أجواءُ حربٍ حقيقية وفلتانٌ وفوضى طغت على مدينة صيدا أمس الأول وامتدت الى الفجر، حيث كادت الأمورُ تخرج عن السيطرة، في ظلّ حالٍ من الهرج والمرج والتكسير وإحراق المولّدات والغضب الذي لفّ المدينة وشوارعَها وخروج الناس الى الشوارع بشكلٍ غير مألوف.
استعادت صيدا هدوءَها أمس بعد ليلة عنيفة عاشتها، وفوضى تسبَّبت بها حربُ الإستئثار بأحياء المدينة وتوزيع الإشتراكات من المولدات الخاصة عليها والمنافسة بين أصحاب المولدات.
ففي حادث هو الثاني من نوعه في غضون أشهر قليلة بين أصحاب المولدات الكهربائية، وقع إشكال بدأ في حيّ البراد بين كل مِن صالح شحادة ووليد الصديق وهما من أصحاب المولدات الكهربائية الخاصة، ما أدّى الى سقوط قتيلين هما ابراهيم الجنزوري وسراج أسود وجريحين هما محمد الجنزوري وحسن طلب، فيما تردّدت معلومات بأنّ صالح شحادة وابنيه أطلقوا النار قصداً على الجنزوري واسود وقتلوهما بدمٍ بارد، ما وتّر الوضع الأمني في المدينة وأدّى الى تطوّر الإشكال بين أصحاب المولدات الكهربائية الخاصة الى إطلاق نار.
وحطّم عشرات الشبان الغاضبين مقهى «صح صح» عند تقاطع «سبينس» في صيدا يملكه آل شحادة ومن ثمّ أحرقوه وتوجّهوا الى مقهى ثانٍ يملكه آل شحادة على الكورنيش البحري للمدينة. وأغلقت مجموعة أخرى من الشبان شارع رياض الصلح في محلة البوابة الفوقا احتجاجاً على سقوط القتيلين، كما أحرقوا مولداً في البوابة الفوقا يعود لصالح شحادة ما أدى لانقطاع الكهرباء عن أحياء في صيدا.
ونتيجة ذلك، انتشر الجيش والقوى الأمنية في شوارع المدينة وأقاما حواجز متنقلة وسيّرا دوريات بحثاً عن مطلقي النار، وقد أوقفت مديرية المخابرات مطلق النار الفلسطيني عمر أحمد شحادة، والمشاركين: المواطن عبد الحسين صالح والفلسطينيين: مصطفى شحادة وشقيقه أحمد، محمود أبو راشد، ابراهيم الفران، أياد وهبة، وتمّ ضبط عدد من الأجهزة الخلوية، وكاميرا، إضافة إلى ذخائر وأعتدة عسكرية مختلفة، وأحيل الموقوفون مع المضبوطات إلى المراجع المختصّة.
الأمن الفرعي
وفي السياق، عقد محافظ لبنان الجنوبي منصور ضو اجتماعاً طارِئاً لمجلس الأمن الفرعي في سراي صيدا في حضور قادة الأجهزة القضائية والعسكرية والأمنية في محافظة لبنان الجنوبي، حيث تقرّر العملُ على توقيف مفتعلي أعمال الشغب غير المبرّرة التي حصلت بعد إرتكاب الجريمة، وملاحقتهم واتّخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم، خصوصاً أنه تمّ توقيف مرتكب الجريمة.
الطلب من المواطنين عدم الإنجرار في ردات الفعل وترك الموضوع الى الأجهزة الأمنية المختصة التي قامت وما زالت بالتنسيق مع القضاء المختص بمتابعة الموضوع وملاحقة المخالفين وتوقيفهم. كما طلب المجتمعون من بلدية صيدا إعادة النظر في آلية عمل المولدات الخاصة في المدينة وفقاً لقواعد وإجراءات جديدة من شأنها أن تمنع مستقبلاً حدوث أيّ إشكال أو نزاع بهذا الشأن.
بدورها، استنكرت إدارة مستشفى حمود الجامعي الفوضى التي قام بها البعض في قسم الطوارئ وتحطيم بعض المعدات رغم أنها داوت الجرحى واستقبلت الضحيّتين، وأنه لو لم يتدخّل الجيش لإخراجهم من حرم المستشفى لكانوا ألحقوا بها خسائر فادحة في الممتلكات، مطالبةً بمحاسبة المعتدين، ووزارة الصحة بالتدخل وتوقيف المتسبّبين بتكسير وتحطيم معدات وأدوات طبّية وصحّية في المستشفى.
وقد توالت الإستنكارات لما شهدته صيدا، حيث رأت النائب بهية الحريري أنّ «ما حصل لم يكن إشكالاً عابراً أو حادثاً فردياً تطوّر إلى أحداث وانتهى الأمر، بل هو اعتداء سافر وخطير على أمن المدينة من حفنة من «المافيات» المسلّحة الّتي باتت تستبيح أحياء صيدا وتُوتّر لياليها ونهاراتها».
ولهذه الغاية أجرت الحريري سلسلة لقاءات واتصالات مع فاعليات روحية ورسمية وأمنية وعسكرية وبلدية، فزارت مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان ونائب رئيس المكتب السياسي لـ«الجماعة الإسلامية» الدكتور بسام حمود، ثمّ انتقلت الى سراي صيدا، وانضمّت الى اجتماع عُقد في مكتب قائد منطقة الجنوب الإقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد سمير شحادة.
وكانت اتصلت بكل من رئيس فرع المخابرات في الجيش اللبناني في الجنوب العميد فوزي حمادي ورئيس مكتب المخابرات في الجيش في صيدا العميد ممدوح صعب ورئيس «جمعية تجار صيدا وضواحيها» علي الشريف.
من جهته، ندّد رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة بما حصل، وكان على متابعة مستمرة ودقيقة لتطوّر الأوضاع مع شحادة. وتابع اتصالاته مع كل من رئيس بلدية صيدا محمد السعودي، وضو وسوسان، للوقوف على الأحوال الأمنية في المدينة، وعلى الإجراءات المتّخذة وتلك التي ستُعتمد لعودة الامور الى طبيعتها، وذلك من قبل مجلس الأمن الفرعي لمحافظة الجنوب لمنع تكرار مثل هذه «الأحداث المؤسفة والمخلّة بأمن واستقرار وسمعة المدينة والتي تعتدي على أمن وحياة المواطنين وتهدّد لقمة عيشهم».
علي داود – الجمهورية