وفيما كان العراق يحتفي بتحرير الموصل من «داعش» في تطور بارز سرعان ما قاربه الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله في كلمة له مساء أمس، بدا أن عرسال لن تَخرج قريباً من دائرة الأولويات بعدما صارتْ مسرحاً مفتوحاً للعمليات الاستباقية للجيش اللبناني في سياقِ محاربته الإرهاب، وسط استمرار الحديث عن أن معركة «حزب الله» وجيش النظام السوري لإنهاء وجود المجموعات المسلّحة في جرودها وإكمال السيطرة على الحدود اللبنانية الشمالية والشرقية باتت وشيكة، وهي المعركة التي يرتبط الدفع الممنْهج لملف النازحين السوريين بأحد جوانبها الرئيسية المتّصل بمخاطر بدء «عملية التطهير» في ظل وجود مخيّمات للنازحين في «دائرة النار».
وغداة «جرعة الدعم» السياسي التي منحها رئيس الحكومة سعد الحريري للجيش اللبناني وسحب معها «فتيل» موجة التشكيك بالمؤسسة العسكرية على خلفية وفاة أربعة سوريين كان أوقفهم من بين المئات خلال عملية عسكرية في عرسال (قبل نحو اسبوعين)، برزتْ الضربة الجديدة التي وجّهها الجيش للمجموعات الإرهابية عبر عملية نوعيّة نفّذها أمس في البلدة وقُتل فيها السوري ياسر الغاوي، وهو الرأس المدبّر لعملية التفجير التي حصلت في رأس بعلبك بتاريخ 22 /5 /2017 (لم تؤدّ الى اصابات)، والسوري عاطف الجارودي، كما تمّ توقيف السوريين وليد جمعة وابنه خالد وخالد عز الدين.
وحسب بيان قيادة الجيش اللبناني، فإنه «في ضوء المعطيات الأمنية، وتنفيذاً للخطة الإستباقية التي يقوم بها الجيش والتي أدّت إلى دهم مخيمات عرسال بتاريخ 30 /6 /2017، أقدمت قوة من مديرية المخابرات فجر الثلاثاء على دهم مجموعة إرهابية موجودة في بلدة عرسال، كانت تُعِد لتنفيذ عمليات إرهابية. ولدى محاولة أفراد المجموعة الإرهابية مقاومة القوة المداهمة، تصدى لهم عناصر الدورية ما أدى إلى مقتل الإرهابيين السوريين ياسر الغاوي وعاطف الجارودي وتوقيف ثلاثة آخرين، كما تم ضبط 7 عبوات معدة للتفجير وحزاماً ناسفاً و50 كيلوغراماً من المواد المستخدمة في تصنيع المتفجرات، بالإضافة إلى كمية من الرمانات اليدوية والصواعق».
وأشارتْ تقارير الى أن عملية الدهم حصلت لشقّة في بلدة عرسال كان يسكن فيها الغاوي، وان العبوات التي ضُبطت تزن كل منها بين 7 الى 12 كيلوغراماً، وان هذه العملية أحبطتْ مخططاً خطيراً كان يستهدف مناطق عدة في لبنان.
وحسب التقارير، فإن مخابرات الجيش دهمت منازل عدة في عرسال وأوقفت اللبناني خالد عز الدين (مواليد 1973) وهو تاجر أسلحة، كما ألقت القبض على وليد جمعة وابنه خالد وهما والد وشقيق غياث جمعة الملقب بـ «ابو الوليد» وهو احد قياديي «داعش» الذي قُتل قبل أكثر من عاميْن في مواجهة مع الجيش اللبناني.
وتأتي هذه التطورات التي ترافقتْ مع استمرار طيران النظام السوري في الإغارة على جرود عرسال، بمثابة «تحمية» لمعركة الجرود التي ستكون تحت معاينة سياسية داخلية وديبلوماسية خارجية، لا سيما ان مَن سيقودها وينفّذها هو «حزب الله» وجيش النظام السوري ولو أطلقاها من المقلب السوري، في حين يفترض ان يقف الجيش اللبناني كخط دفاع بوجه اي تسلُّل للمسلّحين في اتجاه بلدة عرسال والداخل اللبناني، وسط أسئلة حول حدود شراكة الجيش في معركةٍ ينفذها «حزب الله» والجيش السوري.
وسيحضر ملف عرسال وتشعباته على طاولة مجلس الوزراء اليوم من خارج جدول الأعمال، وسط توقُّف دوائر سياسية عند «تغريدة» النائب وليد جنبلاط امس التي دعا فيها إلى الحد من «عاصفة الحقد والعنصرية تجاه النازح السوري الذي يضيف على الاقتصاد المحلي نحو مليار دولار ونيّف».
(الراي)