ليبانون أون تايم :
لم يكن عبثا تطير جلسة الحكومة والتي كان يفترض أنعقادها يوم الخميس في مدينة طرابلس ، وهي كانت مخصصة لاطلاق مشاريع تنموية للمدينة تعيد من خلالها التقاط انفاسها، ورسم دورها من جديد لتكون حقا وحقيقة عاصمة ثانية ، او كما يطمح أهلها اليوم بأن تصبح “طرابلس عاصمة لبنان الاقتصادية”. رغم كل ما سبقها من تحضيرات واستعدادات ، وكلام مباشر وبث مفتوح لمواكبة هذا الحدث العظيم .
بل جاء الغاء الجلسة نتيجة تراكم أزمات الحكومة نفسها الخارجية والداخلية والتي لم يمن رئيسها على الوزراء لمشاركته في “الفلكلور” صوتا وصورة لذر الرماد في العيون امام الرأي العام الطرابلسي وليقال بأن حكومة استعادة الثقة أعطت شيئا ولو كان قليلا أو شحيحا لانماء طرابلس. هذا الانماء الذي تأخر عشرات السنين مرورا بمؤتمر 2002 الذي انعقد في السرايا الحكومة وصولا الى ورش العمل ، والدراسات التي اعدت ومن بينها الدراسة المهمة للنائب المستقيل روبير فاضل “ذهبت أدراج الرياح”، وما زالت الوعود بالانماء تتدحرج ككرة نارة تحرق قلب المدينة والتي تحولت الى أفقر مدينة على شاطيء البحر المتوسط بفضل ذهنية هذه الطبقة السياسية، وما فتئت تطلق الوعود اثر الوعود وتمعن في حرمان المدينة وقهر شبابها وتفقير أهلها.
صحيح أن الارض تتحرك من تحت أقدام الحكومة و”الاشتباكات” جارية على السطح تارة بين الحركة والتيار، وتارة أخرى بين التيار والتيار وطورا بين التيار والحزب … مرة على السياسة الخارجية “لقاء المعلم باسيل” ، ومرة أخرى على معالجة الملفات الداخلية ومن ضمنها الصفقات والتلزيمات بالتراضي والعجز عن مقاربة الاولويات والملفات الملحة ، وكيفية ايجاد حل لمخرج سلسلة الرتب والرواتب بعد أن عطل المجلس الدستوري العمل بالقانون …
في الشكل لا يبدو رئيس حكومة أستعادة الثقة مرتاحا حيال كل ما يجري،وهو لا يملك العصا السحرية لتغيير الواقع، ولا حتى استعادة ثقة الرأي العام المحبط من آدائه وممارساته وتصديه للقضايا العامة ،وهو الذي يخسر في كل يوم يمر الكثير من رصيده لعدم تمكنه من مواجهه كل ما يجري امامه، و يقدم التنازلات تلو التنازلات لحزب الله أولا ، وللتيار الوطني ثانيا من دون أن يحقق أي مكسب لا على الصعيد الوطني ولا في المناطق التي لم تتخلى يوما عن قضية الشهيد رفيق الحريري على غرار عكار وطرابلس والمنية الضنية الذين أصبحوا في مكان آخر .
وفي المضمون تعيش الحكومة على وقع اهتزازات تلو اهتزازات ، كأنها خبط عشواء لا تعرف متى ساعتها ، ولا حتى متى يحدد موعد جلساتها ما بين السرايا والقصر الجمهوري ولا في طرابلس التي يعيش أهلها على مصل الوعود ولا وعود .