تحت عنوان “كيف ستكون “المناطق الآمنة” ومتى وأين؟ وما هي حصة لبنان؟” كتب جورج شاهين في صحيفة “الجمهورية”: في 3 أيار الجاري أُعلن عن توقيع الدول الراعية لمحادثات “أستانة” حول الأزمة السورية روسيا وإيران وتركيا اتفاقاً يقضي بإعلان “مناطق خفض التصعيد”. لكنّ ذلك لم يترافق مع تحديد هذه المناطق وطريقة إدارتها، ما أطلق أسئلةً كثيرة عن جدّية الخطوة، وإذا كان ما تحقق كافياً لترى النور؟ وما هو دور الحلف الدولي؟ وهل للنازحين الى لبنان حصة فيها؟ فور الحديث عن “المناطق الآمنة” سارعت أقلام ووسائل إعلام لبنانية وأجنبية الى التأكيد أنّ تركيا والأردن وعدداً من الدول التي تستضيف النازحين السوريين أنجزت إجراءاتها لنقلهم الى هذه المناطق، ما عدا لبنان الغارق في ملفاتهم، والذي يجهد سعياً وراء جباية الأموال والمساعدات وإحصاء الكلفة المباشرة وغير المباشرة التي مُني بها وبلغت على حدّ ما قدّرها الرئيس سعد الحريري في مؤتمر الدوحة خمسةً وعشرين مليار دولار حتى الآن.
وأمام هذه الروايات التي سبقت أيّ ترتيبات خاصة بهذه المناطق فقد سخر معنيّون بالملف من شكلها ومضمونها والتوقيت، ليس لسبب سوى أنّ مطلقي هذه الروايات يهوون «جلد لبنان» من دون مراعاة الحقائق المحيطة به.
ويضيف هؤلاء أنّ الحديث عن المناطق الآمنة ما زال مبكراً، فمَن أطلق الفكرة ما زال يبحث في آلية وإمكان تنفيذها في انتظار أن تبدي أطراف أخرى رأيها فيها. فلا يكفي أن يقول الثلاثي الراعي للمشروع، تركيا وروسيا وطهران، لتتحوّل أمراً واقعاً. فهذه الدول لم تُجمِع بعد على مواقع هذه المناطق وحدودها في انتظار أن يقول اللاعبون الآخرون على الساحة السورية كلمتهم.
فالولايات المتحدة الأميركية التي نادى رئيسها دونالد ترامب بإنشاء هذه المناطق بالتزامن مع الضربة الصاروخية التي وُجِّهت الى قاعدة الشعيرات في 7 نيسان الماضي، لم يقل كلمته بعد.
وليس من الواضح أنّ ما قصده “ثلاثي أستانة” يتجاوب مع الخطط والرغبات الأميركية ورؤيتها لهذه المناطق في شكلها ومواقعها وطريقة إدارتها رغم أنّ لكل المشاريع المشابهة آلية واحدة سبق للأمم المتحدة أن حدّدتها وفق معايير عسكرية وديبلوماسية دقيقة جداً اعتُمدت في أكثر من منطقة في العالم. فالسوريون والعراقيون لم ينسوا بعد الآليات التي اعتُمدت عند تحويل الشمال العراقي “منطقة آمنة ومحظورة” إبان الحرب الأميركية على العراق عام 2003.
(الجمهورية)