إن شاء الله، سنرى صواريخ S-400 في بلادنا”، هكذا قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لنواب حزبه الحاكم، خلال اجتماع في البرلمان، بعد توقيع اتفاق مع روسيا بقيمة 2-3 مليارات دولار، لشراء النظام الدفاعي الصاروخي المطور المخصص لإسقاط الطائرات والصواريخ في مدى 400 كم.
ورغم أن هذه الخطوة تضر بالعلاقات مع حلفاء تركيا في “الناتو”، فإنها تجعل البلاد أكثر قدرة على حماية نفسها من الحروب المستعرة على حدودها والتهديدات المتزايدة في المنطقة.
تركيا والناتو
وذكرت تقارير محلية أن تركيا، التي تعتبر ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي، سوف تستفيد من هذه الصفقة في تطوير صناعات الدفاع التركية لتصبح أكثر اكتفاءً ذاتياً، رغم غضب أعضاء الناتو من الاتفاقية.
وكان وزير الدفاع التركي، فكري إشيق، قد قال مطلع شهر تموز الماضي: “أنهينا جميع المسائل التقنية وتوصلنا لقرار نهائي يتعلق بشراء أنظمة S-400 من روسيا”، لكنه قال أيضاً، خلال مقابلة مع القناة التركية الرسمية، إن بلاده ستتعاون مع فرنسا وإيطاليا لتطوير مشروع منظومة دفاعية صاروخية محلية، مشيراً إلى أن التركيز حالياً هو على تطوير المنظومات الصاروخية لا على شرائها.
وعبّر الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية، الكابتن جيف ديفيس، عن قلق البنتاغون حيال شراء تركيا التكنولوجيا الروسية؛ بسبب إمكانية عدم توافقها مع المعدات التي يستخدمها الحلف الأطلسي.
تفاصيل الاتفاق
لم يشارك الطرفان تفاصيل الاتفاق، لكن تقريراً نُشر في موقع القناة التركية الرسمية TRT، ذكر أن تركيا ستحصل العام المقبل على بطاريتي صواريخ من طراز S-400 من روسيا، وتنتج خلال العامين التاليين بطاريتين إضافيتين على الأراضي التركية.
ويعود الاتفاق إلى تشرين الثاني الماضي، وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إنهم كانوا في محادثات ومفاوضات مستمرة مع روسيا منذ ذلك التاريخ بشأن S-400، بينما قال سيرغي شيرميزوف، الرئيس التنفيذي لشركة روستك المنتجة للصواريخ، إن “أنقرة مستعدة لشراء البطاريات الصاروخية بقرض من موسكو” ورفضت الشركة المنتجة الكشف عن تفاصيل الشراء.
لماذا تشتري تركيا المنظومة؟
تقول تركيا إنه من الواجب عليها أن تحصل على منظومة S-400؛ للدفاع عن مساحة واسعة ضد أهداف تصل إلى 250 ميلاً؛ مما يمكن أن يوازن التهديدات الآتية من المنطقة.
ويقول خبراء عسكريون روس إن منظومة إس قادرة على كشف وتحديد وتدمير أي هدف جوي، وضمن ذلك الطائرات والمروحيات والطائرات من دون طيار والصواريخ الباليستية التكتيكية.
ومع استمرار الصراع في سوريا والعراق، فإن تركيا تنتهج سياسة خارجية أكثر استقلالاً من خلال عملية الشراء التي تهدف إلى حماية المجال الجوي ومواجهة المخاطر خارج حدودها، بالإضافة إلى أن منظومة S-400 أرخص من أنظمة الدفاع الأخرى ضمن المستوى نفسه.
وفي عام 2013، أطلقت تركيا مناقصة تهدف إلى شراء أنظمة الدفاع الجوي، واقترحت شركة صينية “CPMIEC” السعر الأفضل ضمن أسعار أخرى معقولة، ولكن أميركا أجبرت تركيا على إلغاء الصفقة بالقول إن الشركة الصينية فرضت عليها عقوبات من الولايات المتحدة الحليفة لتركيا؛ بسبب مزاعم عن تورطها في مبيعات صاروخية لإيران
وفي العام نفسه، نشرت صواريخ باترويت ألمانية وهولندية (صواريخ مصنوعة أميركياً ومستخدمة من قِبل الناتو) في المدن الحدودية التركية مع سوريا، وتمت إزالة النظم الصاروخية عام 2015؛ بسبب تقييم بأن التهديد من سوريا قد اختفى وأخذ محلهم الوطنيون الإسبان.
ما هي صواريخ S-400؟
وتم تطوير S-400 من قِبل مكتب التصميم المركزي الروسي، خلفاً لصواريخ S-300 التي كانت تُستخدم في القوات المسلحة الروسية منذ عام 2007، وتهدف الحكومة التركية بهذه الصفقة إلى تطوير تكنولوجيا الدفاع المصنوعة محلياً، وستتيح عملية الشراء هذه لتركيا اكتساب “الدراية الفنية” والسماح بنقل التكنولوجيا.
وكان عام 2006 قد شهد فشل تركيا في التوصل لاتفاق مع الشركات الأميركية لإنتاج طائرات هيلكوبتر هجومية مشتركة، ورفضت الولايات المتحدة منح تركيا الشيفرة.
ويقول مراقبون إن تركيا لا تريد أن تعتمد على الغرب في صناعة الدفاع؛ بل تريد خلق التنوع في الدفاع والطاقة أيضاً. وقد استثمرت تركيا مليارات الدولارات لتطوير صناعاتها الدفاعية محلياً.
وأخيراً، رغم أن السياسيين الأتراك يقولون إن العلاقات مع روسيا ليست إنذاراً لحلف الناتو ولا الاتحاد الأوروبي، ولكن الرسالة من عملية الشراء قد وصلت بالفعل، وهي أن تركيا لديها بدائل بالفعل.
(Huffington Post)