حسم اجتماع لجنة الطوارئ في وزارة التربية إعطاء المعلمين حقوقهم في سلسلة الرتب والرواتب من دون تحديد من سيدفع الكلفة. وزير التربية تعهد نقل مطلب دعم الدولة للقطاع التربوي الخاص إلى مجلس الوزراء من دون أن يضمن تحقيقه
لا جواب حاسم حتى الآن عن سؤال: من سيدفع كلفة إعطاء المعلمين في المدارس الخاصة حقوقهم في قانون سلسلة الرتب والرواتب؟ هل الأهالي عبر زيادة الأقساط أم الدولة عبر دعم المدارس؟ وهل هذا الدعم سيذهب مباشرة إلى أصحاب المدارس أم للمعلمين أم للأهالي؟ اجتماع لجنة الطوارئ الذي عقد السبت الماضي بين الأطراف المعنية في وزارة التربية لم يجب عن هذا السؤال، إنما خرج باتفاق ـ تسوية هذه بنوده:
– تنفيذ القانون 46 في ما يتعلق بأفراد الهيئة التعليمية في القطاع الخاص.
– التريث في تنفيذ المواد غير المتوافق عليها والتي تم طلب استشارة في شأنها من هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل.
– الاتفاق بين المؤسسة التربوية والهيئة التعليمية على دفع المستحقات المترتبة عن تنفيذ القانون منذ الآن.
– مطالبة الإدارات والمعلمين والأهل الدولة بدعم القطاع التربوي الخاص تخفيفاً للأعباء على أولياء الأمور.
– المطالبة بانعقاد مجلس وزراء استثنائي للتربية ودعم موقف الوزير في هذا الاتجاه.
ماذا حصل في الاجتماع؟ وضع وزير التربية مروان حمادة بدايةً المشاركين من ممثلين عن أصحاب المدارس والمعلمين ولجان الأهل في أجواء لقاءاته الفردية مع كل طرف على حدة، وقال إن المطلوب أن تقطع الإدارات وعداً بتنفيذ قانون السلسلة كي يستمر العام الدراسي بسلام، في حين أرجأ الكلام على زيادة الأقساط إلى ما بعد انتخابات لجان الأهل التي تجرى حالياً في المدارس، وبعد وضع الموازنات ورفعها إلى وزارة التربية في كانون الثاني المقبل. لكن هناك من قال في الاجتماع إن المعهد الأنطوني أبلغ لجنة الأهل بأنه سيزيد مليونين و100 ألف ليرة على كل تلميذ، هنا تدخل الأمين العام للمدارس الكاثوليكية عازار وقال: «هذا المعهد كنت أتولى إدارته سابقاً، وإذا كان هذا الأمر فعلاً صحيحاً فليحاسب».
ثم عرضت كل فئة مطالبها، فالإدارات جددت تأكيدها دعم الدولة للمدارس الخاصة ودعت إلى تعديل القانون 46 ليصبح أكثر عدالة، إلّا أن الوزير تدخل ليقول إن الحقوق مقدسة والقانون نافذ ويجب أن يطبق ولم نأت إلى هنا لنعدّله بل لنفسر بعض مواده العالقة، وهنا ننتظر رد هيئة التشريع والاستشارات لا سيما بالنسبة إلى المفعول الرجعي منذ عام 2012 الذي لم يقبضه جزء كبير من المعلمين في القطاع الخاص، والدرجات للمعينين حاملي الإجازة التعليمية بعد عام 2010 لكونهم تعينوا عند الدرجة 15، بخلاف حاملي الشهادات المهنية، ومسألة المتقاعدين الذين لا يتضمن القانون نصاً صريحاً باستفادتهم من السلسلة.
أما نقابة المعلمين فتمسكت بالحقوق كاملة، ولم تبد أي اعتراض على مطالبة الإدارات بدعم الدولة وإن كانت لم تشترط ذلك لنيلها.
من جهتها، أبدت لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية نقمتها تجاه ارتفاع الأقساط، وأكدت الرفض المطلق لدفع أي زيادة، لكنها لم تمانع من أن تصوّب المعركة نحو من أقر سلسلة الرواتب أي الدولة لتتحمل مسؤوليتها في هذا الإطار.
لم يكن هذا رأي جميع لجان الأهل، فهيئة تنسيق لجان الأهل وأولياء الأمور كانت حاضرة، ورفضت مبدأ دعم الدولة بالمطلق. ويشير منسق الهيئة قحطان ماضي إلى أنه تدخل ليقول إننا نشعر أنكم تعطوننا حلاً جاهزاً ينسف الحوار وما يحصل الآن هو التفاف على خارطة الطريق التي وضعها الوزير في البداية، لا سيما لجهة فتح الموازنات خمس سنوات إلى الوراء وفضح أرباح أصحاب المدارس. وهنا نقل ماضي عن الأب عازار «دايماً بتعكرولنا الجو، الموازنات موجودة بالوزارة وتستطيع أن تعود إليها في أي وقت». أما رد الوزير حمادة على هذه النقطة فكان، بحسب ماضي، «هلق جايين نحكي بالـ46»!
الوزير حمادة قال لـ «الأخبار» إنّ الاتفاق يدعم موقفه لجهة تخصيص جلسة في مجلس الوزراء لبحث أمور التربية والتي أطالب بها منذ 10 أشهر. وعن دعم الدولة وما إذا كان هناك ضوء أخضر سياسي في هذا الأمر، أوضح أنّه «شخصياً يلتزم نقل مطلب الإدارات والمعلمين والأهل ولا يضمن تحقيق شيء منه». حمادة بدا مقتنعاً بأن الاتفاق وضع قانون السلسلة على السكة الصحيحة، «بعدما حاولنا خلق مناخ بأن الموجودين على الطاولة فريق واحد، إذ تعهد أصحاب المدارس بتنفيذه وإعطاء الحقوق كاملة وإن بالتدرج، إذ ستعتمد صيغ للدفع في كل مدرسة على حدة، فهناك مدارس لديها ذخيرة وتربح كل سنة وأخرى متعثرة». لكن من سيدفع كلفة الرواتب الجديدة إذا لم تتحملها المدرسة؟ أجاب: «هناك أهالٍ يستطيعون أن يدفعوا وآخرون «معترين»، فكل مدرسة هي حالة بحد ذاتها». ماذا عن دعم الدولة هل سيشمل كل المدارس ومن دون أي شروط؟ أشار حمادة إلى أن «الدعم المطلق ليس وارداً أبداً، فبعض الأهالي الموظفين في القطاع العام يتقاضى منحاً من الدولة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المدارس المجانية، فهذا المبدأ إذا أقر سيكون مدروساً حتماً».
وبينما نفى حمادة أن يكون لمس من نقابة المعلمين نيتها في الاستمرار بالإضراب وتعطيل العام الدراسي وهي ستجتمع لتقرير مصير الإضراب، أكد رئيس نقابة المعلمين رودولف عبود أن لا تراجع عن إضراب 2 تشرين الثاني المقبل، لأن الرواتب هذا الشهر ستعطى وفق السلسلة القديمة، وسيبنى على الشيء مقتضاه في المؤتمر الصحافي الذي يعقد في اليوم نفسه. ورغم ذلك، فقد رأى أن اتفاق وزارة التربية أحدث خرقاً وهو اعتراف أصحاب المدارس بتنفيذ القانون، والعبرة بالتنفيذ.
أما لجان الأهل فقد شعرت بأن تسوية ما جرت على حسابها، ونفذت أمس اعتصاماً في ساحة ساسين في الأشرفية، رفضاً لأي زيادة على الأقساط، واحتجاجاً على تحمل الأهالي كلفة السلسلة والمطالبة بتحميل الدولة الأعباء، ملوحة بخطوات تصعيدية.
(الاخبار)