لم تكتف تل أبيب بنشر معلومات توافرت لديها عن بناء “حزب الله” مصانع أسلحة وصواريخ على الأراضي اللبنانية وتحديدا في الهرمل والزهراني بتمويل إيراني”، بل سارعت في ضوء هذه المعطيات، الى تحريك أذرعها السياسية والدبلوماسية على خط الامم المتحدة من جهة والولايات المتحدة من جهة ثانية، لرفع الصوت ضد الواقع هذا، كونه يشكّل تهديدا لأمنها القومي.
مصادر دبلوماسية متابعة للملف تكشف لـ”المركزية” أن أكثر من مسؤول غربي حاول استيضاح الموضوع وحقيقة هذه المعلومات من المسؤولين اللبنانيين، إلا أنهم فشلوا في الحصول على أي جواب شاف، وقد فاقم الصمت الرسمي “شكوك” عواصم القرار الدولي ومخاوفها. فمجلس الوزراء لم يتطرق الى القضية لا من قريب ولا من بعيد، ووزارة الخارجية من جانبها لم تعلّق أيضا لا على المعطيات هذه، ولا على التهديدات الاسرائيلية التي أطلقها وزير الدفاع الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان بضرب هذه المصانع.
وعليه، تتابع المصادر، لجأت الدولة العبرية الى هيئة مراقبة الهدنة في الجنوب التابعة للامم المتحدة (تشرف على الوضع في المنطقة منذ توقيع لبنان على اتفاق الهدنة في 23 اذار 1949)، فتحرّكت نحو لبنان وزار رئيس أركانها اللواء أرثور دايفيد غون، بيروت في الايام الماضية حيث جال على قائد الجيش العماد جوزف عون ومدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، عارضا الاوضاع على الحدود الجنوبية وعلاقات التعاون بين الجيش والهيئة في اطار اتفاق الهدنة، إضافة الى مندرجات القرار 1701. وفي وقت حاول غون الوقوف عند صحة وجود مصنعين ايرانيين لحزب الله في لبنان، حرص على لفت انتباه من التقاهم الى ان الامر في حال ثبوته، يُعتبر خرقا واضحا لاتفاق الهدنة من جهة وللقرار 1701 من جهة ثانية ولو ان مفاعيله تشمل منطقة جنوب الليطاني فقط حيث تحظّر وجود أي سلاح فيها الا في يد الأجهزة الشرعية اللبنانية (فيما المصنعان موجودان خارجها). لكن ردّ الفعل الاسرائيلي إزاء المعامل المفترضة لا يبدو سيتوقف عند هذا الحد، اذ تشير المصادر الى ان تل أبيب تدرس امكانية تقديم شكوى الى مجلس الامن الدولي ضد لبنان كونه في رأيها، خرق مضمون اتفاقية الهدنة والقرارات الدولية وعلى رأسها الـ1701.
أمام هذا الواقع، تدعو المصادر الدولة اللبنانية الى اتخاذ موقف ولو غير علني، تبلغه الى المعنيين بالملف على الساحة الدولية، ترفض فيه وجود مصانع أسلحة غير خاضعة لسلطتها على أراضيها، خصوصا اذا ما كانت هذه المعامل إيرانية الهوية وتصنّع صواريخ نووية، فيما الجمهورية الاسلامية شبه “معزولة” دوليا و”الاتفاق النووي” يحظّر عليها هذا الانتاج العسكري، فتكون بذلك تغسل يديها أو تسحب غطاءها عن أي انتهاك للقوانين الدولية والقرارات الاممية… ووسط هذه الاجواء، تخشى المصادر ألا تبقي اسرائيل المواجهة مع حزب الله محصورة بالادوات الدبلوماسية، وأن توسّعها لتتحوّل “عسكرية” خصوصا اذا ما شعرت ان قوة الحزب العسكرية والصاروخية تكبر والدولة اللبنانية عاجزة عن وضع حدّ لها، فتطلق حربا جديدة على لبنان. فهل تفجّر المصانع الوضع في الجنوب، وتكون الشرارة التي تشعل حرب اسرائيل الثالثة على لبنان؟ فيما لا يمكن التكهن في نتائجها بعد ان حذرت الدولة العبرية من انها ستدمّر لبنان كلّه في اي مواجهة مستقبلية وأن جيشها سيستهدف البنية التحتية اللبنانية من الكهرباء والمواصلات، وستجعل الدولة تدفع ثمنا باهظا”، وهو ما هدد به رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية السابق عاموس يادلين منذ أشهر.
المركزية