تكريس طرابلس عاصمة اقتصادية لا يتمّ بالتمني، ولا يكفي إصدار البيانات لتحقيق هذا الحلم الطرابلسي، والتخلص من زمن الإهمال والفقر والتهميش.
المسألة بحد ذاتها تصلح لتكون هدفاً استراتيجياً لإعادة نبض الحياة إلى شرايين العاصمة الثانية، ولإطلاق ورشة إنمائية حقيقية وطموحة، تؤمّن آلاف الوظائف وفرص العمل لشباب الفيحاء والشمال، الذين يعانون من بطالة مزمنة، دفعت بكثيرين منهم إما إلى الهجرة، أو الوقوع في أسر الأحزاب والتيارات السياسية والجهادية!
للتذكير مرة أخرى، إن الأمم المتحدة صنفت طرابلس بأنها من أفقر مدن ساحل البحر المتوسط، ومدارسها تسجّل أعلى نسبة تسرّب للتلاميذ في المراحل الابتدائية، حيث يضطر الأطفال للعمل لمساعدة عائلاتهم الفقيرة!
لا أحد يحلم بتحويل الفيحاء إلى «إسطنبول» لبنان، بين ليلة وضحاها، بل هذه النقلة التاريخية للمدينة تحتاج إلى خطة متكاملة، ثلاثية أو خماسية، رغم توفر أهم ثلاثة مقومات أساسية للحركة الاقتصادية: المرفأ القادر على استقبال البواخر الكبيرة. المطار، الذي يبعد بضعة كيلومترات عن وسط المدينة، ويمكن تشغيل هذا المطار في القليعات خلال أسابيع قليلة. معرض دولي، ويمتد معرض رشيد كرامي الدولي على مساحة مليون متر مربع في قلب طرابلس.
طرابلس بحاجة إلى استثمارات شجاعة في البنية السياحية والخدماتية والتجارية، فضلاً عن تخطيط عصري لحركة السير والطرقات، ودراسات على مستوى التنظيم المدني، تراعي التوسعات المتوقعة باتجاه الضواحي المحيطة بالمدينة.
والاستثمارات المنشودة تتطلب تشريعات وقوانين وأنظمة تشجيعية، وإعفاءات ضريبية، وجدية في تنفيذ المنطقة الحرّة المجاورة للمرفأ، فضلاً عن الدعم اللازم للصادرات الزراعية والمنتوجات المصنعة، لتتمكن من مواجهة المنافسة في أسواق الدول المحيطة.
طرابلس عاصمة اقتصادية، قد يكون «حجر كبير» بالنسبة للبعض من أهل طرابلس، ولكنه حلم يستحق العمل الجدي لتحقيقه، بعيداً عن الحرتقات السياسية، والحسابات الشخصية والأنانية!
نون- عن اللواء