كتب ميشال نصر في صحيفة “الديار”: بعيدا عن صخب المعارك والاستعدادات الجارية على حدود السلسلة الشرقية، تشهد الجبهة الجنوبية حربا من نوع اخرى بين الحكومة اللبنانية والامم المتحدة على خلفية قرار الاخيرة تخفيض ميزانية اليونيفيل، ما قد يوسع هامش المخاوف من اندلاع مواجهات على تلك الجبهة وهز الاستقرار، خدمة لمصالح اسرائيلية معينة ارتباطا بما يحكى عن قرب انتهاء النزاع السوري.
مصادر لبنانية مواكبة اكدت ان الدولة اللبنانية تضغط بكل ثقلها عبر اتصالات اجراها وزير الخارجية، وعبر مسعى مواز سيقوم به رئيس الجمهورية خلال زيارته الى نيويورك لالقاء كلمة لبنان امام الجمعية العامة، “لالزام” الامم المتحدة بالتراجع عن قرارها في خفض موازنة قوات الطوارئ الدولية، ما قد يسدد نكسة للقرار 1701 ، بعد اضطرار الجيش اللبناني لسحب وحدات من جنوب الليطاني لتنفيذ مهمات اخرى، كاشفة عن اتصالات بالدول المعنية والتي تملك قوات عسكرية في اطار اليونيفيل لحثها على تأمين الاموال اللازمة لوحداتها وان من مصادرها المحلية، لخطورة وتداعيات اي خطوة قد تعرض القرار 1701 للاهتزاز.
مصادر دبلوماسية مطلعة تتكتم عن شرح اسباب ما يجري محيلة الامر الى اجراءات محض ادارية هدفها عصر النفقات الذي اتخذ على صعيد القيادة الدولية والذي يشمل من ضمنه بعثات حفظ السلام وقوات الطوارئ الدولية حول العالم، بعدما باتت بعض هذه الوحدات تتخطى في مصاريفها الموازنات المرصودة نتيجة التخمة في جهازها الاداري وكثرة الموظفين المحليين في صفوفها والتي عادة يعملون في مجال الادارة.
وتتابع المصادر ان لا معلومات عن اتجاه لتغيير قواعد الاشتباك التي يقوم عليها وقف العمليات العدائية على جانبي الحدود ،رغم الضغوط الكبيرة التي تمارسها اسرائيل، واعتبار المنظمة الدولية ان الحديث عن عمليات تهريب سلاح عبر الحدود مع سوريا، او اقامة مصانع للصواريخ انما هي اخلال بموجبات القرار 1701 الذي تتحمل في جزء منه السلطات الرسمية اللبنانية المسؤولية كونها بموجب القانون الدولي صاحبة السيادة، مبدية في هذا الاطار حذرها من “عدم التعاون”، كما حصل مع رئيس اركان قوات مراقبة الهدنة الذي زار مكلفا من قيادته التأكد من صحة التقارير عن مصانع السلاح، دون ان يحصل من القيادات العسكرية والامنية اللبنانية التي التقاها على اي معلومات، ليأتي تقريره فارغاً، علما ان احدى الدول الغربية قدمت معلومات استخبارية حول هذا الموضوع.
واذ اكدت المصادر ان القيادة الدولية تتفهم الموقف اللبناني، وهذا ما دفعها الى فتح قنوات اتصال مع قوى الامر الواقع في بعض البلدات، أبدت خشيتها من ان يؤدي سحب الجيش لعدد من الويته وخفض انتشاره في منطقة جنوب الليطاني، خلافا لمندرجات القرار 1701 الذي نص على الزام لبنان بنشر 15000 جندي في هذا القطاع ،الى السماح لبعض المجموعات الارهابية من الاستفادة من تلك الثغرة للتسلل الى المنطقة الحدودية في حال اتخذ قرار بتفجير الاوضاع، رغم تفهم حاجة الجيش الى العديد الذي تم سحبه للاستعانة به في مهمات قتالية ضد الارهاب، رغم التاكيد على ضرورة تعزيز وجود الجيش في قطاع جنوب الليطاني، مبدية تفهم المجتمع الدولي لما يقوم به الجيش اللبناني منذ سنتين في دحر الارهابيين وقطع الامدادات عنهم، ولا يزال موضع تقدير، رغم ان الامم المتحدة استفسرت عن معركة جرود عرسال.
وتكشف المصادر ان القوات الدولية ترفع تقارير دورية دقيقة حول الانتهاكات على طرفي الحدود الى القيادة في نيويورك، كما ان خطوط التواصل مفتوحة مع الجهات اللبنانية كما الاسرائيلية على الحدود لضبط اي حادث ومنع تطوره، وتشير المصادر الديبلوماسية الى “استعراض القوة” الذي اقامه حزب الله منذ فترة على مقربة من الحدود والذي دفع برئيس الحكومة ووزير الدفاع وقائد الجيش الى زيارة المنطقة لتبديد المخاوف.
واعتبرت المصادر ان اي تغيير في القرار 1701 يفترض الرجوع الى مجلس الامن الدولي، اما الاجراءات الادارية التي على اساسها تشكلت قوات اليونيفيل فهي عمليا من صلاحية ادارة قيادة قوات السلام حول العالم التي يعود لها حجم تحديد عدد الموظفين وعديد القوات التي تتالف منها على ان ترفع تقريرا بذلك الى الامين العام، كما ان تقرير الممثلة الشخصية للامين العام غير ملزم لمجلس الامن، مستغربا الحملة التي تتعرض لها السفيرة سييغريد كاغ المتهمة في الاروقة الدولية بانها صديقة لبنان.
(الديار)