معروف الداعوق:
موقف باسيل الانفرادي من القمة محاولة للتنصل من تبعات المشاركة داخلياً أم لغايات انتخابية
رئيس الوفد اللبناني في القمة العربية الأميركية الإسلامية هو رئيس الحكومة واي موقف يلزم الدولة اللبنانية ويمثلها هو ما يصدر عنه شخصياً
لا شك ان الموقف الذي تفرد به وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بمعزل عن الوفد اللبناني المشارك في القمة العربية الاميركية الاسلامية بالرياض برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، اثار استغراب حلفائه كما خصومه على حد سواء، وطرح جملة تساؤلات واستفسارات عن ابعاده السياسية ومراميه وتأثيره على مسار التفاهم السياسي القائم بين الرئاستين الاولى والثالثة وعلى مصير قانون الانتخاب الذي دخل في مرحلة من الجمود مؤخراً، لان مثل هذا الموقف لا يصدر هكذا من هباء او بلا اسباب غير معلنة بالرغم من محاولة وزير الخارجية تبريره شكليا بعدم معرفته المسبقة بصدور بيان عن القمة المذكورة، في حين يعلم القاصي والداني ان اجتماعات القمم تنتهي دوماً ببيانات ختامية تلخص نتائجها وتحدد اهدافها ومراميها فكيف الحال بمثل هذه القمة؟
الأهم في الموقف الانفرادي للوزير باسيل هو محاولة التبرؤ من المشاركة في القمة والهروب من نقمة توصياتها فيما يحض ادانة التدخل الايراني في الشؤون الداخلية للعديد من الدول العربية والإسلامية، والتنصل من كل العتب والتساؤلات التي قد يواجه بها من اطراف الداخل اللبناني ولا سيما من «حزب الله» وأتباعه، والسعي قدر الامكان لالقاء تبعات المشاركة اللبنانية بالقمة على اكتاف الرئيس الحريري وفريقه السياسي باعتباره يترأس الوفد اللبناني هذه المرة، وتجنب اي تداعيات سلبية اضافية على العلاقات المتوترة مع الحزب اساساً فيما يتعلق بالعديد من الملفات وفي مقدمتها قانون الانتخاب الذي يشكل مادة خلافية اساسية ظهرت مؤشراته في الاعتراض العلني والرفض شبه القاطع لصيغة مشروع قانون الانتخاب التأهيلي الذي يتبناه الوزير باسيل.
لقد حاول وزير الخارجية اظهار الدولة اللبنانية وكأنها منقسمة على نفسها وغير موحدة في قرار المشاركة في القمة المذكورة ولكن هذه المحاولة تصطدم بواقع لا يمكن تجاهله وهو ان مشاركة لبنان تمت بقرار من مجلس الوزراء مجتمعاً وانضم الوزير باسيل برضاه الى الوفد الرسمي المشارك مع معرفته مسبقاً بالعناوين والاهداف التي انعقدت من اجلها القمة، ان كان من خلال البرقيات الديبلوماسية الرسمية العديدة التي تلقاها تباعا من السفارة اللبنانية بالرياض، او من خلال ما اعلن من مواقف في وسائل الاعلام بهذا الخصوص.
وتخشى الاوساط السياسية من تبعات الموقف السلبي لوزير الخارجية من قمة الرياض، ليس على العلاقات والتفاهمات السياسية بين الاطراف الداخليين باعتبار ان هناك اتفاقاً مسبقاً على تحييد لبنان عن الصراعات والخلافات الخليجية مع إيران والسعي قدر الإمكان لتجنب التداعيات السلبية لما يجري في دول الجوار العربي، ولكن على علاقات الرئاسة الأولى مع المملكة ودول الخليج العربي والدول الإسلامية المشاركة في القمة المذكورة.
فموقف الوزير باسيل السلبي من الإجماع العربي سابقاً وخروجه عنه في أكثر من اجتماع عندما تعرّضت سفارة المملكة العربية السعودية للاعتداء المنظم من قبل النظام الايراني بطهران، أدى إلى تأزم العلاقات اللبنانية – الخليجية وخصوصاً مع المملكة العربية السعودية إلى درجة لم تحصل من قبل وإلى تجميد هبة الثلاثة مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني بفعل هذا الموقف المنحاز ضد المصلحة اللبنانية العليا.
ولكن هذه المرة يختلف الوضع عمّا كان عليه في السابق عندما كان الوزير باسيل يرأس الوفد اللبناني ويمثل لبنان باجتماعات مجلس الجامعة العربية أو في غيرها من اجتماعات مجلس التعاون الخليجي التي شهدت تفرداً وانحيازاً لا يمثل كل لبنان واللبنانيين، لأن رئيس الوفد اللبناني في القمة العربية الأميركية الإسلامية هو رئيس الحكومة واي موقف يلزم الدولة اللبنانية ويمثلها هو ما يصدر عنه شخصياً، في حين يبقى ما صدر عن وزير الخارجية وإن كان موجهاً للداخل اللبناني بمجمله ليس ملزماً بالرغم من مؤثراته الجانبية السلبية على العلاقات مع دول الخليج العربي وخصوصاً على مستوى العلاقة مع الرئاسة الأولى التي ينضوي تحت لوائها الوزير باسيل.
ويبقى السؤال المطروح: هل ينعكس موقف باسيل السلبي من القمة على التفاهمات السياسية والملفات الداخلية، أم انه يبقى محدود النتائج وبمثابة الرد غير المباشر على عدم دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون لتمثيل لبنان في القمة المذكورة إسوة بباقي الرؤساء؟