بمزيد من العزم والعزيمة وبإرادة لن تكلّ ولن تلين حتى تحرير الأرض من الجرود إلى الحدود، بحسب “المستقبل”، تواصل وحدات الجيش اللبناني تقدمها الميداني على محاور القتال لتطهير المنطقة الجردية الشرقية من الوجود الإرهابي، محرزةً في ثاني أيام “فجر الجرود” نجاحات ملحوظة على خارطة بقعة العمليات العسكرية ضد مقاتلي “داعش”، سواءً على مستوى تساقط العشرات من الإرهابيين بين قتيل وجريح وفارّ على مختلف جبهات المعركة، أو على صعيد دحرهم عن المزيد من التلال والمرتفعات بشكل نجح معه الجيش في ربط جرد عرسال بجرد بعلبك والسيطرة نارياً على أقسام واسعة من المناطق المحاذية للحدود مع سوريا، لتنجح تالياً “فجر الجرود” في ثماني وأربعين ساعة بتحرير ثلثي الأراضي الواقعة ضمن نطاق المعركة بواقع 80 كلم2 من أصل 120 كلم2، على أن يبقى تطهير “الثلث” الأخير من الأرض المحتلة والذي وصفته مصادر عسكرية لـ”المستقبل” بأنه “الأصعب”.
وأوضحت مصادر “المستقبل” أنّ صعوبة المرحلة المقبلة من العمليات العسكرية تكمن في كونها ستستهدف “نقاط التمركز والتجمع الأساسية” لإرهابيي “داعش” بعدما أعادوا تموضعهم وتحصنوا فيها نتيجة الانسحابات والانكسارات المتتالية التي مُنوا بها على أكثر من محور خلال الفترة الأخيرة، مشددةً على أنّ الجيش “رايح للآخر” ولن يوقفه شيء عن إنجاز مهمة تحرير الجرود مهما بلغ حجم المخاطر والتحديات.
في وقتٍ أكّدت مصادر متابعة لمجريات المعركة لـ “الجمهورية”، “أنّ اليوم سيكون اليومَ الأخير للعملية، حيث ستُعلَن نهاية المعركة، على أن تستمرّ عملية تنظيف المناطق المحرَّرة”، رَفضت مصادر أخرى “تحديدَ سقفٍ زمنيّ لانتهاء العملية”، مشيرةً إلى أنّها قد تنتهي اليوم أو غداً أو بعد فترة، وهذا رهنٌ بتطوّرِ مسار المعركة، وإنهاءِ “داعش”.
في المقابل، كشفت “الديار” أن قيادة ستعلن في مؤتمر صحافي بتمام الساعة الخامسة من بعد ظهر اليوم انتهاء المرحلة الثالثة والاخيرة من معركة “فجر الجرود” على ان تبقى قوة عسكرية لاستكمال عمليات تطهير الجرود من بقايا وفلول التنظيم الارهابي.
“الجمهورية”: إتصالات للتوصل إلى وقف للنار
الى ذلك، كشفَت مصادر واسعة الاطّلاع قبَيل منتصف ليل أمس لـ”الجمهورية” أنّ الاتّصالات الجارية بين بيروت وبعض العواصم الإقليمية عبر مراجع أمنية، والتي يمثّل فيها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لبنان، تناوَلت إمكانَ التوصّل إلى وقفٍ للنار بين “داعش” والجيش اللبناني.
وقالت مصادر “الجمهورية”، إنّ الردَّ اللبناني كان واضحاً وصريحاً عندما أكّد أنّه لا يرفض وقفاً للنار في المطلق، ولكنّ مفتاح الباب إلى مِثل هذه المفاوضات واحد، وهو يَكمن في إعطاء معلومات دقيقة عن مصير العسكريّين اللبنانيين المخطوفين لدى “داعش”، بعدما تبيَّنَ أنّ إفادات أسرى “داعش” السبت حول وجودِهم في مكانٍ ما مِن جرود عرسال لم تكن صحيحة.
العوامل التي ساهمت في تقدم الجيش
فيما تميّزَت الأيام الأولى من المعركة بسرعة تقدّمِ الجيش ميدانياً، أكَّد مصدر عسكري لـ”الجمهورية” أنّ “هذا التقدّم السريع حصَل نتيجة عوامل عدّة، أبرزُها:
• أوّلاً، التحضير الذي تمَّ على مدى الأشهر الماضية، ووضعُ خطة مدروسة، حيث لم يتأثّر الجيش بالضغط الذي حاوَل البعض ممارستَه عليه.
• ثانياً، تصميمُ الجيش قيادةً وضبّاطاً وأفراداً على إنهاء الظاهرة الإرهابية التي هي بمثابة شوكةٍ في خاصرة لبنان.
• ثالثاً، الغطاءُ السياسيّ الداخلي الذي منِح للمؤسسة العسكرية، إضافةً إلى الثقة الدولية بأدائه.
• رابعاً، مفاعيل الدعمِ الأميركي والبريطاني للجيش، حيث إنّ الأسلحة الأميركية “تفعل فِعلها” في الحرب الدائرة، كما أنّ أبراج المراقبة التي بناها البريطانيون ساهمت في كشفِ مواقع الإرهابيين”.
أكّد مصدر “الجمهورية”، “تقهقُرَ قوّةِ “داعش”، حيث إنّ استراتيجية الجيش في ضربِ تحصينات الإرهابيين وشلِّ حركتِهم ساهمت في انهيارهم سريعاً، في حين أنّ سلاح الطيران كان فاعلاً في اليومين الأوّلين من المعركة بمقدار كبير، وسيَستمر الجيش في استعمال كلّ أنواع الأسلحة التي في حوزته”.
لا تنسيق مع “حزب الله”
ويبدو واضحاً، وفق “اللواء”، ان الجيش ينفذ خطة عسكرية محكمة للاطباق على مسلحي “داعش” عبر فكي كماشة، بعدما نجح في ربط جرود عرسال وبجرود رأس بعلبك والقاع، فيما “حزب الله” ومعه الجيش السوري يندفع من الغرب في القلمون الغربي، باتجاه الحدود الشرقية، في عملية مماثلة أطلق عليها اسم: “ان عدتم عدنا”، لحصر “داعش” في منطقة وسطى، ولكن من دون تنسيق بين الحزب والجيش، بحسب ما أكّد مدير التوجيه في قيادة الجيش العميد علي قانصو، وأن كان سير المعارك في مرحلة معينة تقتضي نوعاً من التنسيق الميداني والاتصالات، سيما بعد وصول الجيش السوري إلى مناطق التماس الحدودية مع الجيش اللبناني.
معنويات العسكريين على الجبهة مرتفعة جداً
وأكدت مصادر عسكرية، لـ”المستقبل”، أن معنويات العسكريين على الجبهة مرتفعة جداً، وأشارت في هذا السياق إلى أنّ زيارة قائد الجيش العماد جوزف عون التفقدية أمس إلى مناطق رأس بعلبك والقاع أعطت دفعاً كبيراً للوحدات العسكرية خصوصاً أنه وصل إلى مواقع متقدمة على تماس مباشر مع المعركة حيث عاين جبهة القتال وواكب شخصياً عمليات القصف والاستهداف الميداني للإرهابيين.
احتضان شعبي ورسمي للمعركة
كان اللافت للانتباه، بحسب “اللواء” و”الجمهورية”، الاحتضان الرسمي والسياسي والشعبي الجامع لعملية الجيش، وبرز هذا التضامن من خلال إجماع لبناني كبير في المواقف التي عبر عنها سياسيون ورسميون وشعبيون.