جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / الوضع اللبناني دخل مرحلة بالغة الحساسية؟
النفط في لبنان

الوضع اللبناني دخل مرحلة بالغة الحساسية؟

استوطنَ «حبْسُ الأنفاس» بيروت التي تراقب بفائضٍ من القلقِ طلائع الإعصار الأميركي المتدحْرج في اتجاه المنطقة من بوابة الحرب الناعمة ضدّ النفوذ الإيراني وأذرعه، وفي مقدّمها «حزب الله» الذي نبشتْ واشنطن ملفاته القديمة بمناسبة مرور عشرين عاماً على إدراجه على لوائح الإرهاب وأعلنتْ جوائز مليونية لمَن يُدْلي بمعلوماتٍ عن اثنيْن من أبرز القادة فيه.

وتخشى بيروت، المرشّحة لأن تكون ملعبَ مواجهة بين المعسكريْن الأميركي والإيراني وحلفائهما، أن تتحوّل «كرة ثلج» الإجراءات الأميركية المحتمَلة حيال «النووي الإيراني» و«الحرس الثوري» و«حزب الله» كرة نار يصْعب التكهُّن بتداعياتها المحتملة على الواقع اللبناني المحكوم بـ «ستاتيكو» يرتكز على تسوية سياسية تَدخل نهاية الشهر الجاري عامها الثاني، وفّرت للبلاد استقراراً عبر تَعايُش اضطراري بين المكوّنات اللبنانية المنقسمة أساساً في مقاربتها لتموْضع لبنان الاستراتيجي ووضعية سلاح «حزب الله» وأدواره الداخلية والخارجية.

ورغم أهمية المحاولات الداخلية لعزْل التسوية السياسية ما أمكن عن «العصْف» الخارجي بما يحمي الاستقرار، فإن أوساطاً مطلعة بدأت ترسم علامات قلق حيال تزايُد مَظاهر التماهي بين الدولة اللبنانية و«حزب الله»، استناداً الى مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الداعِمة لسلاح الحزب «المكّمل لمهمة الجيش» وإلى جملة وقائع بينها ما واكب معارك تحرير الجرود الشرقية للبنان من صفات مع تنظيميْ «داعش» و«النصرة» أبرمها الحزب بمعزل عن الدولة وبغضّ طرف منها.

والأشدّ مثاراً للقلق، حسب هذه الأوساط، هو تعبير أكثر من طرف خارجي مباشرةً عن «انهيار» الحدود بين الدولة اللبنانية و«حزب الله» في معرض رسْم إطار رفْع منسوب الضغوط على الحزب، سواء من خلال العقوبات المالية الأميركية التي يُخشى أن يصيب وهجها القطاع المصرفي اللبناني أو عبر التهديدات الاسرائيلية التي أشارتْ ضمناً الى ان أي حرب مقبلة لن تشهد أي تمييز بين «حزب الله» والمؤسسات اللبنانية، وهو ما عكسه موقف وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان الذي اعتبر الجيش اللبناني جزءاً لا يتجزأ من منظومة الحزب.

وفي حين يصعب تقدير إذا كان المجال ما زال مفتوحاً أمام لبنان الرسمي لتدارُك هذه الصورة، ترى دوائر سياسية أن الوضع اللبناني دخل مرحلة بالغة الحساسية إذ صار بين «مطرقة» أن أي مساس بالتسوية السياسية ملاقاةً للهجمة الخارجية على إيران و«حزب الله» سيعني فوضى وانهيارٍاً للاستقرار سيدفع ثمنه الجميع، وبين «سندان» أن تعزيز الحماية الداخلية للتسوية يُظْهِر لبنان وكأنه ملتصق بـ «حزب الله» ومتراس حماية له ما يجعله في خندق واحد مع الحزب تحت مرمى التصعيد الخارجي.

وفي الوقت المستقطع الفاصل عن انقشاع الرؤية حيال الاستراتيجية الاميركية الجديدة بإزاء إيران و«حزب الله» ورد فعل طهران عليها، تستمرّ بيروت في ترتيب شؤونها الداخلية باستكمال مسار إنجازاتٍ من شأنها عدم ترْك عناصر جانبية يمكن أن تُضعِف المناعة الداخلية كما أنها تقدّم صورة إيجابية عن الحُكم وعن «التسوية الضرورية والمُنتِجة» حسب المنضوين فيها.

وفي هذا السياق، أفرج مجلس الوزراء في الجلسة التي عقدها أمس برئاسة الرئيس سعد الحريري عن المجلس الاقتصادي – الاجتماعي «الخارج عن الخدمة» منذ نحو 15 عاماً نتيجة التجاذبات والخلافات السياسية التي حالت دون تعيين أعضائه الـ 71، علماً ان هذا المجلس الذي أنشئ قانوناً العام 1995 تنفيذاً للإصلاحات التي نصّ عليها اتفاق الطائف، عُيّنت الهيئة العامّة الأولى له العام 1999، قبل أن يتوقف عمله مع نهاية ولاية الهيئة العام 2002.

ويُستكمل مسار إنجاز الملفات «المعلّقة» منذ «عشر سنوات وأكثر» الأسبوع المقبل مع ترقُّب إقرار البرلمان الموازنة العامة في ختام الجلسات التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس، ليكون لبنان استعاد الانتظام المالي للمرة الأولى منذ العام 2005، من ضمن تسويةٍ قضت بالقفز فوق «قطع الحساب» عن الأعوام السابقة على أن يتم في غضون سنة، وشكّلت عملياً طياً لصفحة خلافية «مزمنة» بين فريقي عون والحريري، كما أنهتْ تبايناً دستورياً بين رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان حول آلية إرجاء إنجاز قطع الحساب.

وفيما ساد ارتياحٌ لإقرار مجلس الوزراء بند تمويل الانتخابات النيابية (مايو 2018) التي وصفها وزراء بأنها «الأغلى في العالم» (بتكلفة نحو 50 مليون دولار)، تتجه الأنظار اليوم الى اللقاء الذي سيُعقد في الفاتيكان بين البابا فرنسيس والرئيس الحريري الذي تستمر زيارته لايطاليا حتى الاثنين المقبل إذ يجتمع بنظيره الايطالي.

 

(الراي)