جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / كنعان أعلن تقرير موازنة 2017…
كنعان

كنعان أعلن تقرير موازنة 2017…

عقد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان مؤتمرا صحافيا في المجلس النيابي، اعلن في خلاله التقرير النهائي للجنة المال لمشروع موازنة العام 2017.

وقال: “لقد سلكنا مسار الرقابة البرلمانية ومستمرون فيه، والاصلاح الجدي بدأ، وتوصيات لجنة المال تم اعتمادها في اعداد مشروع موازنة العام 2018″”، ولفت الى ان “الوفر الذي توصلنا اليه هو بقيمة 1004 مليار ليرة، وهو حقيقي وليس وهميا، ويصبح نهائيا بعد اقراره في الهيئة العامة، فهل نجرؤ على هذه الخطوة الاصلاحية؟”.

وعن امكان الطعن مجددا، قال النائب كنعان: “منطق اطعنلي لاطعنلك، بلا بدائل، لا يؤدي الى نتيجة عملية تفيد الدولة والمواطن، بل على العكس تسبب ارباكا وتلحق ظلما بالناس، وقد عاد قانون الضرائب ببدلة جديدة، اما الحل العملي الذي يؤمن الحقوق ويحافظ على مالية الدولة ويضبط الهدر والانفاق، فهو بالعمل الرقابي البرلماني الجدي على الموازنة”.

وعن الحل الحكومي المقترح لاقرار الموازنة واعطاء مهلة سنة للحسابات المالية، اكد كنعان “عدم الموافقة على حسابات مالية غير سليمة ومدققة ورفض التوقيع على اي تسوية مالية”، وقال: “لقد اتخذ فخامة الرئيس العماد ميشال عون قرارا استثنائيا وجريئا يؤمن ممرا آمنا للموازنة من دون ان يتضمن ابراء ذمة الحكومات والادارات المتعاقبة”.

وردا على سؤال قال: “نرفض رفع الضريبة على القيمة المضافة الى 12% غير وارد، وفي اللجنة التي ترأست لبحث سلسلة الرتب والرواتب، رفضنا اي زيادة على الtva”.

واستهل النائب كنعان كلمته، بالترحيب بالحضور، وقال: “يسعدني أن التقي بكم اليوم في مجلس النواب لأتحدث إليكم وعبركم إلى الشعب اللبناني عن موضوع طالما انتظره اللبنانيون منذ إحدى عشرة سنة ونيف، عنيت بذلك موضوع موازنة الدولة التي توقفت منذ العام 2005، التي أقرت بعد انتهاء السنة المالية المذكورة، فكان إقرارها على سبيل التسوية. ألتقي بكم لأقول لكم بأن ضبط الهدر ومكافحة الفساد وتعزيز امكانيات الدولة وايراداتها فعليا وليس نظريا أو انتخابيا – كما هو الحال في هذه الفترة – يبدأ من خلال الرقابة البرلمانية الجدية والفعالة على الموازنة، كإجازة للجباية والإنفاق، وبالتالي لترشيد الإنفاق والكشف عن مكامن الهدر فيه وعن التهرب والكتمان في مطارح الإيرادات، وتنتهي بإبراء الذمة عن طريق إقرار الحسابات المالية السنوية، فيتكرس حق الشعب في الرقابة على أعمال الحكومة المالية ويمارسه عبر ممثليه الفعليين في البرلمان – لأنه وفي رأيي، أن التمثيل الصحيح للشعب لا يتأمن فقط من خلال الانتخابات انما من خلال نواب يعبرون عن تطلعاته في الندوة النيابية – كما تقضي أصول الديموقراطية البرلمانية.وهذا ما حاولنا القيام به خلال درس مشروع موازنة العام 2017”.

اضاف: “أن درس مشروع موازنة العام 2017 قد أنجز، وأن تقرير لجنة المال والموازنة قد سلم بالأمس إلى دولة رئيس مجلس النواب، وأن إدراجه على جدول أعمال جلسةمقبلة للهيئة العامة قد أصبح على قاب قوسين أو أدنى، حتى ولو جاء متأخرا، لا لتقصير من اللجنة التي درسته، بل لأنه ورد من الحكومة متأخرا لمدة سبعة أشهر عن المهلة الدستورية. وهنا أسمح لنفسي بأن أنوه بجهود أعضاء لجنة المال والموازنة على مثابرتهم، وفريق العمل المواكب لعملنا في المجلس النيابي ، لاسيما امانة السر ومعاونيها، وبالنقاش الجدي والبناء الذي تميزت به مداخلاتهم، فأدى إلى النتيجة التي سأحدثكم عنها بعد قليل، وإن كنا في بعض المرات ننتظر اكتمال النصاب لبدء الاجتماعات التي بلغت رسميا 42 جلسة، ومع الجلسات غير الرسمية أكثر من خمسين جلسة”.

وتابع: “أيها الحضور الكرام ممثلي وسائل الإعلام، إن الرقابة البرلمانية على مالية الدولة مسار يبدأ بالموازنة، كما فعلنا، وينتهي بالحسابات المالية، كما نعاهد بأن نفعل عندما تردنا حسابات مالية معدة ومدققة حسب الأصول وبعضكم بالتأكيد يذكر انني لم أترك مناسبة قبل وبعد اجتماعات اللجنة لم اطالب من خلالها الحكومة بانجاز الحسابات واحالتها الى المجلس النيابي . ولكن وإلى أن تكتمل حلقة هذا المسار، نكتفي اليوم بالحديث عن موازنة الدولة لعام 2017 كما وردت من الحكومة وما لحق بها من قبل لجنة المال والموازنة من تعديلات. لقد تسلمنا مشروع موازنة بعد انقضاء أكثر من سبعة أشهر على المهلة الدستورية المحددة لتقديمه إلى المجلس النيابي كما تقضي أحكام المادة 83 من الدستور. وتسلمنا مشروع موازنة أنفقت نسبة كبيرة من اعتماداته، لا بل أن بعض اعتمادات قوانين البرامج قد بوشر بالإنفاق منها منذ العام الماضي، أي منذ العام 2016، أي قبل تقديم مشروع الموازنة. وحتى احتياطي الموازنة، الذي يفترض بأن النقل منه لتغذية الاعتمادات التي نفدت أو أوشكت على النفاد، قد بوشر النقل منه منذ منتصف شهر كانون الثاني 2017، أي قبل إقرار مشروع الموازنة من قبل مجلس الوزراء، في حين أن المنطق يقضي بأن لا يتم النقل من احتياطي الموازنة قبل انقضاء أكثر من نصف السنة المالية على الأقل. وتسلمنا مشروع موازنة يتضمن مشروع قانونها ستا وسبعين مادة لا يدخل منها في النطاق المحدد لقانون الموازنة بموجب المادة الخامسة من قانون المحاسبة العمومية سوى إحدى عشرة مادة على الأكثر، ولم يقترن معظمها بأية أسباب تبريرية مقنعة. وبالرغم من ذلك، ولكي لا تتهم لجنة المال والموازنة بأنها تعرقل العودة إلى المسار المالي السليم، أنجزت اللجنة درس مواد مشروع القانون بكاملها، واتخذت بشأنها القرارات المناسبة التي ساحدثكم عنها في القسم الخاص بالتعديلات التي أجرتها اللجنة على المشروع”.

واردف: “وتسلمنا مشروع موازنة يتضمن سبعة عشر قانون برنامج لم يبرر أي منها سوى بأقل من صفحة من القياس العادي، مع أن الأصول تقضي بأن تخصص الاعتمادات التي يتجاوز أجلها السنة، والمعروفة بقوانين البرامج، بموجب مشاريع قوانين خاصة وأن ترفق بالدراسات التفصيلية اللازمة لتنفيذ المشروع ومدته وتوزيع اعتمادات الدفع على أساسها. وتسلمنا مشروع موازنة يبلغ مجموع نفقاته كموازنة عامة وموازنات ملحقة أكثر من ستة وعشرين ألفا وخمسمائة مليار ليرة، وتبلغ وارداته الإجمالية كموازنة عامة وموازنات ملحقة مبلغا مماثلا، وبلغ العجز فيه أكثر من سبعة آلاف ومائتين وتسعة وثمانين مليار ليرة. وتسلمنا مشروع موازنة تبلغ المساهمات والمساعدات فيه لغير القطاع العام، أي لغير مؤسسات الدولة من إدارات عامة ومؤسسات عامة وبلديات وأشخاص معنويين ذوي صفة عمومية، أكثر من ستمائة وسبعة وعشرين مليار ليرة، بالرغم من الأوضاع المالية الصعبة التي تعاني منها الدولة. وتسلمنا مشروع موازنة كان فيه التخفيض على الأجهزة العسكرية والأمنية ظاهرا في الوقت الذي تقود حربا شرسة على الإرهاب في الداخل وعلى الحدود، في حين أن المساهمات لغير القطاع العام لم تمس. وتسلمنا مشروع موازنة بلغ احتياطي الموازنة فيه أكثر من ألف وأربعمائة مليار ليرة، ونسبته أكثر من ستة بالمائة، في حين أن هذه النسبة حددتها المادة السادسة والعشرون من قانون المحاسبة العمومية بما لايقل عن واحد بالمائة، لاسيما أنها تنفق دون علم المجلس النيابي بتفاصيل إنفاقها”.

واشار الى انه “بالرغم من ذلك، آلت لجنة المال والموازنة على نفسها أن تقوم بجهد استثنائي لتخفيض قيمة العجز في الموازنة. وكان لها ما أرادت، وكان التخفيض الذي تم التداول بأرقامه والبالغ ألف وأربعة مليارات ليرة، وتخفيض قيمة العجز في الموازنة بذات القيمة. وهنا أسارع لأقول بأن قيمة التخفيض كانت ستكون أكبر لو أتيح للجنة أن تدرس مشروع الموازنة قبل بدء السنة المالية، وبالتالي قبل إنفاق بعض الاعتمادات الملحوظة فيه، أو حجزها على الأقل، وهذا ما نعاهد اللبنانيين على القيام به في ما لو وردنا مشروع موازنة العام 2018 ضمن المهلة الدستورية. وهنا لا بد لي من التنويه بما سمعته بالأمس من وزير المالية بالنسبة لموازنة 2018 وتقيد الوزارة بمعظم توصيات لجنة المال والموازنة لتشمل اصلاحات لم تتحقق منذ التسعينات”.

واذ لفت الى ان “تعديلات لجنة المال والموازنة على مشروع موازنة العام 2017، ذهبت في ثلاثة اتجاهات: أولها، على مشروع قانون الموازنة، وثانيها، على اعتمادات مشروع الموازنة، وثالثها، على واردات مشروع الموازنة، وبالتالي على عجز مشروع الموازنة”، قال: “على صعيد مشروع قانون الموازنة، تناولت تعديلات لجنة المال والموازنة 32 مادة من أصل 76 مادة، أي أكثر من 42% من المواد: فألغت عشر مواد من ضمنها قانون برنامج على أن يقدم لينفذ اعتبارا من العام 2018 بموجب مشروع قانون خاص ومستقل عن مشروع الموازنة. وعدلت 22 مادة من ضمنها ثلاثة قوانين برامج، واربع مواد تتعلق إحداها (المادة الخامسة) بإجازة الإقتراض، وذلك بتحديد سقف رقمي لهذا الإقتراض وإعلام المجلس النيابي دوريا عن تنفيذ الإجازة. وتتعلق الثانية (المادة السابعة) بإخضاع إنفاق الهبات الخارجية لرقابة ديوان المحاسبة وفقا للأصول. وتتعلق الثالثة (المادة التاسعة) بإجازة نقل الإعتمادات. وتتعلق الرابعة (المادة العاشرة) بتحديد أصول تخصيص إعتمادات لدعم الفوائد على القروض الإستثمارية وذلك بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء. وأضافت أربع مواد تتعلق بالإعفاء من نسبة 90% من الغرامات المتوجبة على متأخرات رسوم مالية وبلدية وميكانيك وأوامر تحصيل، على أن تكون المرة الأخيرة لمنح تخفيض على الغرامات أو منح إعفاءات معينة قد تشجع على مخالفة القوانين المالية، وتحول دون انتظام العمل في الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات، ودون انتظام تدفق الواردات إلى صناديقها”.

اضاف: “وعلى صعيد اعتمادات مشروع الموازنة، أجرت لجنة المال والموازنة التعديلات التالية: تخفيض مبلغ /10.000.000.000/ ليرة من جراء إلغاء قانون برنامج لشراء باصات لسكك الحديد والنقل المشترك، على أن يقدم قانون برنامج بموجب قانون خاص ومستقل عن مشروع الموازنة في العام 2018. تخفيض المساهمات والمساعدات لغير القطاع العام بالقيم الباقية للحجز من اعتمادات العام 2017 وتبلغ /191.168.552.000/ مليار ليرة للمساهمات، و /207.275.000.000/ ليرة للمساعدات، على أن يصار إلى دراسة هذه المساهمات والمساعدات في مشروع موازنة العام 2018 من قبل لجنة المال والموازنة لاتخاذ القرار المناسب بشأنها، وبالتالي تحديد المنفعة والفائدة المرتجاة من كل مساهمة ومساعدة مهما بلغت قيمتها، ومدى أهميتها لكل مستفيد، لأن هذه النفقات تشكل نزفا يجب إيقافه. تخفيض مبلغ /600.000.000.000/ ليرة من الاعتمادات المخصصة للاحتياطيات والبالغة /1.388.042.437.000/ ليرة، مع العلم بأن المادة 26 من قانون المحاسبة العمومية تحدد نسبة الاحتياطي بما لا يقل عن 1% من مجموع اعتمادات الجزئين الأول والثاني، في حين بلغت نسبة الاحتياطيات في مشروع موازنة العام 2017، أكثر من 6.2%، وذلك بعد تنزيل قيمة الاحتياطي من مجموع الاعتمادات، علما بأن هذه النسبة مرتفعة من جهة قياسا على ما حددته المادة 26 من قانون المحاسبة العمومية من جهة، وما درجت الموازنات ومشاريع الموازنات على لحظه فيما مضى من جهة ثانية، ولكون هذا المبلغ المرتفع يشكل إجازة مفتوحة للحكومة لإنفاقه دون علم المجلس النيابي ورقابته من جهة ثالثة، ولكونه قد يشجع على الإسراف والتبذير من جهة رابعة وأخيرة. تخفيض نفقات مشروع الموازنة الملحقة للاتصالات بقيمة /151.500.000.000/ ليرة من نفقات الأجزاء الثلاثة. وقد اضيف مبلغ التخفيض إلى مخصصات الخزينة من وفر موازنة الاتصالات الملحقة، مما رفع قيمة هذه المخصصات من 1.784,5 مليار ليرة إلى أكثر من 1.936 مليار ليرة. إعادة تخصيص بعض الاعتمادات داخل الإدارة الواحدة أو بين الإدارات. زيادة بعض الاعتمادات العائدة للاجهزة العسكرية والأمنية وللصليب الأحمر اللبناني بقيمة /152.865.000.000/ ليرة”.

واردف: “وعلى صعيد واردات مشروع الموازنة، فإن ما أجرته لجنة المال والموازنة من تعديلات على اعتمادات مشروع الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2017، انعكس حتما على إجمالي نفقات المشروع، وعلى وارداته بالتالي: فالواردات العادية، أو الواردات الذاتية، للموازنة العامة قد ارتفعت بقيمة ما لحق بالموازنة الملحقة لمديرية اليانصيب الوطني من تخفيض المساهمة المخصصة لهيئات لا تتوخى الربح بقيمة /4.000.000.000/ ليرة، ومن تخفيض لاعتمادات الموازنة الملحقة للاتصالات بقيمة /151.500.000.000/ ليرة، أي ما مجموعه /155.500.000.000/ ليرة، فاصبحت الواردات العادية للموازنة العامة /16.539.571.601.000/ ليرة بدلا من /16.384.071.601.000/ ليرة. والواردات الاستثنائية التي تمثل عجز الموازنة انخفضت من /7.289.156.323.000/ ليرة إلى /6.284.692.872.000/ ليرة أي بقيمة /1.004.463.451.000/ ليرة”.

وقال: “إكرر أن الرقابة البرلمانية على المالية العامة مسار بدأنا خطواته الأولية بدرس مشروع موازنة العام 2017، وسنستكمله ببيان بعض مواطن الهدر والمبالغة بتقدير بعض النفقات، لا سيما على صعيد اعتمادات الجزء الثاني من الموازنة المخصصة لنفقات التجهيز والإنفاق، إذ لا يعقل بأن تخصص إدارة ما باعتمادات سنوية بقيمة عشرين مليار ليرة لشراء اجهزة معلوماتية على سبيل المثال، وأن تخصص إدارة أخرى باعتمادات تتكرر قيمتها سنويا لشراء التجهيزات المكتبية والمفروشات، وأن تستأجر إدارة مبنيين تشغل أحدهما وتترك الثاني شاغرا منذ عدة سنوات… ومن أجل متابعة ما تكون لدى لجنة المال والموازنة من ملاحظات، أصدرت اللجنة تسع عشرة توصية إلى الحكومة، تأمل، في حال الأخذ بها، في أن تقدم مشاريع موازنات السنوات اللاحقة متفقة مع أحكام الدستوروأحكام قانون المحاسبةالعمومية ذات الصلة. والأهم من كل ذلك، ما سأضيفه الآن، لا كنتيجة لعمل لجنة المال والموازنة خلال درسها لمشروع موازنة العام 2017، وإنما كنتيجة لما تكون لدي من قناعات، وكرأي شخصي لما أقترحه من إجراءات تسهم، في حال اعتمادها، في إعادة المالية العامة إلى المسار السليم جباية وإنفاقا، وتضع حدا لتنامي الدين العام”.

اضاف: “في الواقع، هناك خمسة مواطن تشكل نزفا للمال العام وتبديدا لموارد الخزينة، وتقتضي المعالجة. أولها، عجز كهرباء لبنان، وثانيها، خدمة الدين العام، وثالثها، رصيد حساب الخزينة لدى مصرف لبنان، ورابعها، حساب احتياطي الموازنة. إن معالجة هذه المواضيع الخمسة من شأنها أن توفر حوالى أربعة ألاف مليار ليرة. فهل نجرؤ على مواجهتها بعزيمة مصممة على إصلاح المالية العامة والحد من نمو الدين العام، فنوجه رسالة إلى المواطنين باننا على قدر المسؤولية في تولي شؤونهم العامة؟”.

وتابع: “أولا: دعم مؤسسة كهرباء لبنان.
كلنا يشكو من تأثير دعم مؤسسة كهرباء لبنان على تنامي الدين العام، كما يشكو من انخفاض التغذية بالتيار الكهربائي. إلا أن كلنا يتجاهل أن الطاقة الكهربائية سلعة يحدد سعر مبيعها على أساس كلفة إنتاجها. فلو كانت تعرفة الكهرباء منذ العام 1993 تأخذ في الاعتبار كلفة إنتاجها، لما أضطرت الدولة إلى دعم المؤسسة تعويضا عن الفرق ما بين إيرادات المؤسسة ونفقاتها. ولو تخلينا عن أنانياتنا وحرتقاتنا كسياسيين وفتشنا عن الحلول التي تخفض كلفة إنتاج الطاقة الكهربائية، كتشغيل معامل إنتاج الطاقة على الغاز الطبيعي بدلا من الفيول أويل والديزل أويل، لما كنا اليوم نتهم مؤسسة كهرباء لبنان بأنها سرعت في نمو الدين العام، كما نشكو من استنفادها 2.100 مليار ليرة خلال العام 2017، أي ما يعادل 8,55% من نفقات موازنة الدولة، وربما أكثر إذا ارتفعت أسعار النفط عالميا. لقد آن الأوان للخروج من التعرفة الاجتماعية المدعومة للطاقة الكهربائية إلى التعرفة الاقتصادية لهذه السلعة، لأن انعكاس التعرفة المدعومة أشد وطأة على المواطنين الذين يلجأون مكرهين إلى المولدات المحلية لسد النقص في التغذية بالتيار الكهربائي (كلفتها ناهزت 1،8 مليار دولار سنويا”)، فيتحملون ثلاثة أعباء متلازمة: التزود بطاقة غير منتظمة في تردداتها (Frquency). دفع تعرفة مرتفعة جدا وخاضعة لمزاجية أصحاب المولدات. والتعرض إلى التلوث البيئي الذي تسببه المولدات الكهربائية المنتشرة في الأحياء وبين المنازل، وآثاره على الصحة العامة. وتتحمل الدولة كلفة المعالجة الصحية الناتجة عن التلوث، ويتحمل المجتمع آثار الأمراض على الصحة والإنتاجية العامتين، ويتحمل الاقتصاد الفاتورة المضاعفة ثمنا للديزل أويل المستهلك من قبل هذه المولدات.

ثانيا: رصيد حساب الخزينة لدى مصرف لبنان.
من أصل قيمة الدين العام البالغة حوالى 115.263 مليار ليرة بتاريخ 30 حزيران 2017، هناك مبلغ 14.852 مليار ليرة استدانته الدولة وهي ليست بحاجة سوى إلى مبلغ حده الأقصى ثلاثة آلاف مليار ليرة. أما المبلغ الباقي المودع في حساب الخزينة لدى مصرف لبنان دون فائدة، فتترتب على استدانته فائدة لا تقل عن 830 مليار ليرة سنويا. والجدير ذكره أن هذا التدبير بدأ منذ شهر أيلول 2008، على أثر الأزمة المالية العالمية، وانخفاض الفوائد على الودائع المصرفية في الخارج إلى ما دون الـ 1% (واحد بالمائة)، فارتفع رصيد حساب الخزينة لدى مصرف لبنان من /2.963/ مليار ليرة بتاريخ 31 كانون الأول 2007 إلى /8.282/ مليار ليرة بتاريخ 31 كانون الأول 2008، وارتفع على التوالي إلى /16.473/ مليار ليرة بتاريخ 31 آذار 2017، وإلى /14.752/ مليار ليرةبتاريخ 30 حزيران 2017، كما يتبين من الجدول المرفق. لقد بات من الضروري ترشيد إدارة حساب الخزينة لدى مصرف لبنان بحيث لا يتجاوز رصيده الثلاثة ألاف مليار ليرة، نظرا لدورية تدفق الإيرادات إلى الخزينة، لاسيما من الجمارك والضريبة على القيمة المضافة.

ثالثا: خدمة الدين العام.
بلغ الدين العام بتاريخ 30 حزيران 2017 حوالى /115.263/ مليار ليرة وقدرت كلفة خدمة الدين خلال العام 2017 بمبلغ 7.100 مليار ليرة. وكالعادة تلقى تبعات نمو الدين العام على دعم مؤسسة كهرباء لبنان وعلى الكلفة المتزايدة سنويا لخدمة الدين، متناسين ثلاثة أمور جوهرية في هذا المجال:
1- أن المسؤولية عن تنامي الدين العام تقع أيضا على المسؤولين الذين يعتبرون بأن البلد بألف خير فيمعنون في الإنفاق العام دون تأمين الإيرادات المقابلة له. ويكفي أن نشير إلى ما تم دفعه منذ مطلع العام 2012 سلفة على حساب زيادة غلاء المعيشة التي تم إقرار قانون إعطائها منذ شهرين ونيف. وتقدر كلفة هذا التدبير بحوالي خمسة آلاف مليار ليرة.
2- أن خدمة الدين العام تشكل أكثر من 29% من نفقات الموازنة الإجمالية، وهذه نسبة مرتفعة ويجب العمل على تخفيضها عن طريق إعادة النظر بالفوائد المدفوعة على سندات الخزينة بالعملة اللبنانية وبالعملات الأجنبية، وهي فوائد مرتفعة قياسا على الفوائد المدفوعة على الودائع عالميا، والتي تصل في بعض الدول إلى صفر بالمائة، في حين تبلغ في لبنان سبعة بالمائة وسطيا. وقد أشارت وزارة المالية عند آخر إصدار أجرته منذ عدة أشهر بقيمة ثلاثة مليارات دولار أميركي، إلى أنها تلقت عروضا تزيد على السبعة عشر مليار دولار. وهذا إن دل على شيء فعلى أن معدلات الفوائد مرتفعة على إصداراتنا. إن تخفيض نقطة واحدة من الفوائد المدفوعة على سندات الخزينة تخفض مبلغ ألف مليار ليرة من قيمة النفقات المالية. وهذا الموضوع يستحق تضافر جهود جميع المسؤولين للعمل عليه.

رابعا: احتياطي الموازنة.
تم لحظ اعتمادات في الموازنة العامة بقيمة 1.388 مليار ليرة ضمن باب الاحتياطي، موزع على خمسة احتياطيات، تضاف إليها الاعتمادات الملحوظة كاحتياطي في الموازنات الملحقة والبالغة 13 مليار ليرة، أي ما مجموعه 1.401 مليار ليرة. وإذا ما علمنا بأن المادة 26 من قانون المحاسبة العمومية قد حددت هذه الاعتمادات بما لا يقل عن 1% من مجموع اعتمادات الجزئين الأول والثاني من الموازنة. وإذا ما علمنا بأن نسبة احتياطي الموازنة العامة البالغة 6,2% في مشروع موازنة العام 2017 هي نسبة مرتفعة، خاصة وأن نقلها إلى سائر بنود الموازنة لا يخضع لرقابة المجلس النيابي، وقد تشجع على الإسراف والتبذير. وإذا ما علمنا بأن المادة 85 من الدستور قد أجازت فتح اعتمادات إضافية أثناء تنفيذ الموازنة، لا بل أجازت فتح اعتمادات بمرسوم في الحالات الطارئة والمستعجلة، على أن تعرض على المجلس النيابي في أول عقد يلتئم فيه. لذلك نرى بأن نسبة مجموع احتياطيات الموازنة يجب أن تحدد بما لا يتجاوز الـ 2% (إثنان بالمائة) من مجموع اعتمادات الجزئين الأول والثاني. إن من شأن تخفيض نسبة مجموع الاحتياطيات إلى 2% أن يخفض ما لحظ للاحتياطي، وما قد تدرج العادة على لحظه لاحقا، بقيمة 940 مليار ليرة. وسأتقدم باقتراح قانون معجل مكرر لهذه الغاية”.

واردف: “أيها الحضور الكرام، ممثلي وسائل الإعلام، بعملية حسابية بسيطة يمكن توفير المبالغ التالية: من دعم كهرباء لبنان 2.100 مليار ليرة، من ترشيد إدارة حساب الخزينة 830 مليار ليرة، من تخفيض فوائد الاستدانة 1.000 مليار ليرة ومن تخفيض نسبة الاحتياطيات 940 مليار ليرة، أي ما مجموعه 4،870 مليار ليرة، فهل نجرؤ؟”.

وختم: “أيها الحضور الكرام، ممثلي وسائل الإعلام، إن الرقابة البرلمانية مسار كما قلت، ونحن سلكنا هذا المسار ومستمرون فيه من موقعنا البرلماني وفي تعاطينا للشأن العام. ورائدنا في عملنا المثل القائل: خير لك أن تضيء شمعة مرة من أن تلعن الظلمة ألف مرة. عاش لبنان مضاء بالكهرباء المستدامة لا بالشموع”.