ترأس متروبوليت طرابلس وسائر الشمال للروم الملكيين الكاثوليك المطران ادوار ضاهر، يعاونه المونسنيور الياس البستاني، قداسا احتفاليا بعيد مارجاورجيوس في كاتدرائية شفيعها في طرابلس، بحضور حشد كبير من المؤمنين، بعد الانجيل المقدس القى ضاهر عظة قال فيها:” أيها الأحبة، يا أبناء القيامة والحياة…، نحييكم بتحيّة القيامة:
المسيح قام حقاً قام
أجل أيها الأخوة المؤمنون بالسيد المسيح وبقيامته، إن قيامة المسيح هي العقيدة الأساس في المسيحية، هي الحدث الأوحد والأكبر في تاريخ البشرية جمعاء، لذلك سمي عيد الفصح المجيد، العيد الكبير، بل هو عيد الأعياد وموسم المواسم.
تابع:” اليوم نحتفل بعيدِ القديس الشهيد جاورجيوس المظفر، شفيعِ هذه الكاتدرائيةِ المقدسة، الشاهدة على إيمان أجدادنا وأبائنا من أساقفة وكهنة وعلمانيين، وأحد توما من زمن القيامة: إِن لَم أُبصر في يديه أَثر الْمسامير، وأضع إِصبعي فِي أَثر الْمسامير، وأضع يدي فِي جنبه، لاَ أُومِنْ” (يو 20: 25). هذا كان تصريح توما عندما بشَّرَه إخوته بقيامة الرب يسوع من بين الأموات.
المسيحيّة إيمان ثابت بالقيامة. “طوبى للذين آمنوا ولم يروْا” (يو 20: 29). القيامة عندنا يقين. لذلك، انتشرت المسيحيّة بشهادة الدم. وما القدّيس جاورجيوس، العظيم في الشهداء، سوى نموذج عن هؤلاء المسيحيّين الّذين “آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا”، الّذين لا يطلبون حكمًا أو حضورًا في هذا العالم
” لأَنْ لس لنا هنا مدينة باقية، لكِننا نطلب الْعتيدَة ” (عب 13: 14).
كل مسألة الإيمان تتعلق بحياة الدهر الآتي. لأنه، إذا كان الله موجودًا، فلا بد أن يكون صالحا وإلا فيجب عدم عبادته. وبما أن الله صالح فلا يمكن أن يترك العالم تحت نيرِ الخطيئة والظّلمة والظّلم. لذلك، أتى الربّ بنفسه في ابنه وحمل أوجاعَنا وكابد مظلوميتنا ليمنحنا رحمتَه وعدلَه.
من لا يؤمن بالحياة الأبديّة والقيامة فلا قيمة لحياته. لأنّ قيمة الإنسان ليست من ذاته بل من الله الّذي خلقه على صورته. من يشكك بالقيامة لا إيمان عنده. الإيمان بالله مرتبط بالإيمان بـ”قيامة الموتى والحياة في الدّهر الآتي” (دستور الإيمان).
اضاف:” إيماننا يقينيّ بشهادة الشهداء والشهود الّذين حملوا هذا الإيمان وتكبّدوا لأجله الموت والألم والضيقات المتنوّعة، ” فهؤلاء كلّهم، مشهودًا لهم بالايمان، لم ينالوا الموعد إذ سبق الله فنظر لنا شيئًا أفضل لكي لا يُكمَلوا بدوننا” (عب 11: 39 – 40).
نحن سلالة هؤلاء الشهداء والشهود، إيماننا مبنيّ على اعترافهم بالرّبّ وعلى قوّة الله الّتي ظهرت فيهم وما زالت مستمرّة في رفاتهم وأيقوناتهم، والتي تشهد على حقيقة القيامة.
والقديس جاورجيوس الذي ولد في مدينة اللد في فلسطين سنة”280م” من أبوين مسيحيين كانا من أصحاب الغنى والشهرة الإجتماعية، دخل في سلك الجندية وهو في السابعة عشرة من عمره، أحبَّه الإمبراطور وأدخلَه في فرقةِ الحرسِ الملكي ورقّاه و جعله قائدَ الفرقة.
إشتهر في الحروب بإنتصاراته حتى لقب “باللابس الظفر” أو “العظيم في الشهداء”
وصوره الرسامون بصورة فارس مغوار، جميل الطلعة، عالي القامة، يطعن برمحه تنيناً هائلاً ويدوسه بسنابك حصانه و يخلص إبنة الملك من براثنِ التنين، وترى تلك الأميرة واقفة مرتعدة من التنين وأبواها يشرفان عليها من فوق الأسوار ويمجدان بطولة جاورجيوس.
هذه الصورة رمزية ومعناها أن جاورجيوسَ الفارسَ البطل والشهيدَ العظيم، قد إنتصر على الشيطان الممثَّل بالتنّين، وهدّأ روعَ الكنيسةِ الممثَّلة بابنةِ الملك.
نقل جسده الطاهر من مكانِ استشهادِه إلى مدينةِ اللدّ في فلسطين، ووضِع في الكنيسة التي بُنيَت على إسمِه هناك.
ونصلي صلاة الطروبارية:
بِما أنك للمأسورين محرر ومعتق. وللفقراء والمَساكينِ عاضد وناصر. وللمرضى طبيب وشافٍ. وعنِ المؤمنينَ مكافِح ومحارب. أيُّها العظيمُ في الشُّهداءِ جاورجيوسُ اللابِسُ الظَفَّر. تَشَفَّعْ إلى المَسيحِ الإله. في خلاصِ نفوسِنا.
وختم:” ، أيها الأحبة، ونحن على خطى القديس جاورجيوس، علينا أن نشهدَ بجرأة لإيماننا الثابت والراسخ بشخص يسوع المسيح، القائم من بين الأموات، وتأكّدوا أنكم أبناء القيامة والغلبة، لا أبناءُ الموت والخوف والجبانة. الرب يسوع، الذي بموته وقيامتِه، حررنا من الموت ومن الخطيئة، قادر، إذا نحن أردنا، أن يجدد فينا الرجاءَ والقيامة، وبالرغم من كل ما يحيط بنا، من ثورات وانقلابات وكوارث وعنف وقتل ودمار، ومن صور قاتمة، وأصوات يأس وبؤس وشؤم، نعم بالرغم من كل ذلك، نبقى دائماً وأبداً، منتصرين فخورين بأنّنا أبناءُ القيامة والحياة والفرح، وفي أعماق قلوبنا وعلى شفاهنا نردد أنشودة العيد:
المسيح قام ! حقاً قام!
وأختم كلمتي هذه، طالباً شفاعة وبركةَ وجرأة القديس جاورجيوس، ومعايداً ومصافحا جميعَ الذين يقيمون هذا العيد أو الذين يحملون اسمَ القديس جاورجيوس، وأخص بالمعايدة الصادقة كاهن هذه الكاتدرائية قدس الأرشمندريت الحبيب الياس البستاني متمنيا له دوام الصحة والعافية والعملِ على خدمة النفوس، كما أتقدّم بالمعايدة القلبية للجمعيةِ الخيرية رئيساً وأعضاءً، الحاضرين منهم والغائبين، والذي مر على تأسيسها الستين عاماً تقريباً، متمنّياً لهم جميعاً الصحة والعافية، والمزيد من التقدّم والتعاون والعطاء لما فيه خيرِ الطائفة والمطرانية والناس والعباد. وواجبٌ علينا أن نستذكر بالصلاة والرجاء، جميعَ الذين رقد منهم على رجاء القيامة.
وكل عيد وكلكم بألف خير وبركة وسلام.
وفي ختام القداس قطع المطران ضاهر والمشاركون قالبا من الحلوى.