يستمر اقليم بيروت في “حركة امل” باحياء عاشوراء في مجالس حسينية تقام في عدد من مناطق بيروت والضاحية الجنوبية لبيروت. وفي الليلة الثانية في خيمة العباس في حي الكرامة، وفي حضور عدد من قيادي الحركة ورجال دين وفاعليات، تحدث وزير المالية علي حسن خليل، فقال: “نجدد في هذه الايام اعلان الولاء للامام الحسين عليه السلام: ذكراك تستمر على مدى التاريخ حاضرة بقوة يشهد عليها هؤلاء الطيبون الذين آمنوا بك وريثا لجدك رسول الله”.
أضاف: “ان ثورة الامام واستشهاده بقيت حاضرة قوية تتجدد في كل زمان ومكان، وهو استطاع ان يجعل من محطة استشهاد محطة انطلاق نحو الحياة الافضل وعنوانا لكل الاحرار الذين يتطلعون الى رفاههم الاجتماعي ومشاركتهم السياسية والى البحث عن صناعة كل ما يجعلهم كرماء اعزاء في مجتمعاتهم واوطانهم، وجعل من محطة استشهاده محطة لكي نتفكر بقيم هذه الثورة وهذا الاستشهاد كيف نتعاطى معه وكيف نستفيد منه وكيف نضعه في سياقه الصحيح”.
وتابع: “هكذا خرج امامنا العظيم لكي يمارس خطته الاصلاحية، وجوهر ما نريده هو التأكيد اننا في صلب الانتماء لهذه الثورة بمعنى الالتزام بكل ما أرساه في ثورته من اجل ان نصنع حياة افضل ومستقبلنا الافضل ولهذا كان امامنا القائد السيد موسى الصدر يعي تماما ان كل عزنا وقوتنا هو من عاشوراء، وان اساس انتمائنا هو من عاشوراء، هكذا ربانا واوصانا شهيد حركة امل الاول وجريحها الاول يوم كتب وصيته، ان كونوا مؤمنين حسينيين. لهذا نحن مؤمنون حسينيون تحت راية امامنا الحسين، نجدد كل التزامنا معها في حركتنا العامة وحركتنا السياسية في عملنا الاجتماعي والثقافي والتعبوي، لان كل انتصاراتنا التي تحققت ما كانت لتكون لولا عمق هذا الالتزام وهذا الانتماء للامام الحسين وثورته”.
وقال: “هكذا انطلقنا وهكذا نستمر في معركة الاصلاح الكبرى على مستوى وطننا لبنان، نحن الذين عشنا مر الذل في ايام ساحقة بعيدة، واستطعنا ان نبدل الوقائع الى انتصارات مجيدة على مر العقود الماضية، نجدد حضورنا وقوتنا بفضل التزامنا واقترابنا من مشروع الثورة الحسينية وهي ثورة يجب ان تكون ايامها مفعمة بتعزيز منطق الوعي لدينا والابتعاد عن كل ما يحرك العصبيات المذهبية والمناطقية ويثير الحساسيات في علاقات الناس مع بعضهم البعض. وان نضع ثورة الامام الحسين في سياقها الطبيعي هو ان نبقيها ثورة انسانية عامة تلامس مشاكل الناس والبشر على امداد هذا العالم، يستمدون منها قوتهم وحضورهم ويمارسون من خلال قيمها في اصول الحرب والسلم ومخاطبة العدو ومخاطبة النصير قواعد تسير عليها الامم من اجل حياتها ومستقبلها”.
أضاف: “نعم مسؤوليتنا في بداية ايام عاشوراء ان نحييها بعاطفة جياشة لكن بوعي استثنائي، بوعي من يفهم بعمق ان ثورة الامام الحسين عليه السلام هي ثورة كل الناس من اجل حريتهم، وهي ثورة المظلومين في مواجهة الظالمين والباطل اينما كان، وهي عمل من اجل احقاق الحق من اجل من اجل كرامة الانسان في هذا العالم، وهذه مسؤولية شرعية واخلاقية ودينية ووطنية في الا نجعل ولا نسمح بان تكون هذه الذكرى الا ذكرى تعزيز الوحدة الداخلية وعلى مستوى الساحة الواحدة وعلى مستوى الساحة الاسلامية والساحة الوطنية، وان نبرز معا كل ما يعزز قيمة اسلامنا المحمدي الاصيل كما فهمه الامام موسى الصدر في احيائنا لهذه المناسبات، هذا اولا. والامر الثاني ان نجعلها محطة للاصرار على ممارسة نضالنا المشروع على كل المستويات من اجل الحفاظ على عزتنا وكرامتنا والتزاما اكيدا بخيار المقاومة في مواجهة الاعداء ان كان العدو الاسرائيلي او العدو التكفيري، لان قيمة الاسلام الذي اراده الامام الحسين عليه السلام هي القيمة التي تشكل نقيض ما ترفعه المجموعات الارهابية من اسلام مشوه يراد له ان يسقط التجربة التي نعيشها من خلال هذه الثورة. نعم نستفيد باصرار التزامنا وتأكيدنا على خيار المقاومة في مواجهة هؤلاء الاعداء وعلى ان المواجهة ما زالت مفتوحة وتتطلب الكثير من الوعي والالتفاف حول مؤسساتنا وحول كل عناصر قوتنا من اجل ان نحمي هذا الوطن ونحمي تجربتنا الداخلية، نحن نعي ان انهزام الارهاب سيقابله ارتفاع ربما في وتيرة التخطيط لعمليات متفرقة، لكننا نثق باجهزتنا ودولتنا ونلتف حول هذه المؤسسات من اجل حماية سلمنا الاهلي واستقرارنا متمسكين كما قلت بالعناصر التي تشكل قوة ومناعة لهذا الوطن الذي استطاع رغم كل التحديات ان ينتصر على الارهاب كما انتصر على العدو الاسرائيلي، وان يحمي سيادته وان يحمي استقراره الداخلي في مواجهة كل ما خطط له خلال المرحلة الماضية”.
وتابع: “يبقى ان هناك الكثير من التحديات التي تواجهنا على مستوى الداخل، آخرها ما يتصل بحياة الناس، بمستقبل هؤلاء الناس الذي ثار من اجلهم الامام الحسين عليه السلام وثار من اجلهم حفيد الامام الحسين والتزم خيارهم والدفاع عن مصالحهم الاخ الرئيس نبيه بري، وهو دفاع عن كل ما يتصل بتعزيز حياتهم العزيزة والكريمة بتعزيز مقومات انتمائهم لهذا الوطن، من هنا كنا مع اقرار سلسلة الرتب والرواتب، واليوم ورغم ما صدر من قرار للمجلس الدستوري نحترمه في رد قانون الضرائب، لكننا نصر على اعتماد خيار سلسلة الرتب والرواتب واعادة النظر وفق الاصول القانونية بكل ما يتصل بالمشروع الاخر، من اجل الابقاء على مساحة التوازن وعلى حدود التوازن القائمة بين الانفاق وبين الواردات بما يحفظ مستقبل الناس في استقرارهم الاقتصادي والمالي، نحن لن نتراجع عن التزامنا بكل ما يتصل بحياة هؤلاء الناس بجعلهم يشعرون ان الدولة دولة راعية، هي دولة حامية، هي دولة تستطيع ان تؤمن لهؤلاء الناس احتياجاتهم، ونحن نعرف ان هناك الكثير ربما من التقصير، لكن المسؤولية تبقينا في موقع من يرفع الصوت في كل لحظة في كل المواقع، في المجلس النيابي، في الحكومة، من اجل ان نصل الى افضل صيغة نلبي بها احتياجات الناس، نعم لا يمكن ان نمارس التزامنا الحسيني خارج هذه القضايا التي تتصل بمن ثار من اجلهم الامام الحسين عليه السلام، ونحن اليوم نطل على هذه القضايا لنقول ونجدد اننا ملتزمون ايضا بمتابعة احتياجات ابناء هذه المناطق في حي الكرامة وما يمثل هذه الحي في وجدان حركتنا وفي وجدان كل الذين دفعوا اثمان وحدة هذا الوطن وبقائه وقوته، لهم علينا الكثير في ان نعمل من اجل رفع مستوى الخدمات في هذه المنطقة وفي مناطقهم الاصلية التي هجروا منها على امتداد مساحات البقاع والجنوب والجبل وكل لبنان، وهذا ليس امرا تفصيليا بل يتصل بجوهر المناسبة واساس هذه المناسبة التي نريدها ان تبقى مشعلا لنا نستمد منه القوة من اجل بقائنا وبقاء قوتنا ومنعتنا في مواجهة التحديات التي تواجه هذا الوطن”.
وختم خليل: “عاشوراء تجمعنا فلنجعلها مناسبة للوحدة بيننا على مستوانا الخاص في احيائنا، في مجتمعاتنا، وان نبعد عنها خطاب التفرقة والخطاب المذهبي الضيق الذي طالما شوه بعض مظاهرها. ان المسؤولية تقتضي بان نمارس الامر بهذا الوعي لان هناك الكثيرين ممن يريدون ان يجهضوا ويضعفوا قوتنا من خلال الفتن الداخلية، المواجهة تكون بمزيد من الالتصاق بقيم عاشوراء، باخلاق عاشوراء، بمعنى التضحية لعاشوراء لكي تبقى كما ارادها الامام الحسين منارة على مدى التاريخ لا تستخدم على الاطلاق الا في سبيل الانسان وقوة هذا الانسان ودوره في الحياة”.
خيمة معوض
وفي المجلس العاشورائي الذي تقيمه “حركة امل” في خيمة معوض في حضور رئيس هيئتها التنفيذية محمد نصرالله وقيادة إقليم بيروت وفاعليات، القى نائب رئيس المكتب السياسي للحركة الشيخ حسن المصري كلمة أكد فيها أن “ذكرى كربلاء ليست فقط احياء كل عام، بل هي مدرسة لكل زمان ومكان، ولن يستطيع أحد من اي دين ومذهب او طائفة أن يأخذها الى مصالح شخصية، وإن الحسين قد استشهد من اجل السني والشيعي والمسيحي ويرى الحق حقا والباطل باطلا، استشهد من أجل كل مظلوم ومحروم في مواجهة طاغية ذاك الزمان يزيد بن معاوية. ثورة الإمام الحسين هي ثورة مرتبطة بالحق، ولذلك لن يستطيع أحد من النيل منها”.
وفي ما يتعلق بالوضع الذي تشهده المنطقة، رأى المصري ان “الغرب يريد أن يكون عالمنا العربي والإسلامي ممزقا من اجل تحقيق أهدافه”، مذكرا بقول الإمام الصدر بأنه “علينا دائما جعل إسرائيل عدوا”.
وعن الملف الفلسطيني قال إن “حركة أمل كانت وما زالت وسوف تبقى تدعم كل حركات المقاومة وكل سبل الحوار من أجل وحدة الفلسطينيين والحفاظ على القضية الفلسطينية”. ودعا كل الفصائل الفلسطينية الى “الإستمرار في الحوار لتعود فلسطين لأهلها”، مذكرا “ان الغرب اراد لبنان في السابق خاليا من المسيحيين من أجل توطين الشعب الفلسطيني فيه وجعله وطنا بديلا له عن أرضه التي يحتلها العدو الصهيوني”.
وفي الملف السوري رد المصري على كلام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قائلا: “اذا كان قلبك هكذا على النازحين السوريين، فلماذا لا تقوم بتوطينهم في بلدك”. وختم: “لبنان كان وما زال وسوف يبقى وطنا نهائيا لجميع أبنائه وكذلك سوريا سوف تبقى لأبنائها وأي مساس بين العلاقة الأخوية بين لبنان وسوريا هي مساس بإتفاق الطائف ولن نقبل أبدا بذلك”.
واختتم المجلس بقراءة السيرة الحسينية مع خادم المنبر الحسيني السيد نصرات قشاقش العاملي.
خيمة المصبغة
وفي خيمة المصبغة في الشياح، حيث تقيم المنطقة الخامسة في “حركة أمل- اقليم بيروت مجلسا عاشورائيا، ألقى رئيس الهيئة التنفيذية للحركة محمد نصرالله كلمة أكد فيها ان “هذه الثورة الحسينية العظيمة، نتشرف بالانتماء إليها لأنها ثورة حق، ثورة المجد والعزة والكرامة، وفي هذه الثورة نستلهم كرامتنا في الدنيا، لتكون مقدمة كرامتنا في الآخرة. نحن اليوم نعرب عن حزننا الشديد لاستشهاد الإمام الحسين عليه السلام، ولا يكفي أن نعبر عن حزننا بلبس الأسود، جوهر عاشوراء هو أن نعيش قضية الإمام الحسين عليه السلام، فهو القائل اني لم اخرج اشرا ولا بطرا و لا ظالما إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، اريد ان امر بالمعروف وانهي عن المنكر، هذا هو الهدف العام لثورة الإمام الحسين عليه السلام”.
أضاف: “يسأل سائل هل يستدعي هذا الأمر التضحية بالروح والجسد، الشهادة؟ نعم إن هذا الأمر يستدعي ذلك، فالكرامة لا تشترى إلا بالدم والتضحيات، وها هي ثورة الإمام الحسين تثمر في كل أرض، لم تكن من أجل فئة من الناس بل ثورة حق في وجه الباطل، والحق هو صورة إنسانية، لذلك كانت كربلاء ثورة إنسانية بكافة المعايير. إن الثورة الحسينية كانت انعكاسا لحياتنا اليومية، ونحن من خلال احيائنا لعاشوراء نعلن بأننا ننتمي للامام الحسين بما يقدم من عقيدة وفكر، وبما يقدم من تضحية، ونحن مستعدون بأن نضحي كما ضحى الإمام الحسين عليه السلام، فامتنا الإسلامية في هذه الأيام أصابها السوء والضرر والفساد، ونحن نؤيد الإمام الحسين، وهذا يعني انه علينا أن نقوم ونفعل كما فعل الإمام الحسين، وهذا ما فعله سليله السيد موسى الصدر الذي وجد الطغيان الاسرائيلي، فتحرك من أجل الوقوف في وجه هذا الطغيان، فمد يده باتجاه الدولة الاسلامية الايرانية التي كان يقودها الإمام الخميني، وتعاون معه، مع الرئيس حافظ الأسد، في مواجهة اسرائيل، وأنشأ أفواج المقاومة اللبنانية التي أعلنها في أربعينية الإمام الحسين، هذا التعاون من إيران إلى سوريا والعراق ولبنان، هو محور المقاومة في وجه يزيد العصر، إسرائيل، والكل يعلم أن كل هذه الانتصارات في محور المقاومة، هي في مواجهة الفساد من خلال الإصلاح، لا سيما في مواجهة العدو الإسرائيلي”.
وتابع: “نحن في حركة أمل قمنا بواجبنا من خلال مقاومتنا، فمحور المقاومة تشكل حركة أمل جزءا اساسيا منه، والحركة لم تتأخر يوما في الإصلاح الداخلي، من أجل العدالة لجميع اللبنانيين وليس من أجل طائفة دون أخرى. أن حركة أمل لا يمكن أن تحجز نفسها في زاوية طائفية أو مناطقية، جهودنا في لبنان من أجل خلاصه من الشرور التي وقع فيها، اليوم يعترف الجميع بأن حركة أمل نجحت في تحقيق المكاسب لكل اللبنانيين، ونحن نمد ايدينا للبنانيين كافة من الأحزاب والمذاهب كافة ونتعاون من خلال القواسم المشتركة”.
وختم: “الطائفية شر سنحاربه للقضاء عليه، لهذا نمد ايدينا لكل الفئات في الوطن من أجل إخراج الطائفية من حياتنا السياسية لتعم العدالة في مجتمعنا؛ ولكي نخرج من الطائفية لا بد من قانون انتخابي عادل قائم على اساس لبنان دائرة انتخابية واحدة وفقا للنسبية، إلا أنه اقر على اساس دوائر وفق النسبية، وفيه جرعات من الطائفية، وبالرغم من ذلك نلاحظ أن البعض يريد أن يعكر صفو هذا القانون، ونحن موقفنا واضح ولا يمكن ان نسمح لأي قوة أن تقوم بالتأجيل والتمديد للمجلس النيابي، وخاصة اننا أمام الكثير من المتاعب، فعلى سبيل المثال لا الحصر، المجلس الدستوري اليوم رفض مجموعة قوانين كان قد أقرها المجلس النيابي لتمويل سلسلة الرتب والرواتب التي ينتظرها اللبنانيون منذ وقت طويل، وقد انصفت الكثير من العاملين لكنها بحاجة إلى تطوير، لكن ما لا يدرك كله، لا يدرك جله، إنما السلسلة ستواجه مشكلة اذا لم يتم تأمين مصادر التمويل، لذلك البلد أصبح أمام مشكلة جدية في مجال تحقيق موارد تمويل السلسلة، لتنفيذ قانونها، لذلك ندعو كل الهيئات السياسية والدستورية للتعاون من أجل الخروج من هذه الأزمة، وتحقيق سلسلة الرتب والرواتب، وان فشل ذلك ستكون النتيجة التهاب الشارع من جديد”.