داود الشريان :
تناول الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، في خطابه الأخير، الموقف الذي أعلنه ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تجاه إيران. السيد نصر الله اعتبر أن الأمير ارتكب «خطأ كبيراً جداً»، وأضاف: «مشكلته مع إيران أن إيران تنتظر الإمام المهدي». وزاد: «لكن على كل حال الكل، حتى العلماء في السعودية يعرفون أن الإمام المهدي الذي ينتظره المسلمون جميعاً سيخرج من مكة، وليس من طهران، ولا من بغداد ولا من دمشق، ولا من بيروت، فضلاً عن الضاحية الجنوبية، يعني، سيخرج من مكة».
الأمير محمد بن سلمان لم ينكر ظهور المهدي المنتظر، ولم يقل إن ظهور المهدي موضوع إيراني، فضلاً عن أنه لم يشِر لا تصريحاً ولا تلميحاً إلى أن السعودية تخوض حرباً دينية وعقائدية مع إيران. واتهام الأمير محمد بأنه هو مَن يسعى إلى تحويل النزاع مع النظام في طهران إلى نزاع طائفي، ومذهبي، تدليس سياسي. إيران هي التي تدير صراعاً مذهبياً، وتتبنى ميليشيات شيعية في دول عربية، وتموّلها وتمدها بالسلاح والمقاتلين. وفي نص الدستور الإيراني، ترى طهران أنها مرجعية دينية عابرة للحدود الجغرافية، وعقيدة جيشها تقوم على أساس بسط حاكمية القانون الإلهي في العالم.
الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد يقول في أحد خطاباته: «إن مجيء أميركا للعراق هو لعلمها ومعرفتها بظهور المهدى قريباً، وتريد القضاء عليه قبل ظهوره وانتصاره، فهي أكبر عائق أمام ظهوره». وفي خطاب آخر يقول: «نحن مسؤولون عن إقامة مجتمع نموذجي في إيران، ليكون هذا مقدمة لحدوث هذا الحدث العظيم (ظهور المهدي)، ومنطلقاً لإقامة حكومة العدل الإسلامية العالمية». ويؤمن النظام الإيراني أن خامنئي ممثل للمهدي المنتظر، خلال غيبته الكبرى وإن «الولي الفقيه» يقود الأمة الإسلامية حتى يظهر «الإمام الغائب». ولهذا قال الأمير محمد بن سلمان بوضوح لا يحتاج إلى تأويل، أن دولة تتعامل بهذا المنطق كيف يمكن التفاهم معها.
لا شك في أن السيد حسن نصر الله يدرك تماماً مغزى كلام الأمير محمد بن سلمان، لكنه لا يريد أن يقرأ رأي الأمير بمنطق سياسي، فضلاً عن أنه وظف تفسيره المغلوط لتكريس نهج إيران، وحاول أن ينعت السياسة السعودية بمثله.
الأكيد أن الرياض مستعدة لإقامة حوار مع إيران، وهي فعلت ذلك سابقاً، لكن الحوار القائم على مفاهيم عقائدية وغيبية ليست له ترجمة في قاموس السياسة بين الدول.