مع بدء شهر يونيو، دخل لبنان الأيام الـ 18 الأخيرة التي سيتّضح معها «الخيط الأبيض من الأَسود» في مسارِ البحث عن توافق على قانونٍ للانتخاب يجنّب البرلمان السقوط في فراغٍ (بعد 20 الجاري) سيكون مكلفاً على النظام السياسي اللبناني واستقرار البلاد، كما يقطع الطريق على خياراتٍ لا تقلّ كلفةً سياسياً وشعبياً وبينها العودة الى قانون الستين النافذ حالياً او التمديد لمجلس النواب ولو لزوم استكمال البحث في «اتفاق الإطار» الذي صار حاصلاً حول قانون نسبية الـ 15 دائرة.
وشخصت الأنظار أمس في بيروت على الإفطار الذي دعا اليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا وحضره رئيسا البرلمان والحكومة نبيه بري وسعد الحريري وحشد من الشخصيات الروحية والسياسية والديبلوماسية، والذي ساهم في تزخيم حركة الاتصالات التي تدور حول صيغة قانون نسبية الـ 15 دائرة وانتقلتْ الى مرحلة البحث في التفاصيل الجوهرية لجهة عتبة التمثيل وطريقة الفرز واحتساب الصوت التفضيلي.
وجاء إفطار بعبدا الذي تخللتْه خلوة ثلاثية بين عون وبري والحريري ليَسكب مياهاً باردة على «الاشتباك الدستوري» الذي انفجر الاثنين الماضي على خط بعبدا – عين التينة (حيث مقرّ بري) على خلفيةِ فتْح الدورة الاستثنائية للبرلمان، ويعبّد الطريق أمام إمكان ان يبادر رئيس الجمهورية الى توقيع مرسوم فتْحها بملاقاة المساعي الرامية الى إبرام التسوية حول قانون الانتخاب وبما يسحب فتيل المشكلة التي لاحت مع تحديد بري موعداً لجلسة تشريعية يوم الاثنين باجتهادٍ التفّ معه على تأخُّر عون في التوقيع (على الدورة الاستثنائية).
كما عكستْ الكلمة التي ألقاها عون خلال مأدبة الإفطار المناخ التهْدوي، اذ انطلق من موقع لبنان ورسالته كمركز للحوار بين الحضارات والأديان، ليؤكد وحدة الصف بمواجهة التحديات ويشدّد على البُعد الوطني لقانون الانتخاب كمدخلٍ لتصحيحِ التمثيل لكل الفئات بما يحمي جوهر الميثاقية التي يرتكز عليها لبنان.
وشكّلت المشهدية في قصر بعبدا ما يشبه «الحاضنة» لاستكمال المفاوضات حول النقاط التقنية الأكثر أهمية وتعقيداً في قانون النسبية الذي اقترحه نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان، والتي تجعل بعض الأوساط تُبقي على حذرٍ حيال إمكان إنجاز الاتفاق الكامل حول القانون قبل انتهاء ولاية مجلس النواب، مكررة ان الايام الـ 18 المقبلة محكومة بثلاثة خيارات لا رابع لها وهي: إقرارُ قانون عدوان وتالياً تجاوُز «قطوع» 20 يونيو بتمديدٍ تقني تحضيراً لإجراء الانتخابات، او الدعوة الى انتخاباتٍ على اساس قانون الستين وهو ما دونه محاذير كبيرة لأنه يمرّ حكماً عبر فراغٍ في البرلمان لنحو 3 أشهر الأمر الذي رسم «حزب الله» حوله لا حاسمة لم تخلُ من نبرة تهديدية، او التمديد الاضطراري لفترة قصيرة لمتابعة النقاش حول تفاصيل صيغة نسبية الـ 15 دائرة، وهو ما يضغط رئيس الجمهورية لمنْعه.
وبدا واضحاً ان كل الأطراف السياسية تتهيّب مخاطر تفويت فرصة التوافق على قانون عدوان قبل 20 الجاري، وهو ما يجعل الاتصالات تتكثّف لايجاد نقاط تقاطُع حول الجانب التقني الذي تكاد تختصره النقاط الأصعب الآتية بعد شبه تسليم بعدم القدرة على تحقيق نقل مقاعد مسيحية من دوائر ذات غالبية مسلمة ولا على خفض عدد النواب من 128 الى 108 وفق ما نص عليه الطائف:
* عتبة تمثيل اللائحة الانتخابية، وسط معلومات عن ان تيار «المستقبل» (الرئيس سعد الحريري) يرغب في اعتماد عتبة تأهيل تكون على المستوى الوطني بما يتجاوز نسبة العشرة في المئة على أساس الدائرة، ويربط تمثيل اي لائحة بأن تكون من ضمن ائتلاف خاض معارك في دوائر أخرى ونجح في حصد 10 في المئة من أصوات جميع المقترعين اللبنانيين، مقابل رأي لغالبية الأطراف الآخرين يفضّل أن تتمثّل كل لائحة في الدائرة التي تترشح فيها وفق عتبةٍ تقوم على «الحاصل الانتخابي» الذي يتحدّد بقسمة عدد المقترعين على عدد المقاعد فيكون الرقم هو عتبة الحدّ الأدنى لكل لائحة لتتمثل بمقعد وما فوق.
* آلية فرز الأصوات وطريقة احتساب الفائزين وترتيب الأصوات التفضيلية، الى جانب مطلب القوى المسيحية تثبيت المناصفة في الدستور.
“الراي”