واذا كانت مظاهر هذا «الاستلحاق» تعبّر عن نفسها بالدور المحوري الذي يضطلع به المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم في إنجاز «اتفاق الجرود» كما بتبلْور استعداداتٍ ميدانية للجيش اللبناني لتولي مهمة دحر مسلحّي «داعش» المنتشرين في جرود بلدتيْ رأس بعلبك والقاع، فإن أوساطاً مطلعة ترى عبر «الراي» ان «الأضرار» الداخلية والخارجية لـ «انتزاع» حزب الله دوراً جديداً عنوانه «تحرير الأرض من الإرهاب» وقعتْ ولو حاول مسؤولون رسميون تخفيف وطأة الأمر بإعلان ان المعارك دارت في نقاط «متنازَع عليها بين لبنان وسورية وغير مرسَّمة».
وتقول هذه الأوساط ان التفاوض مع «النصرة» ينطوي على جانبٍ حساس يتّصل بالتداعيات السلبية المعنوية لتسهيل «المرور الآمِن» لـ «الجبهة» وأميرها في الجرود ابو مالك التلي المسؤول عن قَتْل العديد من العسكريين اللبنانيين إبان معركة عرسال في اغسطس 2014 (خاضتها النصرة وداعش معاً) وإعدام عدد منهم خلال الأسْر، معتبرةً انه حتى لو خاض الجيش المعركة مع «داعش» فإن ذلك سيَظهر وكأنه يحصل بتوقيتٍ حدّده «حزب الله» وفق أجنْدته الاقليمية.
وتعتبر الأوساط نفسها ان معركة «حزب الله» في الجرود وموقف لبنان الرسمي حيالها كانا تحت معاينة غربية دقيقة، وهو ما عبّر عنه كلام السفير البريطاني هيوغو شورتر بعد لقاء عقده يرافقه ممثل للسفيرة الأميركية مع قائد الجيش العماد جوزف عون، حيث أعلن (شورتر) «الدولة القوية وحدها مع وجود جيش قوي في قلبها يمكنها على المدى الطويل ان تضمن استقرار لبنان وديموقراطيته، ووحده الجيش يمكنه التصرّف بموافقة جميع اللبنانيين وتماشياً مع الدستور وقرارات مجلس الأمن» وان بلاده «تدعم القوات المسلحة اللبنانية لأنها المدافِع الوحيد عن لبنان».
واعتُبر هذا الكلام مؤشراً بارزاً للتداعيات السلبية لظهور الجيش بموقع إما مَن ينخرط بمعارك يحدّد «حزب الله» ساعتها وإما يراقب هذا الحزب وهو يخوضها في وقت يحاول رئيس الحكومة سعد الحريري في واشنطن ضمان استمرار المساعدات العسكرية للجيش واحتواء رزمة العقوبات الأميركية المالية الجديدة على «حزب الله» (متوقَّع إقرارها في الكونغرس في سبتمبر) على قاعدة السعي لجعلها محدَّدة وغير شاملة بما يحمي فئات لبنانية واسعة والقطاع المصرفي.
(الراي)