بمناسبة مضي سنة على العملية الإرهابية في مدينة نيس الفرنسية، أكد فاديم تروخاتشوف، في مقال نشرته “نيزافيسيمايا غازيتا”، أن سياسة التعددية الثقافية لم تكلل بالنجاح في جميع الأمكنة.
كتب المحلل السياسي، كبير الأساتذة في كرسي بحوث الأقاليم الخارجية والسياسة الخارجية بالجامعة الروسية الحكومية للعلوم الإنسانية فاديم تروخاتشوف:
حلت يومَ 14 تموز الذكرى السنوية الأولى للعملية الإرهابية، التي وقعت في مدينة نيس الفرنسية، ذلك إضافة إلى وقوع أحداث أخرى في هذا الشهر في ألمانيا قام بها اللاجئون. وكل هذه الأحداث تذكرنا ثانية بأن مسألة اندماج اللاجئين من الدول الإسلامية بالمجتمع الأوروبي، تبقى حرجة.
وقد اضطر الاتحاد الأوروبي عقب هذه الأحداث إلى تشديد الرقابة على حدوده الخارجية، واتخاذ تدابير أمنية مشددة في بعض الدول الأعضاء. وهذا بالطبع قلص من تدفق اللاجئين، لكنه لم يقلل من عدد العمليات الإرهابية، لأن الذين يقومون بها هم من مواليد أوروبا، أو يقيمون فيها منذ سنوات عديدة.
في هذه الأثناء، اعترف سياسيون رفيعو المستوى بأنه بفضل سلسلة أخطاء ارتكبتها السلطات الأوروبية أصبح من السهل القيام بعمليات إرهابية. فإنشاء مناطق وأحياء للمهاجرين والتغاضي عما يجري في المساجد، وعدم القدرة على الحد من عمليات تجنيد الإرهابيين كانت من بين أسباب التفجيرات وإرسال ألوف المواطنين الأوروبيين للقتال في صفوف “داعش”.
ومع هذا، يبقى مستوى الخطر في الدول الأوروبية مختلفا. فقد نُفذ في لندن مثلا انفجاران (22 آذار و4 حزيران الماضيين)، وآخر في مانشستر يوم 22 أيار الماضي. ويعود السبب إلى انتهاج بريطانيا سياسة “الأبواب المفتوحة” حيال المضطهدين في بلدانهم.
وإضافة إلى ذلك، تنشط في لندن عشرات المنظمات الإسلامية، وفي الأحياء الشمالية للمدينة تعمل “دوريات الشريعة”، حتى أن بعض أحياء مانشستر وبرمنغهام تذكرنا بباكستان.
وفرنسا هي الأخرى تعاني من العمليات الإرهابية والجرائم، على الرغم من أن معظم اللاجئين قدموا من الجزائر وتونس والمغرب، وليسوا متشددين دينيا. وقد تكون نسبة المسلمين في فرنسا هي الأعلى في أوروبا الغربية (زهاء 10 %)، فيما تعيش في بعض ضواحي باريس ومارسيل غالبية عربية، وليس بمقدور الشرطة والأجهزة الأمنية السيطرة على ما يجري فيها.
وتحتل بلجيكا المرتبة الثالثة في قائمة الخطر بين بلدان الاتحاد الأوروبي، والمرتبة الأولى بعدد مواطنيها الذين يقاتلون في صفوف “داعش”. ومن أسباب هذا الخطر، هو ضعف الدولة نتيجة الصراع المستمر بين الولونيين والفلمنجيون، الذي تسبب في ظهور أجهزة شرطة عديدة ولكنها لا تسيطر على الأوضاع. يضاف إلى هذا إعلان حي مولنبيك في بروكسل “عاصمة الجهاد الأوروبي”.
أما السويد فآمنة بعض الشيء، مع أنه بدأت تظهر، في أحياء العاصمة ومدينتي مالمو وغوتينبرغ التي يعيش فيها اللاجئون، علامات الخطورة بسبب نشاطهم المتزايد.
وبالنسبة إلى ألمانيا، فقد كانت إلى عام 2016 هادئة نسبيا، وخاصة أن الأتراك المحليين اندمجوا بالمجتمع الألماني بدرجة أفضل من العرب بالمجتمع الفرنسي والباكستانيين بالمجتمع البريطاني. ولكن أحداث كولونيا في احتفالات رأس السنة الجديدة التي شهدت حالات اغتصاب، كانت مقدمة لعمليات إرهابية تكللت بالعملية الإرهابية في برلين يوم 19 كانون الأول. صحيح أنه منذ ذلك الحين وإلى اليوم لم تحصل عمليات أخرى، بيد أن الشعور بالخطر لا يزال قائما.
وأما في بقية الدول الأوروبية مثل هولندا والدنمارك والنرويج، فلا تزال الأجهزة الأمنية تسيطر عموما على الوضع، على الرغم من وقوع بعض الحالات في عدد منها.
روسيا اليوم