رندة تقي الدين :
منذ فترة تتناقل الأوساط الديبلوماسية الغربية المقربة من إسرائيل المعلومات التي تضعها الدولة العبرية بحوزتها عن تعزيز التسليح والدعم الإيراني في شكل كبير لـ «حزب الله» في لبنان وخصوصاً على الحدود اللبنانية- السورية. وتشير هذه الأوساط إلى إمداد إيران كمية كبرى من الصواريخ إلى الحزب. وتضيف أنه يدرب مقاتليه اللبنانيين وغيرهم على الأراضي اللبنانية وليس في سورية. وكتب الزميل فيليب أبي عقل في صحيفة «لوريان لوجور»، أن الرئيس دونالد ترامب قال لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إن إيران زودت «حزب الله» ١٥٠ ألف صاروخ في حين أن العدد كان من قبل ١٠ آلاف. والسؤال اليوم هو إلى أين تأخذ إيران لبنان؟ وهل ندفع مجدداً ثمن تحالف جزء من الدولة اللبنانية مع «حزب الله»؟ فقد قيل الكثير عن الجيش ودفاعه عن الوطن وإبعاد «الداعشيين» عن الحدود اللبنانية. والإدارة الأميركية تزود الجيش اللبناني معدات هو بحاجة إليها. ولكن لسوء حظ لبنان أن إيران استطاعت عبر «حزب الله» وحلفائه المسيحيين الذين يمثلون الدولة اللبنانية أن تفرض نفوذها في لبنان، حتى أن اللبنانيين أصبحوا ينتظرون خطابات حسن نصرالله لمعرفة استراتيجيته في المنطقة وفي الداخل. وإيران تمول الحزب وحلفاءه منذ سنوات لأنها مهتمة ببقاء الهلال الشيعي على الحدود مع سورية. كما تسعى إلى السيطرة على جزء من سورية. ولبنان ليس بحاجة إلى تهديدات «حزب الله» بالانتصار على الدولة العبرية لأن البلد ليس بحاجة إلى المزيد من الدمار والحروب. فالدولة اللبنانية ليست اليوم كما كانت عام ٢٠٠٦ عندما شنت إسرائيل حربها الوحشية على لبنان لأن نفوذ «حزب الله» توسع ولا يخفى على أحد أن لبنان اليوم يعاني من هذه الهيمنة التي لا يجازف أحد في الحكومة بتحديها. ولا أحد في الحكومة يمكنه منع «حزب الله» من حربه في سورية للدفاع عن النظام المجرم. كما أن لا أحد في لبنان بإمكانه منع زيارة وزير من «حزب الله» إلى دمشق. ولا أحد بإمكانه تطبيق قرار مجلس الأمن بتجريد الحزب من سلاحه بل بالعكس يشهد لبنان المزيد من هذا التسلح الآتي من إيران فيما يدعي «حزب الله» أنه يجنب لبنان حرباً جديدة من العدو الإسرائيلي.
إن لبنان واقع بين قوتين إقليميتين مخربتين في المنطقة: إسرائيل من جانب وإيران من جانب آخر. أما ما يسمى بسياسة النأي بالنفس عن حروب المنطقة فأمر ساذج، إذ إن القوى الأساسية في لبنان تحارب في سورية وجزءاً مهماً من الدولة متحالف مع هذا الحزب، خصوصاً من هو طامح للخلافة الرئاسية في عهد لاحق إذا استمر البلد. فـ «حزب الله» ساعد النظام السوري على خراب بلده وقتل شعبه. كما أنه بهذه الحرب ساهم في دفع الملايين من النازحين السوريين إلى الدول المجاورة ومنهم مليون ونصف نازح إلى لبنان حيث التوترات الاجتماعية بين اللبنانيين واللاجئين السوريين بلغت مستوى خطيراً جداً. فـ «حزب الله» وضع لبنان تحت وطأة إيران وأفقره بالنازحين السوريين وبقتل شبابه الشيعة الذين يتعرضون لغسل دماغ بأن قتالهم سيحولهم إلى شهداء. وأي شهادة هذه عندما يموتون من أجل بقاء بشار الأسد والنفوذ الإيراني في لبنان؟ فالوضع في لبنان خطير طالما أن إيران و «حزب الله» وإسرائيل تسيطر على مصيره، خصوصاً أن الجميع في المنطقة تركوه يتخبط في بحر هائج وملوث بالمشكلات.