عند نهاية الحرب العالمية الأولى، تغيرت خارطة الشرق الأوسط بصورة عامة، ولم يكن الشرق الأوسط هو الذي تأثر بشدة في حينه.
وذكر مراد يتكين في صحيفة “حريت” التركية، بأن الحرب العالمية الثانية أدت إلى إنهاء ثلاث امبراطوريات كبرى: آل رومانوف قياصرة الامبراطورية الروسية، والامبراطورية النمساوية ـ الهنغارية، والامبراطورية العثمانية. وهكذا تغيرت، قبل قرن، خرائط وسط وشرق أوروبا، والقوقاز وآسيا الوسطى والشرق الأوسط.
نظريات المؤامرة
ويلفت يتكين إلى تحول آخر طرأ على خارطة القوقاز وآسيا الوسطى إثر تفكك الاتحاد السوفييتي في عام 1992. فقد أعقب ذلك تغييرات في خارطة وسط وشرق أوروبا، مع تفكك يوغوسلافيا وانقسام جمهورية تشيكوسلوفاكيا إلى دولتين.
وبحسب المحلل، تشير نظريات جديدة إلى احتمال حدوث موجة جديدة من التغييرات في خارطة في الشرق الأوسط. وعندما يتحدث الناس عن تغيير في الخارطة، يتم الحديث عن احتمال قيام دولة كردية جديدة.
تطورات
ويشير الكاتب لعدد من التطورات طرأ خلال السنوات الخمسة عشر الأخيرة تعزز هذا الطرح. وعلى سبيل المثال، ساعد الغزو الأميركي للعراق في عام 2003 على تأسيس حكومة كردستان العراق( كي آر جي) في شمال العراق، بقيادة مسعود البارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني( كي دي بي).
ويقول يتكين إن أمراً مماثلاً يحصل اليوم عبر دعم القيادة المركزية الأميركية لوحدات حماية الشعب الكردي( واي بي جي) في ظل مشاركة قواتها البرية في محاربة داعش في سوريا. ويعتبر واي بي جي الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني المحظور( بي كي كي)، والموضوع على القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية. وقد تأسس بي كي كي سراً في تركيا في عام 1978، بهدف اقتطاع مناطق من أربع دول متجاورة، تركيا وإيران والعراق وسوريا، لتأسيس دولة كردستان المستقلة.
حكم ذاتي في سوريا
ويتساءل المحلل عما إذا كانت جهود بي كي كي في القضاء على داعش، تكللت بتحقيق هدفه في الحصول على حكم ذاتي في سوريا، في منطقة تمتد على طول مئات الكيلومترات مع تركيا. ومن ثم ما الذي سيجري في التنافس بين بي كي كي وكي دي بي حول مناطق يسكنها الأكراد في العراق، وتجاور كل من إيران وتركيا؟
ويشير يتكين لكون ذلك التنافس هو الذي دفع البارزاني لإعلانه الأخير عن خطط بشأن إجراء استفتاء للاستقلال عن العراق في 25 أيلول المقبل. ولم يكن توقيت الإعلان مبشراً لأنه جاء مباشرة بعد اندلاع الأزمة الديبلوماسية بين السعودية وحلفائها وقطر. فقد رأت حكومات غربية بأن قيام دولة كردية في العراق سيقود فوراً لقيام دولة شيعية موالية لإيران في جنوب العراق، بما فيها منطقة البصرة الغنية بالغاز والنفط، ما يفرض ضغوطاً إضافية على السعودية والكويت، ويقلق أيضاً إسرائيل.
عاملان إضافيان
ويلفت الكاتب إلى وجود عاملين إضافيين يصعبان قيام دولة كردية، أولهما وجود آلاف من عناصر الحرس الثوري الإيراني في العراق وعلى الساحة السورية دعماً لأنظمة غير سنية في بغداد ودمشق.
ويكمن العامل الثاني في حقيقة أن الجمهورية التركية ما زالت تمانع في إنشاء كيان كردي رغم عدد من المحاولات التي تمت خلال السنوات الخمسة عشر الأخيرة من أجل إضعاف جيشها.
ويرى يتكين أن أي تغيير في خارطة الشرق الأوسط قد يقود لسلسلة من ردود الأفعال، لا يمكن أحداً أن يخمن نتيجتها. ولذا قد تكون الإجابة على السؤال أن “حصول ذلك التحول غير مرجح “. ولكن من المؤسف أن تلك الحقيقة قد لا تدرك إلا بعد مزيد من المعاناة وسفك الدماء.
(24)