حطّ رئيس الحكومة سعد الحريري رحاله خلال الشهرين الماضيين (وسيستمر خلال أيلول الحالي)، في أكثر من بلد غربي وعربي، بدأ في الولايات المتحدة الاميركية والكويت ثم فرنسا ولاحقاً روسيا، للقيام بمهمات صعبة ولكن ليست مستحيلة هدفها استعادة لبنان لحضوره ودوره على الخريطة العربية والغربية بعد غياب قسري نتيجة سنوات الفراغ الرئاسي العجاف.
ومن البديهي القول أن هذا الحراك تجاه المجتمع الدولي هو ترجمة لتوجه مجلس الوزراء مجتمعا، ومن المفترض أن تنعكس نتائجه إيجابا على كافة الاستحقاقات التي يواجهها لبنان وأولها محاربة الارهاب خصوصا بعد تحرير جرود عرسال ورأس بعلبك منه، ودعم الجيش اللبناني والقوى الامنية التي أثبتت كفاءة ممتازة في تخليص البلاد من براثنه، ناهيك عن إنعاش لبنان إقتصاديا وإنمائيا في ظل عبء النزوح السوري الذي يثقل كاهله منذ أكثر من ست سنوات، وينعكس سلبا على كل المرافق الاقتصادية والمعيشية في البلاد.
تتلاقى آراء كافة القوى السياسية على أهمية الحراك الذي يقوم به الرئيس الحريري تجاه المجتمع الدولي، وتتنوع قراءاتها لنتائجه مؤكدة دعمها له حتى النهاية، كونه «ضرورة وطنية» على حد تعبير أكثر من طرف وهذا ما يؤيده عضو كتلة «المستقبل» النائب نبيل دي فريج، الذي يلفت لـ «المستقبل»، إلى أن «نتائج زيارة الرئيس الحريري إلى الولايات المتحدة لم تظهر بعد، لكن زيارته إلى فرنسا لا شك أنها ستكون إيجابية جدا على لبنان وأكثر مما تصورنا، لأسباب عدة أولها الكيمياء الشخصية الموجودة بينه وبين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وثانيها القرارات التي أتخذت بشأن تنظيم مؤتمرات منها مؤتمر باريس 4 ومؤتمر آخر للنازحين ومؤتمر روما لدعم الجيش اللبناني بعدما برهن عن قدراته الكبيرة في جرود رأس بعلبك».
ويضيف: «أعتقد أن مؤتمر باريس 4 سيواجه تحديات عدة، أبرزها عدم تنفيذ لبنان للإصلاحات التي طلبها مؤتمرا باريس 2 و3، بالاضافة الى الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلدان التي ستشارك في المؤتمر مما سينعكس خفضا في مساعداتها للبنان، وهذا يعني أن على اللبنانيين الاجتهاد في حل مشاكلهم بأنفسهم، لكن المهم هو ان الرئيس الحريري يحاول إعادة لبنان إلى الخريطة الدولية ونجح في ذلك».
يوافق عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب آلان عون على كلام دي فريج، ويشير لـ «المستقبل» إلى أن «الرؤساء الثلاثة يتحركون على كل الجبهات لتوعية الرأي العام الدولي، لأهمية التصدي للمشاكل التي يعاني منها لبنان وخصوصا في ملفّي الارهاب والنازحين، ولذلك هناك بحث جدي لمساعدة لبنان عبر إستثمارات دولية لإنعاش الاقتصاد اللبناني».
ويتابع: «ما قام به الرئيس الحريري هو مطلب اساسي وضروري لخلق مشاريع إستثمارية والنهوض بإقتصادنا وخلق فرص عمل جديدة في ظل الركود الحاصل في البلاد، ولا بد أن يترجم هذا التحرك على الصعيد الداخلي بمزيد من الاستقرار الامني والسياسي ونهضة إستثمارية تولّد لاحقاً إستثماراً إقتصادياً».
بدوره، يشبّه عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب طوني أبي خاطر، «الحراك الذي يقوم به الرئيس الحريري بالمياه الجارية التي لا بد أن تنعش وتؤتي ثمارا طيبة»، ويقول لـ «المستقبل»: «نحن بحاجة إلى ثمار جديدة على صعيد تسليح الجيش وحل مشكلة النازحين، لكن هناك معضلة اساسية تواجهنا هي أن لبنان لم ينفذ أيا من الاصلاحات التي طلبها مؤتمرا باريس 2 و3 ما ينعكس تقلصا في حجم المساعدات، ناهيك عن الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه القارة الاوروبية».
من جهته، يشدد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ميشال موسى لـ «المستقبل»، على ضرورة «حصول تواصل بين لبنان والمجتمع الدولي سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، والذي لا بد أن يثمر دعما للبنان أمنيا وإستثماريا، وأن ينعكس إيجابا على الاستقرار السياسي الداخلي مما يخفف من الخلافات الموجودة على الدوام في لبنان».
ويلفت عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب هنري حلو لـ «المستقبل»، إلى ان «رصيد الرئيس الحريري الدولي كبير، وبالتالي نأمل ان ينتج عن هذا الحراك (لوبي) دولي داعم للبنان، وبالرغم من أنه من المبكر الحديث عن نتائج إيجابية لهذه الزيارات، ولكن لا شك أنها ستظهر لاحقا وستكون مفيدة للبنان».
(المستقبل)