نعت عرسال ابنها أحمد الفليطي الذي توفي متأثراً بجروح أصيب بها بعد استهداف سيارته بصاروخ موجّه من قبل مسلحي «جبهة النصرة» في جرود بلدة عرسال. نائب رئيس البلدية السابق كان الوسيط الذي طلب منه «أمير جبهة النصرة» في القلمون، أبو مالك التلي، التوجه إلى الجرود، لوجود أمر يريد البحث معه في شأنه. ذهب إلى الجرود بنيّة «وقف سفك الدماء في جرود عرسال»، يقول عارفوه.
فجر أول من أمس، اتصل الفليطي بالوزير السابق وائل أبو فاعور، وأبلغه أنه سيقصد الجرود. حاول أبو فاعور ثنيه عن قراره، قائلاً له إن المنطقة ساحة حرب الآن. لكن الفليطي أصرّ. اتصل بالأجهزة الأمنية وبالجيش اللبناني، وثمة من أمّن له تواصلاً مع حزب الله. حصل على موافقة الجيش والحزب و«النصرة» على التوجه إلى الجرود التي يعرف كل شبر فيها كما لو أنها منزله.
استقل مع قريبه فايز الفليطي سيارة رباعية الدفع، واتجه صوب الجرود. بعد انتظار دام أكثر من ساعة على الحاجز الأخير للجيش اللبناني، انطلق نحو مقصده. وعندما انتهى من طريق وادي حميد عند مفرق العجرم، استهدفت مجموعة من «جبهة النصرة» في وادي حميد السيارة بصاروخ، ما أدى إلى إصابته بجروح بالغة في ساقه التي بترت، وما لبث أن فارق الحياة متأثراً بنزيف حاد.
كثيرون من أهالي عرسال يحمّلون «جبهة النصرة» مسؤولية اغتيال الفليطي، فيما يطالب آخرون بتحقيق، مشكّكين في رواية الجيش الذي أكّد أن الصاروخ أطلقه إرهابيّو «النصرة». وذكّرت مصادر في البلدة بـ«الدور الكبير» الذي أداه الفليطي في جميع مراحل المفاوضات مع الإرهابيين لإطلاق مخطوفين لبنانيين وسوريين وأجانب، وهو وصل إلى مدينة الرقة السورية قبل نحو عام، عبر الأراضي التركية، للبحث في مصير الجنود اللبنانيين المخطوفين لدى تنظيم «داعش».
وتلفت مصادر أمنية إلى أن المحيّر في اغتيال الفليطي أن طرفي القتال في الجرود، أي النصرة وحزب الله، وصلا إلى اقتناع بعدم جدوى التفاوض بعدما احتدمت المعركة. وبالتالي، ما الذي دفع التلي إلى الطلب منه التوجه إلى الجرود، في ظل غياب أي موضوع للتفاوض بشأنه؟ ولا تستبعد المصادر أن يكون التلّي قرر اغتيال الفليطي بهذه الطريقة بهدف توريط عرسال في المعركة.
عرسال تلقّت خبر الفليطي بكثير من الحزن، لكونه «زلمي آدمي، ولم يتوانَ عن المضيّ رغم المعارك من أجل مهمته الإنسانية، وبالتالي هو شهيد الوساطة ومن أجل الوطن» كما يقول أحد أبناء البلدة. تيار المستقبل رأى في بيان له أنّ ما تعرض له الفليطي «هو عمل دنيء لا وظيفة له إلا محاولة زج عرسال في التطورات العسكرية التي تشهدها جرودها المتداخلة مع الاراضي السورية»، متوجهاً إلى أهالي عرسال «بالتحلي بأعلى درجات الحكمة واليقظة لإحباط أي مخطط للنيل من استقرار البلدة، والاستمرار في وحدتهم خلف الجيش اللبناني في كل ما يقوم به لحماية البلدة من أيّ تداعيات محتملة لما تشهده الجرود».
البلدة عبّرت عن حزنها خلال التشييع يوم أمس بكثافة المشاركة، وبدا لافتاً أن عرسال ما زالت على «هدوئها» رغم حزنها على الفليطي، بحسب ما يؤكد باسل الحجيري، رئيس بلدية المدينة، لـ«الأخبار». وشدد الحجيري على أن «عرسال قدمت وما زالت الشهداء على مذبح الوطن وكرامة عرسال، ولها الفخر بأن يستشهد أبناؤها في سبيل وقف الدماء وتحرير أراضي البلدة من الإرهاب، حتى تعود أرزاقنا لنا».
وبعد استهداف الفليطي، سارع العديد من النازحين السوريين في مخيمات وادي حميد والملاهي إلى التوجه إلى معبر وادي حميد، ودخل العديد من العائلات والحالات الإنسانية الى عرسال.
(الاخبار)