تبدو مهمة الوفد المصرفي اللبناني في واشنطن صعبة ومعقدة لاعتبارات عدة، ترتبط باجواء الادارة الاميركية المتشنجة، التغييرات التي طرأت على السياسة الاميركية حيال ايران وحزب الله، الكونغرس المتفق مع البيت الابيض على سياسة العداء للنفوذ الايراني، غياب لبنان الرسمي عن المساعدة في الضغط لتليين الموقف الاميركي.
ما سيفعله اعضاء الوفد المصرفي اللبناني، ينحصر في محاولة تجاوز هذه الاعتبارات استنادا الى اسئلة واضحة سوف يتم طرحها على الجانب الأميركي، ومن خلالها يأمل المصرفيون إحداث التغيير المطلوب في السلوك الأميركي حيال هذا الملف.
ومن هذه الاسئلة ما يلي:
اولا: هل ما زال موضوع حماية لبنان والحفاظ على استقراره اولوية بالنسبة الى الادارة الاميركية؟
ثانيا: ما هو الثمن الذي ستكون واشنطن مستعدة لدفعه لقاء استمرار الاستقرار في لبنان؟
ثالثا: اذا تعرض لبنان لتجربة أودت باقتصاده الى ما يشبه الانهيار، هل ستكون واشنطن جاهزة لتحمّل عواقب ما سيحصل للنازحين السوريين الموجودين فيه؟ وهل يمكن ضبط خروجهم من البلد الى ديار الله الواسعة في هذا الوضع؟
رابعا: اذا حصلت مواجهة شبيهة بالمواجهة في العام 2016، حين تم تفجير احد المصارف، هل ان واشنطن ستواصل المواجهة حتى لو أدّت الى انهيار
المصارف ومعها لبنان؟
خامسا: ما هي الاجراءات التي ستتخذها الادارة الأميركية لضمان استمرار التعاون بين المصارف اللبنانية والمصارف الأميركية المراسلة. ومن المعروف ان هذا الموضوع يزداد تعقيدا مع الوقت، خصوصا بعد العقوبات المالية القاسية التي تعرضت لها مصارف عالمية، وبالتالي صار ما يُعرف بتخفيف المخاطر (De risking) نمطا تتبعه كل المصارف الكبرى. وهناك دول في العالم الثالث تعرضت مصارفها لقطيعة كاملة من قبل المصارف العالمية، وتعاني هذه الدول حاليا من أزمات صعبة نتيجة هذا الوضع.
هذه الأسئلة التي سيطرحها الوفد المصرفي اللبناني في واشنطن، هي بمثابة أسئلة وتنبيه وتذكير في الوقت نفسه، لأن طرحها لا يستهدف الحصول على اجوبة فحسب- وبالمناسبة، قد لا يحصل الوفد اللبناني على اجابات- بل يهدف الى تسليط الضوء وتقديم توضيحات اضافية الى الادارة الأميركية الجديدة حول النقاط الخطيرة التي سترافق صدور اي قانون أميركي لا يأخذ هذه الحقائق بالاعتبار.
الى الأسئلة، سوف يعمد المصرفيون اللبنانيون الى شرح الواقع اللبناني كما هو، سواء لجهة التداخل القائم بين حزب الله وأفراده مع المجتمع اللبناني، او لجهة الأهمية التي يشكلها القطاع المصرفي في صمود الاقتصاد اللبناني، مع تقديم شروحات مفصلة عن حجم التحويلات التي تقوم بها القوى اللبنانية العاملة في الخارج، وكيف ان هذه التحويلات هي الأوكسجين الذي من دونه، او حتى في حال تراجعه الى نسب محددة، قد يؤدي الى افلاس الدولة.
هذه الشروحات ضرورية لإدارة أميركية تعرف الوضع اللبناني بلا شك، لكنها قد تحتاج الى تفاصيل إضافية ما دامت إدارة جديدة، وقد تفوتها بعض النقاط المهمة في هذا الملف.
هل سينجح المصرفيون لوحدهم في معالجة الأزمة؟
الأكيد، ان الزيارة مهمة، ولن تكون بلا نتائج، لكن الأمور ترتبط بنِسَب النجاح الذي قد يتحقق، وإذا ما كان كافياً لتجنيب المصارف ولبنان الكارثة التي بدأت تطل برأسها.
أنطوان فرح – الجمهورية