رعى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري غروب اليوم مأدبة إفطار أقامتها منسقية “تيار المستقبل” في عكار في قاعة “لا سيتاديل” في ببنين.
بعد الإفطار، ألقى الرئيس الحريري الكلمة الآتية:
أهلي في عكّار،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وكل رمضان وعكار بخير،
وكل رمضان وكل لبنان بخير بإذن الله.
كلما أزور عكار، وكلما أزور أهلي في عكار، أشعر أني أزور منطقة نموذجية بانتمائها الوطني، بوقوفها مع الدولة، بحفاظها على العيش الواحد، بدفاعها عن عروبتنا وعن الاعتدال وعن القيم الحقيقية لديننا الإسلامي الحنيف.
عكّار التي تعاني أكثر من غيرها من التراجع الاقتصادي الذي أصاب كل لبنان زادت على هذه المزايا ميزة جديدة باستقبالها لمئات آلاف النازحين من إخوتنا السوريين الهاربين من جحيم بشار الأسد ونظامه القاتل. فكل التحية لعكار ولأهل عكار، أهل الشهامة والكرم والنخوة العربية الأصيلة!
هذه المنطقة عانت في السابق من قرار التضييق الإنمائي والاقتصادي لأسباب سياسية، لكن أهل الحكمة والوطنية في عكار كان ردّهم بالتأكيد على الانتماء الوطني، وبقي شبابها الرافد الأساسي للدولة وللجيش والمؤسسات الأمنية، والحصن المنيع في وجه أي محاولات لتغلغل التطرّف والإرهاب والضلال.
منذ عام بالتحديد، كان إفطارنا معا هنا في عكار، والتزمت أمامكم بالعمل لإنصاف عكار تنموياً وإعطائها حقّها بالمشاريع لإيجاد فرص العمل أمام أهلنا في عكار، وبخاصة للشباب، وتحضير المنطقة كلّها للفترة المقبلة، التي سيكون عنوانها الأهمّ إعادة إعمار سوريا، بعد أن ينتهي الكابوس الجاثم على الشعب السوري البطل.
واليوم والحمد لله، كيفما نظرنا في هذه المنطقة العزيزة من بلدنا، نرى أن العمل جار في هذا الاتجاه.
بالنسبة لمشروع مياه السهل، بقيمة 50 مليون دولار ومشروع مياه الصرف الصحي بوسط وساحل سهل القيطع بقيمة 50 مليون دولار أيضا، تم فض العروض وإرساء المشاريع للتنفيذ ونحن بانتظار موافقة الممول، البنك الإسلامي، لينطلق التنفيذ خلال أسابيع قليلة، إن شاء الله.
طريق كفرملكي – عرقا، تم تنفيذها، أوتوستراد الجرد جارٍ تنفيذه، من بيت أيوب إلى القموعة. كما جرى تلزيم المرحلة الأولى من أوتوستراد الرئيس الشهيد رفيق الحريري والآن العمل جار على إنهاء الاستملاكات. وكذلك تمت إعادة تأهيل شبكة الطرقات الرئيسية لتسهيل حياة المواطنين، إضافةً إلى توسعة وإنشاء بعض الطرقات الرئيسية الأخرى.
مشروع مياه الجرد شارف على الانتهاء وسنستكمله في مرحلة ثانية لتأمين المياه لكل قرى المنطقة. شبكة مياه ببنين انتهت المرحلة الأولى منها، وجارٍ إطلاق المرحلة الثانية.
عكار منطقة زراعية بامتياز، وأهلنا المزارعون عانوا من تداعيات الأزمة في سوريا، وخاصةً صعوبة التصدير عبر البر. الدفعة الأولى من تعويضات المزارعين تمّ توزيعها. ونحن بصدد تأمين الدفعة الثانية. والعمل جار لوضع خطة لزيادة المساحات المرويّة بإنشاء شبكات ريّ من أنهار عكار. ولحلّ مشكلة المياه، أعلم أنه لا يمكن أن نبقى نتكل على الآبار، التي تجفف المياه الجوفيّة، وهناك ضرورة لبدء البحث الجدّي في تنفيذ مشروع سد البارد، الذي يغطي حاجات عكار والمنية والضنية وطرابلس، ودراسة مشاريع السدود الأخرى في عكار.
في الشأن التربوي، الذي أعتبره أساسيا، قرر مجلس الجامعة اللبنانية إنشاء 6 فروع باختصاصات مختلفة في عكار، ونعمل حالياً لتحضير المراسيم اللازمة في وزارة التربية لإرسالها وإقرارها في مجلس الوزراء. وقريباً بإذن الله سيتمّ افتتاح أوّل كليّة للعلوم البحرية في لبنان، هنا في عكار.
كذلك فإن العمل جار أيضا لإنشاء مهنيّات، وهنا أود أن أشجع الشباب والشابات في المنطقة على التوجّه نحو التعليم المهني، الذي أعتبره مفتاحا للمستقبل، ولإيجاد فرص العمل في المرحلة المقبلة. لأن كل هذا العمل، هو فعلياً للتحضير، لتحضير عكار وأهلنا في عكار لمرحلة فيها وعود كبيرة للمنطقة ولأهلها، من تلزيم البلوكات البحرية للتنقيب عن النفط والغاز، إلى إعادة إعمار سوريا التي يرشّحكم موقعكم على حدودها لدور أساسي فيها، إلى افتتاح مطار رينيه معوّض في القليعات، الذي سيكون، بإذن الله، مطار إعادة الإعمار في سوريا.
وفي هذا المجال صار مهمّا أيضا أن نعمل على تصنيف وإنشاء مناطق صناعية في عكار حتى تتكامل مع المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس. ولهذا السبب، نريد أن نكمل معكم العمل على رفع مستوى البنى التحتية وتأهيل الخدمات الأساسية في عكار، واعتمادي عليكم، على الشباب والشابات بشكل خاص، لرفع مستوى المهارات والكفاءات التقنية، لنكون جاهزين، لتكون عكار كلّها جاهزة، لمرحلة كلها وعود وآمال بإذن الله، لعكار ولكل لبنان.
عشتم، عاشت عكار وعاش لبنان، وكل رمضان وأنتم وعكار وكل الشمال بألف خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.