أقامت الجامعة اللبنانية احتفالا بالعيد ال66 لتأسيسها، برعاية وحضور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في قاعة الاحتفالات في مجمع الرئيس رفيق الحريري – الحدت.
حضر الاحتفال وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة، وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، والنواب: نوار الساحلي، محمد الحجار، جيلبرت زوين، وحكمت ديب، رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب وعمداء الكليات ومديرو الفروع وحشد من الاساتذة والطلاب.
بعد النشيد الوطني، عرض وثائقي عن الجامعة اللبنانية نشأتها، تطورها، وخريجوها الناجحون في كل أصقاع العالم ودورهم الاقتصادي وتأثيره الايجابي على لبنان.
بو فياض
بعد عزف الجيش اللبناني، بمشاركة كورال الجامعة اللبنانية، للنشيد الوطني ونشيد الجامعة اللبنانية وبعض الأغاني الوطنية، رحبت عميدة كلية السياحة في الجامعة اللبنانية الدكتورة أمل بوفياض بالحضور في يوم الجامعة وقالت:”في عيدها السادس والستين تجمعنا الجامعة اللبنانية على امتداد الوطن لتؤكد لنا جميعا أن لبنان لن يكون إلا بلد النور والعلم والمعرفة، لبنان الرسالة والمحبة والعطاء والإبداع مهما حاول البعض تشويه صورته وتدميره”.
صميلي
وألقى رئيس رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور محمد صميلي كلمة قال فيها:” نجتمع اليوم لنحتفل بالعيد السادس والستين لتأسيس الجامعة اللبنانية، الجامعة التي كلما ازداد عمرها ازداد شبابها وتجددت حياتها وتألقت خبرة وعطاء في كل مجالات وأصناف العلوم والآداب.
إنه الفرح بعينه أن نحتفل بعيد الجامعة اللبنانية أملين لها بالعمر المديد والتجدد المستمر كي تبقى حصنا وملاذا وموئل علم وبحث لأبنائها شباب الوطن.”
اضاف:” إن المنطلق الأساسي الذي يؤمن النقلة النوعية للجامعة اللبنانية يكمن في احترام قوانين الجامعة وأنظمتها ومتابعة تطبيقها والعمل المستمر على تطوير هذه القوانين وذلك بما يتلاءم مع تطور رسالة الجامعة ووظيفتهاوحاجات المجتمع وسوق العمل، إضافة إلى تعزيز استقلالية الجامعة أكاديميا وإداريا توازيا مع أعلى درجات الشفافية في الأداء واستقطابا لكافة الكفاءات العلمية والأدبية كي تجد موقعها في حضن الجامعة اللبنانية بعيدا عن الزبائنية والتدخلات السياسية والطائفية أو المذهبية، لأن جامعة الوطن لا يمكن أن تبنى على هذه الأسس، فجامعة الوطن تبنى على أسس الكفاءة والعقل. ولكي تستطيع الجامعة اللبنانية أن تلعب دورا رياديا في خدمة المجتمع وتتنافس ايجابيا مع شقيقاتها الجامعات الخاصة، فإنه لا بد من القيام بنهضة شاملة تطال كل مناحي الجامعة لناحية تدبير حسن سير العمل الأكاديمي والبحثي أم لناحية إنشاء واستكمال المدن الجامعية الذي ينبغي أن تغطي كل المحافظات اللبنانية، وذلك على غرار مدينة رفيق الحريري الجامعية، مع التأكيد بأن الاهتمام المطلوب في الجامعة يلقي على الدولة مسؤولية وطنية تتمثل بزيادة المساهمة في موازنتها كي تستطيع أن تؤدي الدور المطلوب منها على أكمل وجه. وأملنا كبير بذلك خاصة وأننا في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي أخذ على عاتقه تقديم الأفضل والأنبل للشعب اللبناني وشبابه وجامعته الوطنية.كما أتقدم بالشكر لمعالي وزير التربية الأستاذ مروان حمادة وحرصه الشديد على المدرسة الرسمية والجامعة الوطنية، فالجامعة اللبنانية أمانة في أعناقنا جميعا ومنمسؤولية مشتركة تأمين الدعم الكامل لها.”
وأشار إلى أن الجامعة اللبنانية ليست مؤسسة وقانونا يرعاها وحسب، إنما هي مركز للتفاعل الإنساني الخلاق بين الأستاذ الجامعي والموظف والطلاب. فالأستاذ الجامعي المحاضر لا يقتصر دوره مع طلابه داخل صفه، فحماية حريته الفكرية هي القاعدة الأساسية التي تؤمن له دورا فعالا في كل قطاعات المجتمع وتوفر له الإمكانية كي يكون قدوة لوسطه الذي يعيش فيه وعلى صعيد المجتمع ككل.
وأكد أن مستقبل الجامعة وريادتها لا يمكن أن يستمرا إلا في علاقة تكاملية بين أهل الجامعة وتحديدا التنسيق أو التعاون بين رابطة الأساتذة وإدارة الجامعة ممثلة برئيس الجامعة ومجلسها اللذين كانا دوما ولا يزالان على مستوى أمل وطموحات هذه الجامعة.
أيوب
ثم كانت كلمة لرئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب قال فيها:” يتميز احتفاؤنا بالجامعة في عيدها السادس والستين، بعلامة حياة واحتضان مميز: رعاية فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. هي جامعة الوطن على امتداد مساحته. جامعة تحتضن أبناءه من مختلف المناطق كنموذج وقدوة لوطن متماسك مترفع عن المكاسب الفئوية والفردية، ملتزم بالقيم، واحد تحت لواء العلم والبحث، متقدم في المعرفة وبها، ملتزم بكرامة الإنسان بعيدا عن أفخاخ السياسة والطائفية والمذهبية وكل أشكال التمييز.”
وأضاف:” يوم الجامعة ليس مجرد مناسبة احتفالية. إنما هو لقاء تأمل ومشاركة وتعزيز للانتماء وتحديد لموقعنا من التحديات، وإعلان استهداف مستمر للمشكلات بموضوعية وجدية وتفان وإخلاص، سعيا إلى جامعة تنافس ولا تنافس، تليق بهوية لبنان المعرفية والحضارية.”
وتابع:” منذ استلامي مهامي في رئاسة الجامعة، وأنا منصرف كليا مع زملائي في مجلس الجامعة، إلى تشخيص عوامل الضعف الأساسية في بنية الجامعة، والعمل على معالجتها جذريا، وتجاوزها بالكامل، فالحلول الترقيعية والمؤقتة غير ناجعة. جامعتنا الحبيبة تستحق أرقى الحلل، بعيدا عن الفساد والفوضى والإهمال والمحسوبيات والمحاصصة. شح الموازنة المخصصة للجامعة، وما ينْجم عنه من صعوبات في الإنفاق على مشاريع حيوية باعثة على الإصلاح والتطوير لم يمنعْ جامعتنا من أن تكون حاضرة بثبات وقوة وتميز على خارطة التعليم العالي على المستوى العالمي. وهي تؤدي دورا إنمائيا مركزيا على مستوى المجتمع والوطن. فنفخر بإنجازاتها المشهودة بحثا وتعليما، وبخريجيها يتصدرون المواقع الأولى في مباريات مجلس الخدمة المدنية، كما في مباريات جامعية دولية في الخارج، وهم متميزون في المناصب التي يشغلون في لبنان والعالم.”
وتوجه إلى فخامة الرئيس قائلا:”تعاني الجامعة اللبنانية من نقص في الموازنة وعجز في الإنفاق (تم تقليص موازنة الجامعة بما يقارب الخمسين مليار ليرة، فيما تعاني من عجز مالي قدْره 109 مليار ليرة).
وتعاني من التدخلات السياسية في شؤونها الداخلية سعيا إلى محاصصات طائفية حزبية وسياسية (وكأنها مؤسسة لتمرير الخدمات على حساب مصالحها وقوانينها).
هي تعاني منْ مصادرة صلاحياتها من قبل مجلس الوزراء، الأمر الذي يعني إخضاع الجامعة للتجاذبات السياسية بدلا من أن تكون مؤسسة مستقلة، كما ينص القانون. مما يحد من قدرتها على اتخاذ القرارات الضرورية لتثبيت الأساتذة وتعْيين الموظفين، مما يدفعها مضطرة إلى الالتفاف على القانون فتستبدل الموظفين بالمدربين، وتقيم عقود المصالحة بدلا من التعاقد مع أساتذة بالساعة. الجامعة يا فخامة الرئيس قد صودرتْ صلاحياتها من قبل الحكومة في العام 1997 في ظروف ملتبسة، فيما كنتم أنتم خارج البلاد، أما اليوم فنحن في عهدكم وفي كنف رئاستكم للجمهورية، لذا نأمل منكم الدعم لجهودنا في استرداد الجامعة لصلاحياتها قريبا.
تعاني جامعتنا، من تفريخ جامعات خاصة على امتداد لبنان، فهنالك ما يقارب الخمسين جامعة خاصة في لبنان، قليل منها يتصف بالمستوى المطلوب، وغالبيتها ضعيفة المستوى… تلك الجامعات مرتبطة غالبا بأحزاب وطوائف وجهات نافذة، وهناك من يسعى إلى إضعاف الجامعة اللبنانية لتقوية تلك الجامعات.
تعاني جامعتنا من تعرضها الدائم لحملات تشويه مركزة من وسائل إعلام لبنانية. وفي حين يصار إلى التعمية على إنجازاتها المهمة والكثيرة، يصار إلى تسليط الضوء بكثافة ومبالغة على هفوات صغيرة فيها. ناهيك بالافتراءات التي لا أساس لها من الصحة. إن وسائل الإعلام مدْعوة إلى تحمل مسؤوليتها الوطنية في إنصاف الجامعة ومؤازرتها والكف عن استهدافها.
تعاني الجامعة من تطبيق نظام L M D، الذي تم استيراده إلى لبنان في ظروف غامضة غير ناضحة علميا، واعتمد بدون مراعاة خصوصيتها، ومدى ملاءمة هذا النظام لمصالحها وأهدافها ومناهجها التعليمية ولحال التربية عامة في لبنان، ولا سيما في بعض الاختصاصات والكليات النظرية. فربحت الجامعة بعض الهبات من بعض الدول، وخسرت الكثير بالمقابل”…
وأردف:” انسجاما مع العهد الجديد برئاسة فخامة الرئيس العماد ميشال عون وروحية الشفافية والإصلاح، تتجه الجامعة نحو مرحلة جديدة رغم كل الصعوبات، وتبذل قصارى الجهد، بإدارتها وأساتذتها وموظفيها، من أجل النهوض والتميز. ومنذ تسلمي مهماتي كرئيس للجامعة نمْضي بعزيمة وإصرار للارتقاء بجامعتنا على المسارات الاستراتيجية التالية:
1-الطالب هو مبرر وجود الجامعة، وهي موجودة من أجله، وهو المعيار والمؤشر لنجاحها أو إخفاقها… وكل طالب اليوم هو حالة قائمة بذاتها ويجري العمل على تزويده بما يحتاجه في مسيرته التعلمية. وقد التقيت طلاب الجامعة في سائر المعاهد والكليات من خلال لجان تمثلهم، ورصدنا همومهم واحتياجاتهم ونعمل على المعالجة.
2- جرى العمل على تعزيز الأبحاث والدراسات من خلال استراتيجية علمية رائية تتشدد في المعايير والمواصفات المنهجية، بما يحمي نوعية البحث ويحصن الرتب الأكاديمية.
3- نعمل على إنجاز المجمعات الجامعية في المحافظات. ومساهمة في الإنماء المتوازن اتخذنا قرارا ببناء مجمعات في مناطق محرومة وتحديدا في عكار والهرمل وجبيل (على قاعدة حق الشباب حيث كانوا بالعلم والمعرفة).
4- نعمل في مجلس الجامعة على ملف المدربين، بهدف إعادة توزيعهم بما يتناسب مع حاجة الكليات، ليتم بعد ذلك تثبيت المستحقين منهم عبر مباراة محصورة من قبل مجلس الخدمة المدنية، على أن يتم في مرحلة لاحقة إجراء مباراة مفتوحة من قبل المجلس نفسه لاسْتكمال ما تحتاج إليه الجامعة من موظفين”.
وأضاف:”أذكر مما تم تحقيقه في إطار ورشة العمل المفتوحة منذ تسلمي مهماتي:
تنظيم الوضع الإداري، واعتماد أنظمة جديدة تساهم في تسريع المعاملات ومكننة المعلومات وربط كافة إدارات الكليات بالإدارة المركزية، (مع تحقق مستمر من الالتزام بالقوانين والمراسيم والتعاميم).
ترشيد الإنفاق، ووقف الهدر، فتخلينا عن بعض المباني المستأجرة وغير الضرورية، وتم إلغاء ساعات التدريب الوهمية، وإلغاء المكافآت، وإيقاف المنح غير المجدية إلى الخارج. وعملنا على استثمار الحد الأقصى لطاقة الأساتذة… (وأوقفنا الهدر الناتج عن تجاوز الطلاب للمهل القانونية المسموح بها) ومنعنا الإسراف في استخدام الكهرباء والورق والمحروقات…
تنظيم المعاهد العليا للدكتوراه، والتشديد على رفْع مستواها البحثي والإداري مع التشدد في معايير القبول، ومراعاة حاجة سوق العمل.
تفعيل العلاقات الخارجية والاتفاقيات، ومد جسور التعاون مع العديد من الجامعات والمؤسسات العربية والأجنبية وتشكيل لجان مختصة بتنسيق تلك العلاقات.
إجراء دراسات إحصائية شاملة لمكونات الجامعة من طلاب وأساتذة وموظفين ومدربين، تبعا للكليات والاختصاصات والمناطق والفئات العمرية، بما يساعد على تحديد دقيق للمشكلات ومعالجتها.
متابعة موضوع الأساتذة المتعاقدين المستحقين للتفرغ ووضع المعايير التي سيتم على أساسها قبول المتفرغين الجدد.
استكمال انتخابات المرشحين إلى منصب عميد ورفع أسمائهم إلى مجلس الوزراء للتعيين.
إعادة هيكلة الإدارة المركزية وتشكيل مكاتب التنسيق على أسس وقواعد جديدة تضمن حسن إدارة مرافقها.
التنسيق مع النقابات والمهن الحرة لحفظ خصوصية الجامعة اللبنانية ومرجعيتها (نقابتا المهندسين والأطباء).
عقد مؤتمرات علمية وندوات تخصصية، وتحويل توصياتها ومقرراتها إلى مشاريع عمل ومخططات.
تنفيذ ورش الإنماء، والدراسات الميدانية بهدف ترشيد العمل الإداري والمالي، لاستثمار أفضل لكفاءات الأساتذة ، نعمل على رفع سن التقاعد إلى 68 عاما أسوة بالقضاة وبجامعات العالم المتقدم.
تقويم المناهج الدراسية والنظر في إمكانية تعديلها.
الاهتمام بشؤون الخريجين وتشكيل جمعيات وروابط تعنى بشؤونهم.
متابعة الخريجين وحسن ربطهم بأسواق العمل وتحسين فرصهم.
إنهاء مشكلة مجمع الحدث بما يؤمن سيرورته ويحمي الحقوق.
تعميم روح الشفافية المطلقة ومراعاة الأصول القانونية في المناقصات.
تعزيز دور الأقسام الأكاديمية ومجالس الفروع ومجالس الوحدات في صناعة القرار.
تخصيص أيام لاستقبال الأساتذة والطلاب للتواصل الدائم ورصد المشكلات وحلها.
العمل على تأسيس فرع العلاقات الدولية والدبلوماسية في كلية الحقوق والعلوم السياسية، واستحداث مسارات جديدة في الدراسات الصينية والروسية.”
وتابع:”إننا نقوم بالتنسيق التام في شؤون الجامعة مع وزارة التربية. فأشكر معالي الوزير مروان حمادة على عنايته، كما أشكر معالي الوزير السابق الياس بو صعب على جهوده في خدمة الجامعة.
وإذ نشكر فخامة الرئيس العماد ميشال عون، ونشكر دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، ودولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري، على دعمهم الدائم للجامعة، نعد بأن نبْقى في خدمة جامعتننا.
كان يوم الجامعة فخامة الرئيس يوما للوطن. شكرا على رعايتكم اليوم وكل يوم لجامعة الوطن.”
حماده
والقى حماده كلمة قال فيها: “فخامة الرئيس كثير من القضايا جمعت بيننا، وكثير من التفاصيل فرقت بيننا، إنما فوق كل الإعتبارات الآنية والموسمية تبقى في لبنان رموز للوحدة الوطنية ونحن اليوم نحتفل بالعيد السادس والستين لتأسيس أبرز هذه الرموز، التي اجتمعنا وناضلنا لإنشائها على الرغم من معارضة الفئويين، ثم اجتمعنا وناضلنا لإبقائها موحدة على الرغم من محاولات الطائفيين، ونحن معك نعمل ونناضل من أجل تطويرها وتعزيزها وتصنيفها على أساس أعلى معايير الجودة والإعتمادية في العالم”.
اضاف: “الجامعة اللبنانية ليست فقط المؤسسة الرسمية الوطنية الأكبر حجما وطلابا، بل هي مصنع الموارد البشرية المتمايزة التي نجدها في أرقى مواقع المسؤولية في الداخل والخارج. وإذا كانت ظروف البلاد متعثرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، فإن الجامعة اللبنانية تشكل الملاذ والحصن المنيع ضد انزلاق الشباب نحو الأخطار والأفكار السود، وتبقى الأم الحاضنة لجميع فئات المجتمع والساهرة على فتح نافذة الأمل أمامهم، إذ أن لا شيء كالعلم يرفع المستويات ويترقى بالمجتمعات نحو الأعلى والأرقى والأفعل”.
وتابع: “لقد كلفني دولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري تمثيله في هذا العيد السعيد، عنيت العيد السادس والستين لتأسيس الجامعة اللبنانية على يد كبار في تاريخنا، ينظرون إلى ما هو أبعد من حدود الأزمات العابرات، لكي نربي أجيالا من القادة يتولون زمام البلاد بكل قدرة وفاعلية وحرص حتى في أحلك الظروف أو في أجملها. ونحن هنا اليوم في مجمع الرئيس الشهيد رفيق الحريري الجامعي نسترجع الأحلام الكبيرة لوطن صغير في مساحته، لكنه يمتد على إتساع الكون من خلال أبنائه الذين يحملون العلم والإبداع إلى أصقاع الدنيا، لكننا مع الأسف لا نترك لهم مكانا ليرفعوا مداميك وطنهم، إلى المستوى الذي يريدونه للوطن ولأنفسهم لكي يتسع لتطلعاتهم. وإنني باسم دولة الرئيس الحريري وباسمي الشخصي أراهن على الشباب الجامعي لكي يخرج بنا إلى بر الأمان من خلال انتخابات نيابية عادلة ومنصفة للجميع، تجدد الدم في عروق المؤسسات وتتيح الفرصة أمام مقاربات جديدة لممارسة السلطة على قاعدة الخدمة العامة”.
واردف: “إن التوسع في فروع الجامعة اللبنانية يأتي لسد حاجات أبناء المناطق إلى الدراسة والتخصص وإبعاد الضغط عن العاصمة أو للتخفيف على الشباب في كلفة الإنتقال والعيش، وفي هذا السياق لا بد من توجيه تحية التقدير إلى رئيس الجامعة ومجلسها الكريم الذين أقروا إستحداث فروع جامعية في محافظة عكار ومحافظة بعلبك الهرمل، ويتضمن كل فرع العديد من الإختصاصات التي تحتاج المناطق لتأهيل وإعداد مواردها البشرية لكي تقوم بأعمال تلبي طموحاتها وتخدم المناطق المحيطة بالفروع. إن طلاب الدراسات العليا في الجامعة اللبنانية إن كان ذلك على مستوى الماسترز أو الدكتوراه مدعوون مع أساتذتهم إلى إختيار الأبحاث الأكاديمية التي يحتاج المجتمع والدولة إلى أرقامها ومؤشراتها ونتائجها من أجل استخدامها في ترشيد القرار الرسمي السياسي والإقتصادي والإجتماعي والطبي والقانوني والعلمي وغيرها. فالإستثمار في العقول من شيم الدول الكبرى التي لا تسأل عن كلفة الأبحاث بل تؤمن لها الموارد لكي تضيف إلى الإنسانية أمورا جديدة ومفيدة وراقية”.
وقال: “أما في ما يتعلق بكلية التربية وهي أساس نشوء الجامعة، فإننا نعول الكثير على دورها وعلى إتساع مهامها لكي تؤمن الإعداد التربوي للأساتذة الذين ينجحون في الإمتحانات التي يجريها مجلس الخدمة المدنية، وقد أعلن معالي وزير المالية بالأمس الصديق علي حسن خليل عن تحويل الأموال إلى كلية التربية لكي تتمكن من تجهيز فروع الكلية وتأمين المستلزمات المالية لأساتذتها ولكي تتمكن من إنجاز دورات الإعداد لنيل الأساتذة شهادات الكفاءة في التعليم، فنستريح تدريجيا من قضية التعاقد الذي أرهق المدارس الرسمية وأربك الإدارات المدرسية”.
وختم: “أحيي رئيس الجامعة الدكتور فؤاد أيوب على مسار عمله كما أحيي العمداء والمديرين والأساتذة والطلاب وآمل أن نتوصل قريبا إلى تعيين عمداء جدد في الكليات التي شغرت بسبب بلوغ الأساتذة العمداء والمديرين سن التقاعد. كما إنني أنقل إلى جميع المشاركين والمبتهجين بعيد الجامعة اللبنانية السادس والستين تحيات الرئيس سعد الحريري وتهنئته بهذا اليوم، الذي نعتبره مساحة مضيئة في تاريخنا، ونعتبر الجامعة واحة للاعتزاز والإفتخار”.
رئيس الجمهورية
والقى رئيس الجمهورية العماد عون الكلمة الآتية: “أيها الحضور الكريم، يأخذنا الاحتفال بيوم الجامعة اللبنانية إلى صلب دور لبنان ورسالته، تجاه أبنائه بالدرجة الأولى، وفي محيطه والعالم. إن بلدا صغيرا كبلدنا، لا بد ان يستمد حضوره وقوته من اشعاعه العلمي والثقافي والحضاري والانساني. هكذا هي الدول المتطورة في عصرنا، بعضها من الأصغر في العالم، ولكن من الأكثر رقيا وقدرة اقتصادية، من خلال تطورها التكنولوجي ومستوى الأبحاث العلمية فيها وتقدم جامعاتها واستثمارها في أدمغة البشر وليس فقط في الحجر.
أعطت الجامعة اللبنانية منذ نشوء نواتها في أوائل الخمسينات من القرن الماضي، الكثير لأجيالنا المتعاقبة، ودفعت أيضا الكثير ثمن الحروب والانقسامات والتجاذبات السياسة. علينا أن نتذكر جيدا الأهداف الأساسية التي كانت وراء ولادتها، وندرك أهميتها وحيويتها في انصهار شباب لبنان وتعميق وحدتهم ومد يد العون لهم في بناء مستقبلهم، لنعمل معا كمسؤولين سياسيين وتربويين على رفع شأن الجامعة اللبنانية، وقدراتها الاستيعابية والتكنولوجية واللوجستية وأدواتها التربوية والبحثية وطاقمها التعليمي والاداري الذي نوجه اليه تحية تقدير على جهوده ووفائه في هذه المناسبة التي تجمعنا”.
اضاف:”يفتخر لبنان بالطبع بجامعاته الخاصة العريقة تاريخا وتجهيزا ومستوى أكاديميا جذب منذ عقود كوكبة من الطلاب العرب إلى صروحها. لكن للتعليم الجامعي في لبنان جناحين متوازيين، لا يجب أن يضعف أحدهما ويترهل، فتمسي خيرة شبابنا محرومة من فضل ما تستحقه من فرص تعليمية جامعية، يجب أن تظل المسؤولية الأولى للدولة تجاه أبنائها.
وانطلق من كلامي هذا من باب الحرص على تكافؤ فرص التعليم أمام الأجيال اللبنانية.فلا يجب أن يكون الحرمان من نصيب من هم أقل قدرة على الصعيد المادي على تحمل أعباء التعليم الجامعي. وندرك جميعا أن من بين هؤلاء من يمكن أن يكون يوما من أبرز العلماء أو الأدباء أو الأطباء أو المخترعين في العالم”.
وقال:”ايها الحضور الكريم، إن الاستثمار في التعليم هو من أكثر الاستثمارات ربحا بالنسبة إلى الشعوب والدول. هذه هي البنية التحتية الحقيقية التي لا تتآكلها عوامل الزمن، بل تثمر أضعاف ما يزرع في تربتها. من واجبنا اليوم، أن نبعد الجامعة الوطنية عن التجاذبات السياسية، ونطور فروعها وندعمها بالمكننة الحديثة وأدوات البحث والمختبرات والمساحات التفاعلية ونطور أنظمتها التعليمية، ونولي اساتذتها الرعاية اللازمة التي تمكنهم من العمل بحرية وتطوير قدراتهم والتفاني في رسالتهم، فلا يكون هناك تمييز في سوق العمل بين حاملي الشهادات الجامعية من الجامعات الخاصة، وحاملي الشهادات من الجامعة اللبنانية. فيشعر أي شاب بالفخر لحمله شهادة من جامعته الوطنية تفتح له أبواب العمل والنجاح على مصراعيها.
ومن تحصين الجامعة اللبنانية وتطويرها إلى تحصين الوطن، المسار واحد والأدوات هي عينها. لا بد أن نعطي شبابنا الفرصة ليعبروا عن أنفسهم ويحددوا خياراتهم ويشاركوا في بناء وطنهم وتحقيق تنميته المستدامة ورقيه وروحه الخلاقة.
ان هذه المسيرة تبدأ من الجامعة التي عليها أن تفتح أبواب صروحها أمام طلابها للنقاش والتفاعل والحوار لتقديم الأفكار والتطلعات الى كيف يكون مستقبل بلدهم. وأخاطب الشباب اللبناني هنا، الذي يملك حسا وطنيا ووعيا سياسيا وحضاريا وثقافيا يجعله قادرا على تقرير مصيره ومصير وطنه بمسؤولية: لديكم كل الطاقات والأدوات اللازمة للتغيير والارتقاء. ومن مساحات جامعاتكم حيث تتفاعلون مع واقع بلدكم وأحداثه، وتعبرون عن رؤيتكم للأمور، بإمكانكم أن تشكلوا نواة العمل الوطني النظيف، بالحوار والاحترام المتبادل وحرية التعبير والروح الديموقراطية، لتكونوا أنتم المثال بلا تبعية عمياء، وتخلقوا جوا صحيا في الساحة الوطنية، ينتج طبقة سياسية أكثر قدرة على التعبير عنكم وعن روح العصر والتطور.
وأتمنى أن تحضنا الاستحقاقات التي تنتظرنا والتحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية الداهمة، على ملاقاة الجيل الجديد في طموحاته وأحلامه وتوقعاته التي بات يشعر بالخذلان واليأس من عدم تحقيقها. وهذا لا يكون إلا بالتخلي عن الأنانيات الفردية والمصالح الظرفية، لاعتناق صورة لبنان المستقبل الذي نتوق اليه وطن الانفتاح والديموقراطية والتعايش النموذجي وتمازج الحضارات”.
وختم الرئيس عون:” يا شباب لبنان، أنتم لبنان الآتي، أنتم مستقبل الوطن وأمله بغد أفضل، فاسعوا ليكون الوطن الذي ستسلمونه لأبنائكم من بعدكم، أفضل من ذاك الذي سلمه لكم اباؤكم ويقيني أنكم قادرون.
عاشت الجامعة اللبنانية الوطنية الجامعة. عاش لبنان”.