صادق مجلس النواب الأميركي أمس، على أربعة مشاريع قوانين تفرض عقوبات على إيران وحليفها «حزب الله» اللبناني، متبنّياً النهج التصعيدي الذي تعتمده إدارة الرئيس دونالد ترامب في هذا الملف، وذلك في أول تحرّك شامل بهذا الحجم منذ عام 2008.
وقبل ساعات من تصويت المجلس، كرّر مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي، أن «القدرات الدفاعية» لبلاده «ليست قابلة للتفاوض ولا المساومة». ونبّه في الوقت ذاته إلى «مشكلة تاريخية» تتمثّل في تبعية الاقتصاد الإيراني للنفط، مقراً بـ «هاجس أمن اقتصادي في كل الأوقات».
وصادق مجلس النواب الأميركي، خلال جلسة دامت ثلاث ساعات، على أربعة مشاريع قوانين تفرض عقوبات على إيران و «حزب الله»، مرتبطة بشبكات التمويل وبرنامج طهران للصواريخ الباليستية.
وأقرّ النواب، الجمهوريون والديموقراطيون، مشروع القرار الرقم 1698 بعنوان «قانون الصواريخ الباليستية لإيران وتطبيق العقوبات»، والذي يتبنّاه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس إد رويس، ويفرض عقوبات على جهات خارجية تبيع طهران تكنولوجيا أو تدعم هذا البرنامج.
أما المشروع الثاني فيحمل الرقم 359 ويدعو الاتحاد الأوروبي إلى تصنيف «حزب الله» بأكمله تنظيماً إرهابياً، بدلاً من الفصل بين جناحَيه العسكري والسياسي، ويتبنّاه النائب تيد دويتش، وهو غير ملزم. ومشروع القانون الثالث بعنوان «استخدام حزب الله دروعاً مدنية» ويتبنّاه النائب مايك غالاغر.
ويُعتبر مشروع القانون الرابع الأهم والأكثر إيذاءً بعقوباته لـ «حزب الله»، والمعروف باسم «قانون وقف تمويل حزب الله لعام 2017»، ويتبنّاه رويس أيضاً، إذ يشمل فرض عقوبات على أي جهة أومموّل للحزب، كما يُلزم الرئيس الأميركي إعداد تقارير سنوية في شأن ثروة قياديّي الحزب، بينهم أمينه العام حسن نصرالله، وأيّ داعم للحزب. وبعد التصويت أمس، حُوّلت مشاريع القوانين على مجلس الشيوخ، لإقرارها أو تعديلها، ثم يوقعها ترامب.
وقال مدير معهد «الدفاع عن الديموقراطيات» مارك دوبويتز لـ «الحياة»، إن الدعم الديموقراطي والجمهوري لمشاريع القوانين، بعد أسبوعين على إعلان ترامب استراتيجيته في شأن إيران، يعكس «تبنّياً واسعاً لنهج أكثر صرامة وشمولية في التعامل مع طهران، ممّا كان عليه أثناء عهد (الرئيس السابق) باراك أوباما». ولفت دوبويتز، وهو على اتصال وثيق بالإدارة، إلى أن العقوبات الجديدة لا تتناقض مع الاتفاق النووي المُبرم بين إيران والدول الست، مشدداً على أنها «تقوّي يد الإدارة في المفاوضات مع الأوروبيين، للضغط على طهران في شأن برنامجها الباليستي» والتعامل مع «حزب الله» بوصفه «تهديداً فعلياً للأمن الإقليمي».
أما الخبير في «معهد كارنيغي للسلام الدولي» جوزيف باحوط، فرجّح في اتصال مع «الحياة» أن تكون للعقوبات المرتقبة على الحزب «مضاعفات على الثقة في القطاع المصرفي في لبنان، أكثر من أن تؤذي حزب الله مباشرة».
في الرياض، أعلن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين أن بلاده «ستناقش مع حلفائها في المنطقة حزمة إجراءات رادعة ضد حزب الله»، لافتاً إلى أن السعودية «تقوم بجهود جبّارة لمحاربة التطرف ومصادر تمويله».
في السياق ذاته، شدد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون على أن بلاده تستهدف «النظام» الإيراني لـ «كبح قدرته المالية وعرقلة النشاطات المرتبطة بتصرّفاته الخبيثة والمزعزعة استقرار» المنطقة. وأضاف: «معركتنا ليست مع شعب إيران. (نسعى إلى) دعم الأصوات العصرية داخلها. ندرك أن هناك مشاعر وقيماً قوية في إيران، نرغب في تعزيزها ليتمكّن شعبها من استعادة السيطرة على حكومته».
أما مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال هربرت ماكماستر، فنبّه إلى أن «أخطر إجراء يمكن فعله هو الامتناع عن مواجهة حزب الله ووكلاء إيران» في المنطقة. وقال لقناة «الحرة»: «الأهم ليس فقط بالنسبة إلى الولايات المتحدة، بل بالنسبة إلى كل الدول، هو مواجهة آفة حزب الله، وآفة الإيرانيين والحرس الثوري الذين يدعمون عمليات الحزب».
في المقابل، اعتبر خامنئي أن «إيران كانت يوماً خانعة لسيطرة المستشارين الأميركيين والصهاينة والبريطانيين»، وتابع: «مشكلة الاستكبار معنا الآن هو تعاظم قوّتنا في المنطقة. يعارض الأعداء توسيع اقتدار إيران في المنطقة وخارجها، إذ يمثّل عمقاً استراتيجياً للنظام». وأضاف: «قدراتنا الدفاعية ليست قابلة للتفاوض ولا المساومة». ونبّه خامنئي إلى «مشكلة تاريخية في تبعية الاقتصاد للنفط»، لافتاً إلى أن ذلك «سبّب هاجس أمن اقتصادي في كل الأوقات».
وأعلنت طهران أنها ستستقبل المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو بعد غد السبت.
على صعيد آخر، أعلنت «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) أنها قدّمت شكوى عاجلة للأمم المتحدة، بعدما فتحت طهران تحقيقاً جنائياً في شأن 152 من موظفي خدمتها باللغة الفارسية، متهمة إياهم بـ «التآمر على الأمن الوطني» في إيران وخارجها، وجمّدت أصولهم المالية.
نقلا عن الحياة