبيرة، وكلنا نقول إن هذه الأزمة يمكن تحويلها إلى فرصة حقيقية، بتكاتفنا بعضنا مع بعض. اليوم لا فريق أو مكون أو طائفة في أزمة، كل اللبنانيين في أزمة وكلهم مصابون، وأي محاولة لتصوير ما يحصل بأنه يتحقق لحساب أحد على حساب الآخر، نقول: إننا كلنا خاسرون من جراء الحاصل، وكلنا سويا سنستعيده بتكاتفنا حتى نخرج منه، اللبنانيون جميعهم يسألون عن الغد، ولكن يوما بعد يوم يتبين لنا أن كل الوضع الأمني والاقتصادي والمالي بمؤشراته الأولى، تظهر أن وحدة اللبنانيين تغلبت على كل الأزمة التي استجدت علينا، وأعتقد أننا قادرون على الخروج منها، إذ ليس لدينا سوى حل واحد، هو يقيننا بأننا كلنا معنيون، وكلنا معا لن نسمح بأن تحل الفرقة بيننا، كلنا معا لن نسمح بوجود أي شعور خاطئ عند أحد منا، وأي موقف خارج هذا السياق يدين نفسه، أعتقد أن أكثر اللبنانيين اليوم يريدون استقرارا وسلاما وازدهارا ووحدة وطنية، وكل موقف يأتي بعكس هذا يخرب على اللبنانيين الذي يريدونه”.
وشدد على أن “اللبنانيين يريدون للحال الذي كنا نعيشه معا في المرحلة الأخيرة أن يستمر، وما وقع من أخطاء يجب أن يصحح بالتفاهم، ما حكي عن تسوية هو ماذا؟ هو أن نحل كل شيء بالتفاهم، نحن واعون لما فعلناه وما أنجزناه، واعون نحن ودولة الرئيس الحريري ماذا علينا بعد أن نعمل معا. نعمل معا لنعالج كل ما نحققه بالتفاهم، وكل شيء نذهب إليه بالقسمة ولو ربحناه يكون خسارة، وبهذا التفاهم ننتقل من مرحلة إلى مرحلة لننجز أكثر”.
وختم: “ليس عندنا ما نقوله أكثر من هذا، إجماع اللبنانيين اليوم ووحدتهم حول السلام الذي كان سائدا بينهم، والاستقرار الذي بدأ يتطور للازدهار، يجب أن نحافظ عليه جميعنا، ومعا إن شاء الله نجتاز هذه الأزمة من دون أي خسارة”.
الجميل
كذلك استقبل مفتي الجمهورية الرئيس أمين الجميل الذي قال بعد اللقاء: “معروف موقع سماحة المفتي دريان على الساحة الوطنية ككل، ليس هو مفتي المسلمين فقط، إنما هو كذلك في موقع وطني رفيع، يحظى باحترام كل لبنان وكل الطوائف، ومن الضروري في هذا الظرف الصعب الذي يمر به البلد أن يكون بيننا تشاور لنستنير بأفكاره، ونتداول مخارج هذه الأزمة التي نعيشها اليوم. سماحته يعتبر نفسه للجميع، وأهم شيء بالنسبة إليه وحدة الصف اللبناني، خصوصا في مواجهة هذا الاستحقاق الصعب، وفي المحافظة على الاستقرار السياسي والأمني، والاستقرار الاقتصادي، وهذا ما أكدناه خلال الاجتماع، وضرورة التعاطي مع هذه المحنة بترو وانفتاح وبدون تسرع، كي نستطيع من جهة أن نحافظ على الاستقرار، ومن جهة أخرى أن نخرج من هذه الأزمة بحلول إيجابية بناءة، ونحن نعرف أنه عندما يكون هناك أزمات من هذا النوع فإن تضامن كل الجهود الطيبة يوصلنا إلى نتائج إيجابية تنقذ البلد من هذه المحن التي يتخبط بها”.
سئل: خلال لقائكم اليوم مع فخامة الرئيس ميشال عون، هل لمستم أن انفراجا ما سيحصل خلال الأيام المقبلة؟
أجاب: “من الطبيعي أن يكون ذلك، لأن هناك صورة ضبابية، بعد إبلاغ الاستقالة من خلال الإعلام ومن خارج البلد، فمن الطبيعي أن يتريث حتى تتضح الصورة عنده إن كان لجهة الأسباب أو لجهة الاستعدادات المستقبلية، ولا سيما أن موقع رئاسة الحكومة هو كما رئيس الجمهورية لكل لبنان، والموقع كذلك للسنة الذي لهم دور أساس فيه، لذلك يجب أن نأخذ هذا البعد في الاعتبار، كما كل الأبعاد الوطنية الأخرى، وأعتقد أن فخامة الرئيس أصبح عنده تصور، وهو ينتظر لتتبلور الصورة أكثر في الأيام المقبلة لاتخاذ الإجراء اللازم. أنا لا أعلم ما إذا كان هناك مجال للعودة عن الاستقالة وما مدى دستورية ذلك، أعتقد أنها استقالة نهائية، وما هي الأطر، لا سيما أننا قادمون بعد أشهر قليلة على انتخابات نيابية، والانتخابات النيابية هي محطة دستورية أساسية في البلد لا نستطيع التهاون بها، فكيف هي الطريقة للتحضر حتى تتم الانتخابات في مواعيدها الدستورية؟ هذا شيء يجب الوقوف عنده، وله علاقة بكل الحلول المتوقعة لمعالجة الأزمة الحكومية الراهنة”.
سئل: هل تتوقع عودة الرئيس الحريري إلى لبنان في الأيام المقبلة، خصوصا أنه اليوم في أبو ظبي؟
أجاب: “نحن نعيش مع الرئيس الحريري معاناته، ونعرف أن وضعه ليس سهلا، فقد اضطر إلى أن يأخذ هذا الموقف لأنه طفح الكيل، وأنتم تعلمون موقفنا من الأساس، بأنه كان عندنا تشكيك في ديمومة التسوية المعمول بها منذ سنة تقريبا، وتبين أن هذه التسوية كانت هشة، بدليل التطورات الأخيرة التي نعيشها اليوم، فلذلك هذا الموضوع يعالج بمسبباته. والأسباب التي أملت على الرئيس الحريري هذا الموقف ليست سياسية داخلية بحتة، إنما لها علاقة بمفهومه للسيادة، مفهومه لمصلحة لبنان العليا، لعلاقات لبنان العربية والدولية، كل هذا بالحسبان، وقد وصل الرئيس الحريري إلى مرحلة رأى أنه لن يستطيع المضي بهذا المنحى، فاضطر إلى أن يأخذ هذا الموقف، لذلك إذا أردنا معالجة الأزمة فيجب معالجتها من جذورها، انطلاقا من مسبباتها الوطنية، والعطل الذي كان موجودا بالأساس في هذه التركيبة التي كنا ننبه منها منذ البداية، لأن السيادة في البلد لا يمكن اجتزاؤها، إذ لا يوجد نصف سيادة أو ربع سيادة، إما أن تكون سيادة كاملة وإما لا سيادة، وإذا كان هناك إنجازات تحققت خارج الأراضي اللبنانية من المحيط إلى الخليج فهذا لا يعني أن لبنان سيدفع ثمن كل هذه الإنجازات، وإذا كان من فريق انتصر، من الممكن أن يكون انتصر في الخارج، ولكن لم ينتصر على لبنان، بالعكس نضع الانتصارات لمصلحة لبنان وسيادته واستقلاله ووحدته، ولمصلحة دوره والاستقرار الاقتصادي والأمني والسياسي، لذلك إذا لم يكن هناك هذا الوعي فلن تكون هناك هذه الوقفة المسؤولة من كل القيادات. نقول لبنان أولا، ونعطي الأولوية للبنان، إذا لم نأخذ هذا المنحى أعتقد أنه من الصعب أن نلاقي حلا للأزمة اللبنانية، خصوصا أن الرئيس الحريري بتصريح استقالته ركز على الناحية السيادية، ركز على وضع لبنان ليس فقط على الصعيد الداخلي بل كذلك على علاقاته العربية والدولية”.
وعن مشاركة حزب الله في حكومة جديدة، أجاب: “أنا لا أضعها في هذه الزاوية، أضعها في زاوية أخرى هي مفهوم واحد لكلمة السيادة والشراكة الحقيقية، الميثاق الوطني هو شراكة وطنية، هذه الشراكة نعلم تماما أنها كانت مختلة، والسيادة منقوصة، معروف أن كل هذه القرارات التي كانت تتخذ، تتخذ في رأينا على حساب لبنان وليس لمصلحة وحدة لبنان وعلاقات لبنان الداخلية والخارجية، فلذلك هذا الموضوع نأخذه من زاوية أخرى غير زاوية 14 و8، هذا كله تجاوزه الزمن، المفروض أن يكون هناك مفهوم واحد لكلمة السيادة، مفهوم واحد للوحدة الوطنية، مفهوم واحد لتصورنا للعلاقات العربية والخارجية للبنان”.
وسئل عن هدف زيارة النائب سامي الجميل للسعودية فرد: “كانت زيارة تعارف، شباب مع بعضهم، ولم تكن الأمور وصلت إلى هذه الحدة، لكن من المؤكد أنه استمع إلى أن هناك امتعاضا من المملكة من المنحى الذي تأخذه السياسة اللبنانية، وضرورة إصلاح هذا الأمر، وتحقيق المشاركة الحقيقية، وأن يتبع لبنان سياسة النأي بالنفس أو الحياد، وأن يكون على مسافة واحدة من كل الأشقاء والأصدقاء، ولا يكون مرتبطا بمحور على حساب آخر”.
سئل: يقال إن السعودية تعلن حربا على الحكومة اللبنانية؟
أجاب: “لا أريد الدخول في التفاصيل، لكن عندما يسقط صاروخ في العاصمة الرياض لا نعلم من أين مصدره، فمن المؤكد أنه ليس عمل صداقة ولا رسالة محبة، فكيف تفسرها السعودية أو أي دولة أخرى؟ هذا موضوع متعلق بهم، لكن المؤكد أن هذا العمل ليس عمل صداقة ولا عملا مسالما”.
أضاف: “حزب الله حزب لبناني، من شباب الشيعة اللبنانيين، لهم كل احترام، ونحن يهمنا أن يكون الوفاق بين كل شرائح الشعب اللبناني، وكل الفئات، وكل المكونات، هناك خلاف سياسي حول الخيارات التي اتخذها حزب الله، هذا موضوع يجب أن يستمر البحث فيه، والحوار الدائم حوله لنقنع الحزب بضرورة الشراكة الحقيقية لإنقاذه هو أولا، لأنه لا يستطيع الاستمرار بهذا الموقف أو المسار الذي لا يأخذ في الاعتبار مصلحة لبنان بالكامل، ولكي نستطيع أن نعود لنلتقي على تكريس الميثاق الوطني، واحترام الدستور، واحترام كل المواثيق اللبنانية”.
فوشيه
والتقى مفتي الجمهورية سفير فرنسا برونو فوشيه، وجرى البحث في الأوضاع الراهنة في لبنان، وتم التأكيد على تعزيز العلاقات الثنائية بين لبنان وفرنسا.
واستقبل أيضا رئيس هيئة الدفاع عن حقوق بيروت المحامي صائب مطرجي الذي قال بعد اللقاء: “أثبتت الأحداث المتعلقة باستقالة الرئيس الحريري أن دار الفتوى هي القرار، وتوافد الشخصيات اللبنانية وغير اللبنانية لمراجعة صاحب السماحة هو أكبر دليل على هذا الأمر. من المؤكد أن استقالة الرئيس الحريري لا نستطيع أن نفهم خلفياتها وتبعاتها إلا بعد عودته سالما من الخارج، ولا نستطيع أن نعلق، ولكن نحن نحترم دائما قرارات الرئيس الحريري، هذا الشخص الذي لنا ملء الثقة به وبقراراته، وفي هذا الإطار لا نستطيع إلا أن نحيي ونثمن دور فخامة الرئيس ميشال عون، ودور الرئيس نبيه بري، اللذين استمهلا لاتخاذ أي قرار حول قبول استقالة الرئيس الحريري الى حين عودته، هذا فعلا موقف رجال دولة في هذا الظرف بالذات، وفي هذا الاطار أيضا لا نستطيع إلا أن نؤكد ضرورة الوحدة الوطنية، والسلم الأهلي الذي ننعم به اليوم، وكم هو ضروري أن نحافظ عليه، ونتمنى العودة القريبة العاجلة للرئيس الحريري إلى لبنان”.
شقير
واستقبل المفتي رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير الذي قال بعد اللقاء: “أحببت أن أزور صاحب السماحة لنؤكد أننا كلنا تحت سقف الدار، ولنأخذ تعليماته ولكي نبلغه أننا تحت تصرفه وتصرف دار الفتوى، ولنؤكد من دار الفتوى أننا كلنا مع دولة الرئيس سعد الحريري الذي هو الزعيم السني وكلنا معه لنؤكد أيضا أن الوضع الاقتصادي ليس في خطر ، ونحن مستمرون والليرة تحت السيطرة، وسنبقى متمسكين بلبنان مهما حاول أعداء هذا البلد وأعداء الاقتصاد”.
وفد درزي
والتقى وفدا يمثل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز ضم القاضي غاندي مكارم والشيخ غسان حلبي الذي قال بعد اللقاء: “كان لنا شرف مقابلة سماحة المفتي لننقل له تحيات سماحة شيخ العقل، نحن حريصون على التواصل من أجل متابعة المواضيع الإسلامية، هناك كلمة واحدة نقولها، إيماننا بحكمة المسؤولين بمتابعة هذه القضية الخطيرة، هناك حكمة، ابتداء من فخامة الرئيس، لدولة رئيس مجلس النواب، وطبعا سماحة المفتي، هناك حكمة تحيط الموقف، ونطلب من الله سبحانه وتعالى أن تثمر خيرا للبلد”.
العائلات البيروتية
واستقبل مفتي الجمهورية وفدا من اتحاد جمعيات العائلات البيروتية برئاسة محمد عفيف يموت الذي قال بعد اللقاء: “تشرفنا بزيارة سماحته، وتشاورنا معه بصفته المرجعية الإسلامية في استقالة دولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري، المرجعية السياسية والوطنية، والأسباب التي استوجبتها وانعكاساتها على الأوضاع في البلاد. وقد أكدنا لسماحته تأييد الاتحاد التام للرئيس الشيخ سعد الحريري، واعتبار استقالته تعبيرا متجددا عن التضحية بمصالحه الشخصية، فلطالما كان يرى أن قضيته الوطنية تجد طريقها نحو النجاح”.
وأكد الاتحاد “ضرورة الحفاظ على علاقات لبنان العربية، وعلى الأخص علاقة لبنان بالمملكة العربية السعودية”، وشدد على ضرورة “العمل على وحدة الطائفة أكثر من أي وقت مضى، واستلهام حكمة سماحته في التعامل مع المستجدات للحفاظ على الاستقرار الأمني والاقتصادي”.
واستقبل مفتي الجمهورية مستشار رئيس الجمهورية اللبنانية لشؤون الخليج فادي عسلي، ووفد “حملة نصرة يوم الجمعة”، تحدث باسمه بعد اللقاء النائب السابق زهير العبيدي قائلا: “جددنا تأييدنا لمواقف سماحة المفتي، إن لجهة تعطيل كامل يوم الجمعة، الذي نعمل له في كل المحافظات والمواقع حتى نتبناه جميعنا كمطلب وطني جامع، أو لجهة الوضع العام في البلاد، وأيدنا دعوة سماحته للطائفة السنية وأركان الطائفة السنية للقاء في دار الفتوى، لبحث شؤون الطائفة وللوقوف وراء سماحة مفتي الجمهورية في كل ما يتعلق بالأمن العام والاستقرار في البلاد”.