ما وراء الضربات الإسرائيلية – الأميركية
لا تزال إسرائيل مستمرة في توجيه ضربات إلى القوات الحكومية السورية التي تقاتل جبهة النصرة الإرهابية، فقد قام سلاح الجو الإسرائيلي بتوجيه عدة ضربات للقوات الحكومية السورية في منطقة الجولان المحتل، ووصفها الجيش السوري بـ”التواطؤ مع الإرهابيين”.
كما استهدفت الولايات المتحدة الأميركية سلاح الجو السوري إضافة إلى القوات الموالية للجيش السوري، في الوقت ذاته طالبت إحدى أعضاء الكونغرس الأميركي سلطات بلادها بالكف عن تقديم الدعم للمتمردين واصفة هذه الاستراتيجية التي تتبعها بلادها بـ”الجنون”. بحسب ما نقلته عنها قناة “RT” الروسية.
وأصدرت قيادة الجيش العربي السوري بياناً حول غارة إسرائيلية جديدة بالقرب من هضبة الجولان قالت فيها “تل أبيب جددت العدوان وهاجمت موقعا للجيش العربي السوري”.
بدوره كلف الرئيس السوري بشار الأسد وزير الدفاع، فهد جاسم الفريج، بالتحقق من جاهزية القوات السورية المتمركزة في جنوب غربي البلاد. وقال الفريج: “قواتنا وحلفاؤنا سيتابعون المعركة ضد الإرهابيين وسنحطم أحلامهم وأحلام مؤيديهم”.
في 24 حزيران، أعلنت قيادة الجيش الإسرائيلي عن تدمير دبابتين ورشاش من العيار الثقيل، وأكد الجيش الإسرائيلي أن ما فعله جاء رداً على القصف العشوائي الذي جاء من الجانب السوري في هضبة الجولان المحتل. وذلك بعد أن سقطت حوالي 10 قذائف على الجانب الإسرائيلي في الهضبة المحتلة.
وحينها اختارت تل أبيب تجاهل حقيقة أن هذا الحادث قد يكون بسبب الاشتباكات الناجمة بين الجيش السوري والقوات الموالية له من جهة مع “جبهة النصرة” الإرهابية وهي فرع “القاعدة” في سوريا من جهة أخرى. وفي الوقت ذاته اعترف الجيش الإسرائيلي بأن هذه القذائف قد تكون عن غير عمد.
قصفت “النصرة” عن طريق الخطأ
تنظر إسرائيل إلى حكومة بشار الأسد على أنها “نظام مجرم” وتتهم دمشق بكل ما يجري في سوريا، قال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان: “إذا كانت مثل هذه الأحداث ستتكرر، فإن الرئيس السوري سوف يستمر في حصد النتائج لصالحه”.
ما جرى في الواقع يوم 24 حزيران هو أن الطيران الإسرائيلي قام بتدمير دبابتين ومدفع رشاش تابعين لجماعة جبهة النصرة الإرهابية، فالقيادة الإسرائيلية ارتكبت خطاً في هذه الحالة.
“استهدف الإسرائيليون بكل بساطة المكان الذي تصدر عنه النيران” بحسب ما صرح به مصدر إسرائيلي، موضحاً أن الإرهابيين يبحثون بشكل دوري عن خلق اشتباكات بين الجيش السوري والإسرائيلي.
إيران اقتربت من إسرائيل في الجولان
قبل حرب الأيام الستة، بين 5 و 10 حزيران 1967، كانت هضبة الجولان تشكل جزءاً من مدينة القنيطرة السورية، وفي 17 كانون الأول عام 1981، اعترف مجلس الأمن الدولي بأن هذه الأرض جزء محتل من الأراضي السورية، ومنذ عام 1974 تقوم وحدات من القبعات الزرق بالعمل كقوات فصل في الجولان المحتل وهي بنفسها تعرضت مرات عدة لهجمات من الإرهابيين هناك منذ بداية الحرب في سوريا.
وتعتبر إسرائيل الجولان جزءاً لا يتجزأ من أراضي إسرائيل، ففي 16 حزيران 2017 طالب الرئيس الإسرائيلي، ريوفين ريفلين، المجتمع الدولي بالاعتراف بحق إسرائيل بهذه المنطقة المحتلة، وقال: “إن السيطرة على الجولان تسمح لنا بالدفاع عن حدود إسرائيل”.
وفي نهاية نيسان الماضي قال ليبرمان إن حزب الله والمقاتلين الإيرانيين إلى جانب الجيش العربي السوري يحاولون في الجولان إقامة “بؤرة إرهابية” موجهة ضد إسرائيل.
وحاله كحال باقي السياسيين الإسرائيليين، فإن ليبرمان يفضل تجاهل حقيقة أن القوات الموالية للجيش السوري تحارب حقاً الجماعات الإرهابية التي تستقر بجوار إسرائيل، إضافة لذلك، فإن قائد الجيش الإسرائيلي يغض الطرف عن وجود أي نية عند “جبهة النصرة” في مهاجمة إسرائيل في حال سقوط الدولة السورية.
وتهاجم تل أبيب الجيش السوري مرة في الشهر تقريباً وأضحى هذا الغزو غير الشرعي تحت ذريعة محاربة البنية التحتية للإرهاب، علماً أن الجيش الإسرائيلي يشير دائماً إلى حزب الله اللبناني. ومع ذلك فإن القوات الحكومية السورية كانت هي من تتلقى الضربات الإسرائيلية في هضبة الجولان.
فائدة للإرهابيين
الدبلوماسي الأميركي السابق جيمس جارتاس صرح لشبكة تلفزيون RT بأن تفسير الضربات الإسرائيلية ضد القوات الحكومية السورية “ليس كافياً” وقال: “المسألة تكمن في ضرورة معرفة فيما لو كان هناك شيء أكثر أهمية يقف وراء السلوك الإسرائيلي”. وتابع: تحدث الضربات الإسرائيلية بالتحديد عندما تكون الجماعات الإرهابية في الحضيض، وبالتالي فإن في تلك الضربات فائدة لها وهي المدعومة من دول مثل قطر والمملكة العربية السعودية، بموافقة ضمنية من إسرائيل”. ونوّه الدبلوماسي الأميركي بالاهتمام الإيراني في تعزيز موقعها بالقرب من الجولان المحتل، ومع ذلك فإن إسرائيل تسعى إلى دفع طهران من المنطقة وبالتالي فإن إسرائيل ملزمة بالتعاون مع الإرهابيين المرتبطين بتنظيم “القاعدة”، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تتصرف بنفس الطريقة في سوريا.
العدوان الأميركي
مع وصول الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة انضمت الولايات المتحدة الأميركية إلى الضربات الإسرائيلية. والعلاقات الإسرائيلية – الأمريكية تحسنت بشكل واضح وازدادت المواجهة السياسية للبيت الأبيض مع الرئيس الأسد، على الرغم من أن الرئيس السابق أوباما كان قد أعلن أن أولوية الولايات المتحدة هي محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي.
في ليل 7 — 8 نيسان الماضي، قامت البحرية الأمريكية بقصف قاعدة الشعيرات الجوية السورية وهو ما سمح للإرهابيين بالنشاط أكثر في مدينة حمص وسط سوريا.
ومنذ منتصف أيار الماضي إلى بداية حزيران هاجم الطيران الأميركي القوات الموالية للجيش السوري عددة مرات بالقرب من مدينة التنف الحدودية.
وفي 18 حزيران قامت مقاتلة أمريكية F 18 بإسقاط مقاتلة سورية Su-22 أثناء قيامها بالدعم الجوي للقوات المقاتلة على الأرض ضد أحد مواقع تنظيم “داعش” على بعد 40 كيلومتر إلى الجنوب الغربي من مدينة الرقة.
ووصفت دمشق حينها هذه الضربة بـ”التواطؤ الصريح مع الإرهابيين” في حين رأت موسكو في تصرف البنتاغون “عدوانا على دولة ذات سيادة”.
وبتاريخ 19 حزيران قال وزير الدفاع الروسي: إن العمليات العسكرية المتعددة للطيران الأميركي -تحت غطاء محاربة الإرهاب- ضد قوات الجيش النظامي لدولة عضو في الأمم المتحدة، ما هي إلا انتهاك صارخ للقانون الدولي وتشكل في الواقع عدوانا عسكريا ضد سوريا”.
أوقفوا الجنون
وفي سياق الأحداث الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط، طالبت عضو الكونغرس الأميركي، تولسي غابراد، واشنطن بالكف عن دعم المجموعات المسلحة غير الشرعية في سوريا. ووصفت ذلك الدعم المادي المقدم للجماعات المتمردة في سوريا بـ”الجنون”، وأعلنت أنها وزملاؤها يحضرون مشروع قانون لطرحه للتصويت لوضع حد لهذه السياسة الأمريكية.
وقالت في مؤتمر بمدينة نيويورك: “نحن نغمض أعيننا عن العواقب الناجمة عن الحروب كتلك التي نراها في العراق، وسوريا وليبيا…والتي أدت إلى تعزيز ودعم الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش”.
سبوتنيك