جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / تجاذب أميركي – إيراني فوق… الجرود اللبنانية
22-08-17-21-08-17-handss

تجاذب أميركي – إيراني فوق… الجرود اللبنانية

بدأ العدّ العكسي لانتهاء المعركة ضدّ «داعش» في الجرود الشرقية المتاخمة للحدود مع سورية بعدما حقّق الجيش اللبناني تقدماً كاسحاً على مدى ثلاثة أيام من الهجوم الذي بدأه فجر السبت الماضي من المقلب اللبناني، في موازاة هجومٍ مماثل شنّه «حزب الله» بمؤازرة الجيش السوري من المقلب السوري.

وتشي الوقائع الميدانية بقرب تفكيك «الإمارة» الهشة والمحاصَرة لـ «داعش»، والتي كانت ممتدة على مساحة نحو 120 كيلومتراً مربعاً في الجرود اللبنانية النائية والصعبة، وما يفوقها بقليل داخل الأراضي السورية، قبل أن تنحصر بين فكّيْ كماشةِ الهجوميْن من على المقلبيْن.

وبدا أن «المسرح السياسي» للعملية التي يخوضها الجيش اللبناني بكفاءة عالية أكثر تعقيداً من المجريات العسكرية، وخصوصاً في ضوء «نزاعٍ» لم يعد مكتوماً حول ما يشبه «الهوية السياسية» لمعركة الجيش وإطارها ما يجعله في «حقل ألغام» مزدوج عسكري وسياسي، يقاتل بيدٍ ويخطّ توضيحاتٍ باليد الأخرى.

ففي اليوم الثالث من معركة «فجر الجرود»، حقّق الجيش اللبناني المزيد من التقدم في اتجاه «الربع الاخير» من المساحة التي كان يحتلها «داعش» وسط استمراره في «تنظيف» المناطق التي حررها من الافخاخ الملغومة والتشريكات التي كانت ادت اول من امس الى سقوط ثلاثة عسكريين شيعوا أمس، في ظلّ معلوماتٍ لـ «الراي» عن أن «حزب الله» يتجه في غضون ساعاتٍ الى حسْم العملية التي يخوضها عبر ستة محاور في المقلب السوري.

وعكست الوقائع الميدانية استشراساً من «داعش» في مواجهة الجيش الذي نجح في إحباط عمل انتحاري كان يستهدف قواته في الجرود عبر سيارة ودراجة نارية مفخختيْن، ما اعتُبر مؤشراً على أن التنظيم الارهابي يلجأ الى «أوراقه الأخيرة» في محاولة يائسة لفرْملة اندفاعة الجيش في اتجاه الـ 40 كيلومتراً الاخيرة التي لجأ إليها.

وعزز نجاح الجيش في الاقتراب من إنجاز مهمته، الالتفاف السياسي والشعبي من حوله في الداخل، إضافة الى تنويه الخارج، لا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، بـ «كفاءته العالية» في الحرب التي يخوضها ضد الارهاب كـ «عدوّ مشترك».

وكان لافتاً ان هذا الاجماع حول دور الجيش قابَله تجاذب بدأ همساً وتصاعد حيال توظيف الانتصار الوشيك بين فريقٍ يريد إثبات قدرة الجيش وحيداً على حماية لبنان و«احتكار السلاح»، وبين فريق آخر يصرّ على تثبيت شراكة «حزب الله» للجيش في دوره من ضمن معادلة «الشعب والجيش والمقاومة».

وبدا ان لبنان الرسمي كان حاسماً بحرْصه على «لبْننة» معركة الجيش ضد «داعش» ووضْعها تحت سقف التحالف الدولي ضد الارهاب ونفي أي تنسيق مباشر أو غير مباشر مع الجيش السوري أو «حزب الله»، في الوقت الذي أصرّت جهات قريبة من الحزب على إظهار وجود تنسيق ميداني بإدارة المعركة ومجرياتها.

وسألتْ هذه الجهات «من اين يأتي الجيش اللبناني بقذائف دباباته الـ T.54 الروسية الصنع ومضاداته من نوع عيار 23 ميللمتراً»، لافتة الى ان ضابط ارتباط سوري يتنقل بشكل رسمي بين بيروت ودمشق هو الذي ينسّق لتزويد الجيش اللبناني بذخائر جديدة.

وتحدّثت الجهات عيْنها عن ان الجيش اللبناني لم يكن موجوداً على الحدود مع سورية منذ سيطرة «النصرة» و«داعش» على أجزاء منها، وعندما دحر «حزب الله» مسلّحي «النصرة» أخذ تماساً مع «داعش» على المرتفعات التي شنّ من خلالها الجيش هجومه على «داعش» عبر ثلاثة محاور.

وكشفتْ هذه الجهات ان قيادة «حزب الله» أعطت تعليمات لوحداتها بالتنسيق التام مع الجيش اللبناني لتوزيع مقاطع منطقة العمليات من دون ان تكون هناك خطة عمليات عسكرية مشتركة، معتبرة ان التنسيق على الأرض إجباري لمنع استهداف الفريقين اللذين يسيران بمقاطع متلاصقة.

وحسب الجهات نفسها، فإن ضابطاً كبيراً من اعلى قيادات «حزب الله» العسكرية يتولى التنسيق المباشر وعن قرب مع عمليات الجيش اللبناني، لأن طبيعة المعركة التي تجري على مسرح واحد تفترض هذا المستوى من التنسيق.

ومن الواضح أن إظهار هذه المعطيات يأتي بسياق تجاذُبٍ يتجاوز الواقع الداخلي ويتصل بأبعاد خارجية لمعركة الجيش، وهو ما تجلى بمسارعة مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين جابر الأنصاري (وفي اليوم الأول لنيل الحكومة الايرانية الثقة) إلى زيارة لبنان، مؤكداً على معادلة «الشعب والجيش والمقاومة».

وفي لحظة الدخول الإيراني على خط معركة الجيش ضدّ «داعش» كانت السفارة الاميركية في بيروت تحيي «الجنود اللبنانيين الذين يعملون على الخطوط الأمامية لنزع داعش من لبنان والعالم»، مؤكدة ان واشنطن «فخورة بدعم الجيش اللبناني باعتباره المدافع الوحيد عن لبنان وشريكا في معركتنا المشتركة ضدّ داعش».

وفي السياق عينه، أعلنت السفارة الفرنسية «الاعجاب والدعم للجيش بمعركته ضد داعش، فلبنان وفرنسا يواجهان اليوم عدواً مشتركاً».
(الراي)