جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / الحريري “ملك الخاسرين”..18 نائباً!

الحريري “ملك الخاسرين”..18 نائباً!

إذا استمرت الحال على ما هي عليه في تيار المستقبل، فيخشى “مستقبليون”، مستندين إلى دراسات واستطلاعات، من ألا يتجاوز عدد أعضاء الكتلة الـ 18 نائباً، بعدما كانوا أكثر من ثلاثة وثلاثين، إضافة الى الحلفاء الذين فازوا بأصوات المستقبل وسيتبيّن أنّ “ملك الخاسرين” هو رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، الذي سيفقد نحو نصف أعضاء كتلته.

هذه الخسارة ــــ التي يتوقّعها مستقبليون قبل خصومهم ــــ ليست نتيجة القانون وحده، بل هي تتويج لمسار انحداري، منذ عام 2009، سياسياً وإدارياً وتنظيمياً ومالياً، وظهرت نتائجه جلية في بيروت وطرابلس في الانتخابات البلدية الأخيرة. ويتوقّع مستقبليون كثر أن تتظهّر بصورة أقسى في الانتخابات النيابية المقبلة.

يقسّم مستقبليون نواب «الكتلة الزرقاء» إلى ثلاث فئات:

ــــ نواب شرعيون، يمكنهم الفوز بمقاعدهم، أو على الأقل أن ينافسوا عليها جدياً، في أي انتخابات وطبقاً لأي قانون. وغالبية هؤلاء من الطائفة السنية.
ــــ نواب «غير شرعيين»، وهم الذين حصل عليهم الحريري من دون أي وجه حق، كالنواب الشيعة الثلاثة في لائحته، والنائبين العلويين، وواحد على الأقل من نائبيه في الأشرفية، واثنين من نوابه المسيحيين الثلاثة في عكار، يُضاف إليهم واحد من نوابه المسيحيين الثلاثة في ما كانت تُسمى بيروت الثالثة، وأحد نائبيه في الكورة. ومع أن كل الكتل الكبرى تضم هذا النوع من «النواب غير الشرعيين»، إلا أن الفارق أن عددهم في كتلة المستقبل ضخم جداً، ويصل إلى نحو 10 نواب على الأقل.
ــــ الفئة الثالثة تضم النواب الذين يمنحهم النظام الأكثري للكتل الكبرى، سواء بسبب طبيعة هذا النظام «الإقصائية»، أو بسبب الفارق الكبير بين عدد الناخبين المسلمين والمسيحيين.

الخسارة الكبرى سيتكبّدها الحريري ستكون في الفئتين الثانية والثالثة. فقبل دخول الانتخابات وفق «النسبية»، سيخسر نواب الفئة الثانية جميعاً.
مناطقياً، بحسب أولويات تيار المُستقبل، تدخل كل من بيروت وعكار وطرابلس ضمن ما يعتبره الحريري «حصوناً» رئيسية. ومع ذلك، يرجح أن تكون نتائجه في هذه الحصون الثلاثة مدوّية.

ففي بيروت التي بنى الرئيس رفيق الحريري مجده عليها، بتحقيقه نصراً كاسحاً فيها عام 2000، لن يكون للحريري الابن فيها أكثر من ستة نواب (من أصل 19 نائباً)، من بينهم حليفاه تمام سلام وفؤاد مخزومي. وفي بيروت الأولى، حيث يوجد نحو 7200 صوت سنّي، قد يتمكّن تيار «المستقبل» من الاحتفاظ بمقعد مسيحي واحد (أرمني).

أما «الطامة» الكبرى، فستكون في بيروت الثانية (كانت تسمّى الدائرة الثالثة في قانون الستين، وتضم 10 مقاعد جاءت كلها لمصلحة لائحة الحريري). فهذه القلعة التي احتكرها التيار الأزرق، وغابت عنها عطاءات الحريري وخدماته، ستكون بحسب التقسيمات الجديدة خاصرته الرخوة. وبحسابات اليوم، تضم هذه الدائرة نحو 350 ألف ناخب. وإذا انتخب منهم 55 في المئة (وهي نسبة قياسية) أي نحو 192 ألف ناخب، ستتمكن كل لائحة تحصل على 17500 صوت من حجز مقعد لها.
وبذلك سيأخذ كل من حزب الله وحركة أمل المقعدين الشيعيين، وسيدعمان حلفاءهما من الطائفة السنية (جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية الأحباش، مثلاً) لحجز مقعد سني. كذلك يمكن الأحزاب المسيحية حجز مقعد واحد من المقعدَين المسيحيَّين. وبالعودة إلى الأصوات التي نالتها «بيروت مدينتي» في الانتخابات البلدية الأخيرة (في الدائرة الثالثة) والتي وصلت إلى 18 ألف صوت للأول (إبراهيم منيمنة) وأكثر من 15 ألف للأخير، (علماً أنها لم تملك وقتاً كافياً للقيام بحملة انتخابية ترويجية لنفسها)، فإنه سيكون أيضاً باستطاعتها حجز مقعد لها. صحيح أن «بيروت مدينتي» سبق أن أعلنت أنها لن تخوض هذه الانتخابات، لكن يتردد أن منيمنة الذي يفتح خطّ اتصال مع قوى سياسية مناوئة للحريري قد يرشح نفسه.

كذلك يستعد الوزير السابق أشرف ريفي لإعلان لائحة في بيروت، أو على الأقل لإعلان دعم شخصيات محددة. وإذا توحّدت قوى من خارج الطقم التقليدي (مجموعات كـ«مواطنون ومواطنات في دولة»، بالشراكة مع مجموعات من المجتمع المدني)، فستكون لها فرصة المنافسة على مقعد عن هذه الدائرة. وهذا يعني أن الحريري، إن حالفه الحظ، وتحالف مع سلام ومخزومي والجماعة الإسلامية والنائب وليد جنبلاط، سيتمكّن في هذه الدائرة من أن يحصد 4 مقاعد سنية ومقعداً مسيحياً كحد أقصى. النتيجة في دائرتَي بيروت: 6 مقاعد لكتلة المستقبل!

لن يكون الحال أفضل في دائرة طرابلس ــ المنية ــ الضنية. فقد أثبتت الانتخابات البلدية الأخيرة أن صورة رفيق الحريري لم تعُد تكفي لجلب الأصوات بكثافة ساحقة إلى صناديق الاقتراع. عناصر المشهد في هذه الدائرة تغيّرت كثيراً منذ خاض فيها الحريري آخر انتخابات نيابية. وترجح التقديرات أن الحريري سيخسر في هذه الدائرة على الأقل نائباً علوياً، ونائباً مسيحياً، و3 نواب لمصلحة الوزير ريفي. وقد يحصد الرئيس نجيب ميقاتي والنائب السابق جهاد الصمد 3 نواب، ليبقى للحريري فيها 3 مقاعد (2 سنة وواحد مسيحي).
وفي عكار، سيخسر «المستقبل» نائباً علوياً لمصلحة فريق 8 آذار. وفي حال تحالُف ريفي مع النائب خالد الضاهر، سيتمكّن هذا الثنائي من حجز مقعد لهما عن هذه الدائرة. كذلك سيفقد التيار الأزرق مقعدين مسيحيين من مقاعده الثلاثة، وبالنتيجة ستبقى له 3 مقاعد من أصل 7.

وفي البقاع الغربي، سيخوض تيار المستقبل معركة جدّية. زعامة المنطقة لن تكون في متناوله بعد الآن. فريفي والوزير عبد الرحيم مراد سيكونان له في المرصاد، كل على حدة. وفي حال نيل مرشح ريفي 15 في المئة من أصوات السنّة، سيتمكن مراد من الحصول على أعلى نسبة من الأصوات التفضيلية في الدائرة. في هذه الدائرة التي يحجز فيها الحريري لنفسه 4 مقاعد، سيخسر النائب الشيعي، كذلك فإن النائب روبير غانم المحسوب عليه لن يكون فوزه مضموناً، وبالتالي سيبقى له مقعد سني واحد، ومقعد مسيحي. مقعدان في أفضل السيناريوهات.

مقعد في صيدا
ماذا عن صيدا؟ يبدو أن هذه المدينة ستحمل إلى الرئيس الحريري مفاجأة غير سارة. «المستقبل» في هذا القانون لم يعُد يملك زمام المبادرة في حسم النتائج لمصلحته، وبالتالي لن تسقط اللوائح «زي ما هي» في جيبه.

خسارة «المستقبل» في منطقة كصيدا، لها رمزية سياسية أكثر منها انتخابية. فهي مسقط رأس الشهيد رفيق الحريري وخزانه الشعبي. وهي المدينة التي تغرّب شبابها ورجالها وعائلاتها للعمل في شركة «سعودي أوجيه» في الرياض. هذه العائلات التي تجرعت الأمرّين نتيجة الأزمة المالية التي مرّ بها التيار، وانهيار الشركة، وأدت بهم للعودة إلى بلادهم «إيد لورا وإيد لقدّام»، من دون تعويضات مالية ولا رواتب منذ عامين. مشكلة سعد الحريري في هذه المدينة ليست إذاً سياسية فقط، بل مالية وإنمائية. على الرغم من حصر الصوت التفضيلي في القضاء، لقطع الطريق على النائب السابق أسامة سعد، لن يتمكّن التيار من الفوز بمقعدين، بسبب استحالة تقسيم الأصوات التفضيلية بالتساوي بين المرشحين. وإن كانت هناك لائحة للإسلاميين يغرفون من صحن المستقبل نفسه، فإن فوز سعد قد يكون محسوماً.

وفيما يمكن التيار الفوز مجدداً بمقعده في إقليم الخروب (الشوف)، سيتمكن في البقاع الشمالي من الفوز بمقعد واحد على الأقل، مع احتمال أن يفوز في دائرة (مرجعيون ــ حاصبيا) بمقعد أيضاً. أما في دائرة الكورة التي أعلن النائب فريد مكاري عدم ترشّحه فيها، فسيحافظ الحريري على مقعد أرثوذوكسي إذا جيّر مكاري أصواته إلى المرشح الحريري الجديد. كذلك يمكنه الفوز مجدداً بمقعد في البقاع الأوسط.

ما تقدّم يعني الحسبة الآتية:
6 نواب في بيروت، 3 في عكار، 3 في طرابلس ــ المنية الضنية، 1 في الكورة، 1 في البقاع الاوسط، 1 في البقاع الشمالي، 2 في البقاع الغربي، 1 في حاصبيا، 1 في صيدا، 1 في إقليم الخروب. والنتيجة: 20 نائباً، بينهم الرئيس تمام سلام وفؤاد مخزومي. ويعني ذلك أن كتلة المستقبل ستضم 18 نائباً فقط، فيما هي اليوم تضم 33 نائباً. ويشير أحد خبراء الإحصاءات الانتخابية إلى احتمال أن يحصل الحريري أيضاً على مقعد إضافي في دائرة طرابلس ــ المنية ــ الضنية، وعلى حجز مقعد ثانٍ (غير سني، في دائرة صيدا ــ جزين)، واحتمال حصوله على مقعد ثان في بعلبك ــ الهرمل. وبذلك، يرتفع عدد أعضاء كتلة المستقبل إلى 21 مقعداً. وهنا، الحديث يجري عن أفضل سيناريو ممكن للحريري، انتخابياً، وفي الأداء الحكومي قبل الانتخابات، وبحصوله على مال انتخابي وفير.

(ميسم رزق – الأخبار)