قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لمناسبة الذكرى السابعة والعشرين لاحداث 13 تشرين الاول 1990: “قضيتنا لم تكن عفوية وشعبوية، بل كانت قضية تمس أسس بناء الدولة، ذلك ان الدولة التي لا تتمتع بسيادة واستقلال وحرية لا يمكنها ان تبني نفسها بنفسها”.
واعتبر الرئيس عون ان “اليوم هو زمن عودة الحق الى اصحابه”، متمنيا ان “تحمل الانتخابات النيابية عقلية وذهنية جديدتين تتأقلمان مع المتغيرات التي تشهدها دول العالم كافة”.
كلام رئيس الجمهورية جاء خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، وفدا من الجامعة الانطونية برئاسة الاب ميشال جلخ، وحضور المدير العام للرهبنة الاب جوزف بو رعد، وعمداء الجامعة وكبار المسؤولين فيها.
الاب جلخ
في مستهل اللقاء، القى الاب جلخ كلمة، جاء فيها: “منذ ستة اشهر زرت فخامتكم مع وفد من البطاركة والاساقفة والقساوسة وممثلي الكنائس كافة، بصفتي امينا عاما لمجلس كنائس الشرق الأوسط. ويشرفني اليوم، وبعد تسلمي رئاسة الجامعة الانطونية، جارة القصر، كما يشرف اعضاء مجلس الجامعة من نواب للرئيس وعمداء ومدراء، ان نستهل سنتنا الجامعية بزيارتكم، واخذ توجهاتكم. هذه الجامعة هي بنت الرهبانية التي احببتم واحبتكم، والتي تربطها بكم، الى المحبة والاحترام والوفاء، قربى الألم، الذي تصادف اليوم ذكراه السابعة والعشرون، وله في قلوب الانطونيين حسرة مثناة على غياب الابوين شرفان وابي خليل. الا اننا ابناء الرجاء، بمثل ما نحن ابناء الفداء، لذا لا يقعدنا الم عن مقارعة المستقبل وهذا ما تعلمناه منكم ومن صمودكم وعزمكم ورباطة جأشكم”.
اضاف: “جئنا اليكم اليوم لتكونوا اول المحتفلين معنا بنيلنا منذ يومين شهادة الاعتماد المؤسسي من الوكالة السويسرية للاعتماد وضمان الجودة. شهادة اتت لتكلل سنوات من العمل الدؤوب ولتبرهن ان فتوة جامعتنا لن تمنعها من منافسة اعرق زميلاتها. نستغنم فرصة اللقاء بكم فخامة الرئيس لكي نطلب منكم بدالّة المحبة والبنوة والجيرة ان تكرّموا جامعتنا بحضور افتتاح تساعية الميلاد في مساء يوم 16 كانون الاول القادم”.
وختم بالقول: “على امل ان يستحق لبنان في عهدكم شهادة في ضمان جودة الديموقراطية وشهادة مناعة ضد الفساد والتبعية، وشهادة حسن ادارة الموارد، وان يحصل سياسيوه على شهادات حسن سلوك مواطني، ومواطنوه على شهادة حسن ايمان بالوطن، اتمنى لكم باسم اعضاء مجلس الجامعة الانطونية مزيدا من الاصرار على بناء جمهورية احلامنا”.
رئيس الجمهورية
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، مستذكرا العلاقة التي تجمعه بالرهبنة الانطونية منذ ما يزيد عن 40 عاما واحداث 13 تشرين الاول 1990، وقال: “اليوم هو زمن عودة الحق الى اصحابه، وقضيتنا لم تكن قضية عفوية ولا شعبوية، بل كانت قضية تمس اسس بناء الدولة. كل من اعتقد انه، في ظل الاحتلال، يمكنه بناء دولة، تبين له ان هذا لم يكن بخيار بل اذعانا لوضع قائم وخوفا من المواجهة. فالدولة التي لا تتمتع بسيادة ولا باستقلال ولا بحرية لا يمكن لها ان تبني نفسها بنفسها. وقد تبين انه في ظل الاحتلال، لم يحصل التغيير المنشود. اليوم هناك مدرسة اخرى وصلت الى الحكم من خارج المدارس التقليدية التي حكمت لبنان منذ الاستقلال الى اليوم”.
واعتبر ان “قانون الانتخاب الذي اقر يختلف عن قانون الانتخاب الذي كان سائدا في 2009 وفي العام 1960 او غيره. فهذا القانون غير النظام الانتخابي السائد منذ قرابة 91 سنة، اي منذ العام 1926 القائم على اساس النظام الاكثري واللائحة المتعددة الاسماء”.
اضاف: “كذلك فإننا ادخلنا التغيير في الحياة الدبلوماسية من خلال التشكيلات التي اعتمدت، وسفراؤنا المنتشرون في العالم باتت لهم مهمات جديدة، وفق تفكير حديث. وقضاؤنا ايضا سيساهم في التغيير المنشود خصوصا من خلال الاسراع في البت بالدعاوى والشكاوى”.
وتابع: “البعض يسأل، ماذا عمل لنا الرئيس؟ وهم ينتظرون ان اصلح تركة 27 سنة في 24 ساعة او 27 يوما او سبعة اشهر… غدا في مناسبة ذكرى السنة على انتخابي، سأتوجه الى اللبنانيين بما قمنا به. وانا حين اقوم بحل مسألة عالقة منذ 15 سنة او9 سنوات وكانت السلطة عاجزة عنها، فذلك يتطلب وقتا كونها كانت راسخة في ذهنية من كان يتولى الحكم. واني آمل ان تأتينا الانتخابات بعقلية وذهنية جديدتين، ونكون متأقلمين مع كافة المتغيرات الحديثة التي تجري في كافة دول العالم”.
رئيس بعثة الصليب الاحمر الدولي
الى ذلك، شهد قصر بعبدا سلسلة لقاءات تناولت مواضيع الساعة. وفي هذا الاطار، استقبل رئيس الجمهورية رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الاحمر في لبنان كريستوف مارتان، في حضور رئيس الصليب الاحمر اللبناني الدكتور انطوان الزغبي والامين العام جورج كتانة ومستشارة مارتان بسمة طباجة.
واطلع مارتان الرئيس عون على “المهمات الانسانية والاجتماعية التي يقوم بها الصليب الاحمر الدولي في لبنان والذي يحيي هذه السنة ذكرى مرور 50 سنة على بدء عمله في الاراضي اللبنانية، ومن بين هذه النشاطات تنظيم برامج دعم ومساعدة للبنانيين وللنازحين السوريين، والمساعدة في اعادة تأهيل السجون، والاهتمام باللبنانيين الذين عادوا من سوريا، اضافة الى متابعة قضية اللبنانيين المفقودين منذ حرب السنتين، وما تقدمه البعثة الدولية من دعم لمساعدتهم في تلبية حاجاتهم الادارية والقانونية والمعنوية”. ونوه ب”التعاون القائم مع الصليب الاحمر اللبناني خصوصا لجهة بناء قدراته والمساهمة في تطوره التنظيمي”.
رئيس الجمهورية
ورد الرئيس عون مرحبا بمارتان والوفد المرافق، منوها بما يقوم به الصليب الاحمر الدولي من “مهام ونشاطات ومبادرات بالتعاون مع الصليب الاحمر اللبناني”، مؤكدا على “الجهود المستمرة لمعالجة مأساة المفقودين اللبنانيين في زمن الحرب بهدف جلاء الغموض الذي يكتنف مصيرهم”.
كما اطلعه على “الاهتمام الذي توليه الحكومة لمسألة تأهيل السجون الموجودة وبناء اخرى جديدة واهمية توفر الاعتمادات المالية لذلك”.
وتركز البحث ايضا على قضية النازحين السوريين الى لبنان، فعرض الرئيس عون وجهة نظره حيال “التداعيات التي تركتها تدفقهم الى لبنان على الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والامنية والصحية والتربوية”، لافتا الى “ضرورة العمل بسرعة لوضع حد لمعاناة النازحين وتأمين عودتهم وتدارك النتائج التي تترتب على استمرار وجودهم في لبنان على مختلف الاصعدة”.
فارس
سياسيا، استقبل الرئيس عون، النائب مروان فارس واجرى معه جولة افق تناولت “الاوضاع العامة في البلاد والتطورات السياسية والتحضيرات الجارية لاقرار الموازنة، ووضع آلية لتطبيق قانون الانتخابات”.
كما تناول البحث “حاجات منطقة البقاع الشمالي والقرى التي تحررت من الارهابيين في القاع ورأس بعلبك والفاكهة”.
نقيب الصيادلة
واستقبل الرئيس عون، نقيب صيادلة لبنان الدكتور جورج صيلي وامين صندوق مجلس النقابة الدكتور انطوان سعادة، اللذين عرضا على رئيس الجمهورية “وضع هذا القطاع في لبنان راهنا، وما تقوم به النقابة على صعيد تطوير عمل الصيادلة وربط الصيدليات بشبكة اتصالات الكترونية لتسهيل تأمين حاجات المرضى من خلال اطلاق ملف الدواء الرقمي في الصيدليات”.
وجه الوفد لرئيس الجمهورية دعوة لحضور افتتاح المؤتمر الصيدلي الخامس والعشرين الذي يعقد في 17 و 18 و19 تشرين الثاني المقبل بعنوان: “الادوار السبعة للصيدلي: بناء مستقبل لمهنة الصيدلة في لبنان” الذي يرعاه رئيس الجمهورية.
وهنأ الرئيس عون الوفد على النشاطات التي تقوم بها النقابة، متمنيا “نجاح المؤتمر الذي يشارك فيه ممثلون عن 14 دولة عربية واجنبية”.
المونسنيور زوين
وفي قصر بعبدا، المونسنيور ايلي جرجي زوين من ابرشية كندا المارونية، الذي منحه رئيس الجمهورية وسام الاستحقاق اللبناني الفضي تقديرا لعطاءاته وعمله الروحي والاجتماعي في ابرشية كندا.
واعتبر المونسنيور زوين في كلمة شكر للرئيس عون، ان “هذا التكريم هو للبنانيين في الانتشار الكندي التواقين ابدا الى ارض الاباء والاجداد، وتكريم للكنيسة المارونية المنتشرة”، وقال: “شكرا لكم من القلب يا فخامة الرئيس على شجاعتكم وثباتكم في الحق والحرية والوطنية… وليكن الله سندكم دوما، لتبقوا عنوانا وطنيا لصمود وكرامة لبناننا الحبيب، ورمزا جامعا لعزة اللبنانيين مقيمين ومنتشرين”.
وقدم المونسنيور زوين لرئيس الجمهورية مجسما وذخائر راهب كبوشي على طريق القداسة هو الاب سولانوس كايسي، الذي تجلت شفاعته ومعجزاته الى جانب قديسي لبنان.