تؤكد المعطيات المتوافرة أن الاشتباكات التي استمرت أمس، لليوم الرابع على التوالي في مخيم عين الحلوة، لن تتوقف إلا بعد القضاء على المتطرف الإسلامي بلال بدر ومسلحيه المتحصنين داخل حي الطيري في المخيم، بعد توفر غطاء فلسطيني واسع لإنهاء هذه الظاهرة واقتلاعها من جذورها.
وأبلغت مصادر قيادية فلسطينية “السياسة”، أن القرار واضح ولا رجعة عنه، وهو إنهاء ظاهرة بدر ومسلحيه مهما كانت النتائج، لأنه لا يجوز أن يبقى المخيم تحت رحمة هذه العصابة وتعريض أمنه للخطر، مؤكدة أن هناك تأييداً فلسطينياً واسعاً للتخلص من هذه الحالة الشاذة وإعادة الهدوء كاملاً إلى المخيم ومحيطه.
في سياق متصل، لم تلق المبادرة التي طرحتها القوى الإسلامية بعد رداً من “فتح” والقيادة السياسية من أجل إنهاء الاشتباكات، التي تتضمن موافقة بدر على انتشار القوة المشتركة في حي الطيري واعتباره مطلوباً بعدها يتوارى عن الأنظار.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن “فتح” تصر على أن يسلم بلال بدر نفسه ليكون عبرة لكل من يتخطى الإجماع الفلسطيني ويعمل على توتير الوضع بين الحين والآخر داخل المخيم.
الى ذلك، أكدت مصادر فلسطينية لـ «الراي»، أن حركة «فتح» ما زالت تواجه صعوبة في إحكام السيطرة على «حي الطيرة» في مخيم عين الحلوة (صيدا -الجنوب) حيث يتحصن المتشدّد الاسلامي بلال بدر ومجموعته، رغم استخدام القوة النارية والصاروخية واستقدام مقاتلين مدرَّبين من خارج المخيم ورغم وجود غطاء فلسطيني جامع وتسهيل من الدولة اللبنانية، في وقت بدا الوقت الفاصل عن عدم الحسم السريع فرصة لبدر لاستعادة أنفاسه وقوته وتالياً لتقدُّم الحل السياسي على ما عداه.
وأشارت المصادر الى ان القيادة السياسية للفصائل والقوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية في لبنان، تجد نفسها في موقف حرج أمام عدم قدرتها على تنفيذ قراراتها (اتُخذت بالإجماع) بالقوة لجهة إنهاء حالة بدر التي وصفتْها بـ «الشاذة» وتسليم نفسه وسلاحه، ولا سيما انها تتريث في إعلان موقف واضح وصريح من ردّ بدر على قراراتها، وهو الردّ الذي حمَلَه قياديّان من «الشباب المسلم» سابقاً الشيخ أسامة الشهابي وهيثم الشعبي، وتضمّن الموافقة على مغادرة «حي الطيرة» وعلى انتشار القوة المشتركة بكافة عناصرها، متنازلاً عن شروطه السابقة بنشْر عناصر حركة «حماس» و«عصبة الانصار الاسلامية» و«الحركة الاسلامية المجاهدة» فقط، لكنه رفض في الوقت نفسه، تسليم نفسه أو سلاحه، معلناً أنه «سيتوارى عن الأنظار». وهذا الموقف ابلغه الموفدان «الشهابي والشعبي» الى ممثلي «القوى الاسلامية» وتحديداً «العصبة» و«الحركة المجاهدة»، التي بدورها نقلته الى قيادة حركة فتح «التي استمهلت للردّ على الردّ».
وأوضحتْ المصادر نفسها ان الردّ «الفتحاوي» لم يُتخذ بعد، في ظل رغبة المسؤولين العسكريين باستمرار المعركة حتى النهاية ولو طالت بضعة أيام، والحفاظ على هيبة الحركة وقوتها، متّهمين ناشطين اسلاميين متشددين بدعم بدر عسكرياً من تحت الطاولة وتوفير العناصر والذخيرة له للصمود، لإجبار «فتح» على القبول بالحلّ السياسي او تسوية التواري عن الأنظار وفق ما يريد.
ولفتت الى ان طول أمد المعركة سيكون له محاذير سيئة في الانعكاسات السلبية على أبناء المخيم وعلى مدينة صيدا التي كانت نفذت اضراباً ابان الاشتباكات السابقة احتجاجاً على ركود الحركة فيها، فيما توقفت المدارس الرسمية والخاصة فيها امس خشية تمدُّد الاشتباكات وحرصاً على سلامة الطلاب.
وكشفت هذه المصادر أن بدر حاول أكثر من مرة «التوسط» لدى «القوى الاسلامية» لوقف النار مقابل قبوله بانتشار القوة الأمنية المشتركة في منطقته كما كان مقرَّراً لها وتحديداً في مقر «الصاعقة» في الشارع الفوقاني والا يسلّم نفسه او اي أحد من جماعته او ان يخرج في شكل آمن من «عين الحلوة»، لكن حركة «فتح» رفضتْ هذا الاقتراح وطالبته بتسليم نفسه وسلاحه.
وأوضحت المصادر عيْنها انه جرى نقل اقتراح بدر، الى القوى الاسلامية التي حملتْه الى كل من رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود والامين العام للتنظيم الشعبي الناصري اسامة سعد اللذين بدورهما عرضا الاقتراح على القيادة الفتحاوية العليا ممثَّلة بالمشرف العام على الساحة اللبنانية عزام الاحمد وعلى السفير الفلسطيني في لبنان اشرف دبور الذي كان موجوداً بالاردن، وكان الردّ جازماً بالرفض لان «الاوان قد فات» وبأن لا تراجع عن الحسم العسكري حتى القضاء على حالة بدر وتسليمه الى الجيش اللبناني، فبدأت الاشتباكاتْ التي حصدت في اربعة ايام 8 قتلى ونحو 40 جريحاً، بينهم على الاقل خمسة من «مجموعة بدر»، إضافة الى أضرار مادية جسيمة في الممتلكات والمنازل والمحال والسيارات وشبكتي الكهرباء والمياه والهاتف الداخلي.
(الراي-السياسة)