تحت عنوان خنق شقيقه وعلَّقه على شجرة زيتون، كتب عيسى يحيى في صحيفة “الجمهورية”: تزداد جرائم القتل في لبنان يوماً بعد يوماً لتفوق معدلاتها الطبيعية، ما يُنذر بكارثة على صعيد الأمن الإجتماعي، وتتعدد معها الأسباب بين إقتصادية وإجتماعية وجرائم شرف، غير أنّ عامل النزوح ساهم في إرتفاعها أكثر، وإنتشرت بشكل أكبر بين صفوف هؤلاء النازحين. تضجّ مخيمات النزوح في لبنان بالمشكلات على أنواعها، بدءاً من إيواء العناصر الإرهابية بحيث تشكّل مخبَأً لها ودروعاً بشرية، مروراً بتفشّي الآفات الإجتماعية وإنتشار الأمراض، ولا تنتهي بإرتفاع معدل الجريمة بين السوريين أنفسهم لأسباب متعددة. غير أنّ الجريمة التي وقعت في أحد مخيمات النازحين السوريين في منطقة مشاريع القاع لا تشبه ما سبقها من جرائم لجهة القاتل والمقتول والطريقة المتّبعة.
وفي التفاصيل، يروي مصدر أمني لـ “الجمهورية” أنه بتاريخ الثالث عشر من شهر نيسان عثر أحدُ الرعاة في محلّة مشاريع القاع قرب حقل زيتون على يدٍ بشريّة ظاهرة من احدى الحفر نتيجة الأمطار، فأبلغ على الفور القوى الأمنية التي حضرت إلى المكان وأزالت التراب ليتبيّن وجود جثة مدفونة في المحلة تعود الى السوري عدي العلي (1991)، ولتبدأ بعدها عناصر مفرزة بعلبك القضائية بالتعاون مع مخابرات الجيش عمليات البحث وجمع الأدلّة لكشف خيوط وملابسات الجريمة”.
ولفت الى أنّ “العناصر وفي اليوم نفسه، وجدوا شالاً بعيداً من مكان الجثة مخبَّأً تحت حجر، وبعد إكتمال بعض المعطيات، أوقف عناصر مخفر القاع في اليوم ذاته عمار العلي (1990)، شقيق عدي، ونتيجة التحقيقات إعترف عمار بما نُسب إليه”.
وعصر الخميس وفي حضور مدعي عام البقاع فريد كلاس، قاضي التحقيق الأول في البقاع عماد الزين، آمر مفرزة بعلبك القضائية المقدّم فادي الحلاني مثّل القاتل الجريمة في محلة مشاريع القاع، وسرد عمار الحادثة التي وقعت في 30/1/2017، قائلاً: “دخلت الخيمة لأجد شقيقي في وضع غير محتشم لا يرتدي ثيابه، بينما كانت زوجتي تجلس في زاوية الخيمة خائفة منه، فلم أتمالك أعصابي وخنقته بيديّ، بعدها لففته بكيسٍ من “الخيش” وحملته على كتفي متنقلاً به مرات عدة حتى وصلت إلى أحد بساتين الزيتون التي تبعد من الخيمة مسافة لا تقل عن 1000 متر، ثم ربطت الشال في شجرة الزيتون وعلقته بها ليظهر بصورة المنتحر”.
بعدها عاد عمار إلى البيت لتمضي ساعات قبل أن يستنجد بجاره محمد المصطفى (أبو حسن) ليفتش عن شقيقه بإعتبار أنه غاب عن البيت لساعات، وبعد عملية البحث وجدوا الجثة معلّقة على شجرة الزيتون.
وليكمل دوره في التمثيل إنهار عمار عند مشاهدة شقيقه مشنوقاً وطلب من أبو حسن مساعدته لدفن الجثة وعدم إخبار أحد، فقطّعا الشال وأنزلا الجثة، ثم قام بتخبئة الشال تحت صخرة، ونقلا الجثة إلى مكان بعيد ووضعاها بين الصخور وإبتعدا مسافةً طويلة أيضاً وحفرا الحفرة لنحو أربع ساعات، ثم عادا ونقلا الجثة إلى الحفرة ودفناها بعدما وضعا عليها كيس “الخيش”.
وقال القاضي كلاس إنّ تمثيل الجريمة في هذه المنطقة يؤكد وجود الدولة رغم أنها منطقة حدودية بين لبنان وسوريا، ورغم أنها منطقة نائية وقيام القاتل بإخفاء معالم الجريمة غير أنّ القوى الأمنية تمكّنت من القبض عليه، مشدِّداً على أنّ العدالة لا بد أن تتحقق والمجرمون سينالون العقاب الذي يستحقونه.
بدوره أكد المقدم حلاني إستمرار القوى الأمنية في مكافحة الجريمة، وتعاون كلّ الأجهزة الأمنية في عملية كشفها التي تمّت على مراحل، وتمثيل الجريمة جاء ليفكّرَ الناس بأيّ عمل قبل أن يرتكبوه.
(الجمهورية)