بعد أكثر من عام على افتتاحه، أصبح مركز معالجة مدمني الإنترنت والشبكات الاجتماعية في الجزائر قبلة لكل من حولت الشبكة العنكبوتية حياته إلى جحيم وحلاّ مثالياً لكل من أبعدته مواقع التواصل عن الواقع الحقيقي وحولته من كائن ناطق إلى كائن افتراضي.
في هذا المركز العمومي الذي يوجد في محافظة قسنطينة شرق الجزائر، ويعد الأول من نوعه في إفريقيا والعالم العربي والثالث في العالم بعد كوريا الجنوبية والصين، يتعالج المرضى الذين أبعدهم العالم الافتراضي عن واقعهم المعيشي من الإدمان على الإنترنت، خاصة فيسبوك، على يد أخصائيين نفسيين واجتماعيين.
من جهته، قال مؤسس المركز ومدير المؤسسة الاستشفائية بقسنطينة، رؤوف بوقفة، لـ”العربية.نت”، إن “هناك العشرات من الحالات المدمنة على الإنترنت بصدد متابعة العلاج على يد اثنين من المختصين في الأمراض العقلية وأخصائيين نفسيين وكذلك مساعدة اجتماعية، يقومون كلهم بمعاينة ومتابعة ومرافقة أصحاب العادات غير الصحية في استخدام الإنترنت، خاصة مدمني الموقع الأزرق، والإصغاء لهم، من أجل مساعدتهم على التخلص من هذه العادة السيئة التي حولتهم إلى كائنات افتراضية منعزلة”.
وعن أصل هذه المبادرة الفريدة من نوعها، أكد بوقفة أنها بدأت عندما قرأ بالصدفة مقالاً عن إدمان الإنترنت وأعراضه، فوجد أنها تنطبق على الملايين من الجزائريين الذين أصبحت الشبكات الاجتماعية شغلهم الشاغل ورفيقهم الدائم، ففكر في إنشاء مركز خاص بمعالجة مدمني الإنترنت، حيث وجد اقتراحه قبولاً ومساندة من زملائه حتى تحول إلى حقيقة.
وفي السياق نفسه، أفاد بوقفة بأنه منذ ظهور الشبكات الاجتماعية “أصبح الجزائريون مهووسين بهذه المواقع، يستهلكون وقتهم بصفة متزايدة وراء شاشات الكمبيوتر أو الهواتف الذكية حتى أصبحوا معزولين اجتماعياً”، مؤكداً أنه “تم تسجيل حالات أشخاص قطعوا تواصلهم وعلاقتهم بواقعهم الاجتماعي لعدة أيام”، مبيناً أن “فقدان التواصل الاجتماعي مع الواقع الحقيقي ورسم الصورة الخيالية للحياة المثالية على الواقع الافتراضي هي من أكثر الملامح التي يلحظها لدى مدمني هذه المواقع”.
وبخصوص أعراض الإدمان، أكد أن من أهمها الجلوس لأكثر من 5 ساعات يومياً وراء الإنترنت وتصفحها دون جدوى أو هدف والتحديق المستمر في الهواتف الذكية، إلى جانب تخيل صوت الرسائل أو الميسنجر في بعض الأحيان، وحدوث اضطرابات في النوم تجعل الشخص يستيقظ بين الحين والآخر لتصفح مواقع التواصل والاطلاع على جديدها، وشعوره بالاكتئاب والقلق في صورة انقطاع الإنترنت أو الكهرباء.
من جانبه، يجد أيمن بوجمعة، طالب العلوم الاقتصادية في جامعة الجزائر العاصمة، أن كل هذه الأعراض متوفرة عنده، فقد أصبح مريضاً ومهووساً بالعالم الافتراضي، خاصة المنصات الاجتماعية، لذلك يشعر أنه بحاجة إلى ضبط نفسه وتغيير سلوكه حتى يصبح شخصاً إيجابياً، مشيراً إلى أنه سيقوم بزيارة المركز خلال العطلة القادمة لتلقي حصص علاج من أجل التخلص من هذا الإشكال الذي قلب حياته وغيرها إلى الأسوأ.
وقال بوجمعة إن إدمانه على مواقع التواصل أفقدته علاقاته الاجتماعية وممارسة هواياته المفضلة، لأنه أصبح يفضل قضاء أوقات فراغه على الإنترنت، حتى وصل به الأمر إلى عجزه عن القيام بواجباته الدراسية لشعوره الدائم بالتعب وقلة النوم، كما أن تفكيره داخل القسم ينشغل دائماً بالتعليقات التي ترده على صوره وبأخبار أصدقائه الافتراضيين وبالرسائل التي تصله، لذلك فهو يتحين فرصة انشغال الأستاذ بين الحين والآخر ليتفقد هاتفه.