“الحرب العالمية الثالثة”، لم تكن بعيدة أبدا، بل كانت وشيكة في مرات عديدة منذ انتهاء الحرب العالم الثانية عام 1945، وحتى الآن.
ونشر موقع “ذا ناشيونال إنترست” تقريرا أعده، بيتر نيكولز، أستاذ شؤون الأمن القومي في كلية الحرب بجامعة هارفارد، حول أخطر 5 مصادمات بين أميركا وروسيا، كادت أن تشعل الحرب العالمية الثالثة. وجاءت تلك المصادمات الخمسة على النحو التالي:
1- الجدار والدبلوماسي: برلين 1961
“عندما أذهب إلى النوم ليلا، أحاول ألا أفكر في برلين”، كانت تلك هي الكلمات التي قالها وزير خارجية أميركا، دين راسك، حينها عندما كانت تقسم الحاميات الغربية العاصمة الألمانية، خلال الحرب الباردة، بعد بضعة أشهر من صعود جدار برلين.
وبدأت الأزمة حينما حاول دبلوماسي أمريكي، عبور نقطة تفتيش “تشارلي” إلى الجزء الشرقي من برلين، وطلبت شرطة ألمانيا الشرقية، التي لم تعترف الولايات المتحدة بسلطتها، تفتيشه، ولكن الدبلوماسي رفض، ثم أتى في وقت لاحق مدعوما بسيارات جيب وجنود، وطالب رجال الشرطة المحليين بالانضمام إلى مطالبهم واشتعل الأمر.
وتسببت تلك الحادثة في إرسال أميركا دباباتها، فيما حذرها الاتحاد السوفيتي من مغبة تلك الخطوة، ولثلاثة أيام تدشن واشنطن وموسكو أسلحتهم في الشوارع الألمانية.
ولكن بدأت القوات السوفيتية في تلك اللحظة التصرف بحكمة، وسحبت عدد من قواتها، لترد الولايات المتحدة بالمثل، وتنتهي الأزمة، التي كادت أن تجعل أوروبا مسرحا لحرب عالمية ثالثة.
2- أقرب نداء، كوبا 1962
تاريخ الأزمة الكوبية معروف جيدا لعدد كبير من الناس، خاصة وأنه وقع بعد عام واحد من حادثة جدار برلين، ولكن في تلك المرة كانت المواجهة مباشرة بين الرئيس الأميركي، جون كينيدي، والزعيم السوفيتي، نيكيتا خروتشوف.
ولم تنته تلك الأزمة إلا بصفقة سرية عقدها كيندي مع خروتشوف، والتي سحب بموجبها القوات السوفيتية الصواريخ من كوبا، في مقابل ان تسحب أميركا عدد من الصواريخ الاستراتيجية من قواعدها في تركيا.
ولكن ما تكشفه التقارير أن الولايات المتحدة كانت تخطط فعليا لتفجير مواقع الصواريخ الكوبية، وهو ما يعني اندلاع “حرب نووية” تؤدي إلى كارثة بكل العالم.
3- حرب الجنرالات: فيتنام 1965
في تشرين الثاني 1965، أفادت تقارير عديدة أن الرئيس الأميركي الأسبق، ليندون جونسون، انفجر غضبا في اجتماع مع القيادات المشتركة للجيش الأميركي، محذرا إياهم من خطر التدخل في فيتنام، وما أغضبه كونهم على استعداد لتعريض الولايات المتحدة لخطر الحرب النووية في فيتنام.
ولكن بمرور الوقت، اتضح أن جونسون لم يكن الوحيد الذي لديه مشكلة مع الجنرالات، حيث كشفت المذكرات السابقة لحليف خروتشوف السياسي، أناستاس ميكويان عن قصة تقشعر لها الأبدان في عام 1965 أيضا.
وأظهرت المذكرات أن الأركان العامة السوفيتية حينها، دعت للرد على القصف الأميركي في فيتنام بعمل عسكري يتخطى فيتنام ليصل إلى ألمانيا والمجر، وتوجيه ضربة قوية إلى الجانب الغربي من برلين.
وقال ميكويان إن القادة المدنيين السوفيتيين أفشلوا تلك الفكرة سريعا، وإلا كان العالم دخل في حرب كانت ستأكل الأخضر واليابس.
4- خطر أحمر: الشرق الأوسط 1973
بعد هزيمة إسرائيل لمصر وسوريا في حرب الأيام الستة عام 1967، نفذت تلك الدول هجوما مفاجئا بقوات وذخيرة سوفيتية فيما أطلق عليه حرب “يوم الغفران” في 6 تشرين الأول 1973.
ورغم الانتصارات التي حققها المصريون وحلفائهم، إلا أن الإسرائيليين تعافوا وشكلوا تهديدا بتدمير كامل الجيش المصري الميداني الثالث، وهنا بدأت الصراعات الأميركية السوفيتية.
حاول وزير الخارجية الأميركي، هنري كيسنجر، إنقاذ الإسرائيليين، فيما حاول الكرملين مساندة أصدقائه المصريين، والتي وصلت إلى تهديد الاتحاد السوفيتي بإدخال قوات سوفيتية إلى الشرق الأوسط والتدخل من جانب واحد لمساندة المصريين.
ووصف كيسنجر، ذلك الأمر، بأنه كان أخطر التحديات التي يواجها البيت الأبيض على الإطلاق مع موسكو، خاصة وأن القوات النووية الاستراتيجية الأمريكية وضعت على أهبة الاستعداد حينها، ولكن اكتشف الأميركان فيما بعد أنها كانت خدعة سوفيتية، وأنهم لم يكونوا يخططون للتورط عسكريا في الشرق الأوسط، ولكنهم قدموا تهديدا أرعب الأميركيين وجعلهم يتراجعون لتبدأ مفاوضات السلام وتهدأ المعارك.
5- هذا مجرد تدريب: أوروبا 1983
حدث آخر، كان بمثابة جرس إنذار كبير لاحتمالية اندلاع حرب عالمية ثالثة بسهولة، وربما لم يعرف عنه الكثير لعقود، وبالتحديد وقع في عام 1983، في الوقت الذي كانت العلاقات الأميركي السوفيتية لا تزال “باردة”.
وكان خطاب الرئيس الأميركي الأسبق، رونالد ريغان، هو ما فجر شرارة تلك الأزمة، خاصة بعدما وصف روسيا بأنها “امبراطورية الشر” في آذار لعام 1983، واتهم السوفيتيين بإسقاط طائرة مدنية في أيلول للعام نفسه.
وفي تشرين الثاني 1983، أجرت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي “الناتو” مناورة عسكرية أطلقت عليها اسم “آبل آرتشر”، لاختبار قنوات الاتصال بين أميركا الشمالية وأوروبا، واختبار الانتقال من العمليات التقليدية إلى العملية النووية في الحرب العالمية الثالثة الافتراضية.
ورغم أن تحركات “الناتو” كانت مشفرة، وبدأت برسالة “تدريب”، إلا أن تلك التدريبات لم تمر مرور الكرام، حيث دشنت الولايات المتحدة كافة القوة النووية الخاصة بها، خشية أن تستغل الكرملين تلك التدريبات “السرية” من أجل شن حرب تحت ذريعة تلك التدريبات.
وبالفعل كان رد فعل “السوفيت” جنونيا بالنسبة للأمريكان، حيث أنهم قطعوا حركة المرور بين الولايات المتحدة وأوروبا، ووضعوا قواتهم بين القوات الأمريكية والقوات التابعة للناتو، وهو ما كاد أن يفجر الوضع.
ولكن ريغان خرج من تلك المناورة بدرس كبير، وهو الوقت قد حان لفتح قنوات التواصل مع الكرملين لتفادي أي صدامات قد تؤدي لانهيار العالم.
سبوتنيك