استقبل قائد الجيش العماد جوزيف عون في مكتبه في اليرزة قبل ظهر اليوم، وفد رابطة الملحقين العسكريين العرب والأجانب المعتمدين في لبنان وممثلين عن منظمة مراقبة الهدنة وقوات “اليونيفيل” ومساعديهم، برئاسة عميد الرابطة الملحق العسكري الإيطالي العميد بيار لويجي مونتيدرو.
وبعد أن رحب العماد عون بأعضاء الوفد، عرض لهم “المهمات الدفاعية والأمنية التي يؤديها الجيش، خصوصا في مجال محاربة الإرهاب والتزام تنفيذ القرار 1701″، كما عرض “رؤيته لتعزيز التعاون العسكري مع الجيوش الصديقة، بالإضافة الى الأوضاع العامة في لبنان والتحديات التي تمر بها المنطقة”.
وقال: “ألتقي بكم اليوم للمرة الأولى بهذه الصورة الجامعة، كممثلين خير تمثيل عن جيوشكم وقواتكم المسلحة الصديقة في لبنان، فأغتنم مناسبة لقاء التعارف هذا، لأتوجه بالشكر والتقدير إلى سلطات بلدانكم وقادة جيوشها، ولأؤكد أمامكم الحفاظ على الإنجازات التي حققناها معا، والسهر على تطوير علاقات التعاون بيننا في مختلف المجالات، بما يسهم في خدمة جيوشنا وتأمين المصالح المشتركة لأوطاننا. أهلا وسهلا بكم في قيادة الجيش اللبناني، ودائما في ربوع وطنكم الثاني لبنان”.
اضاف: “إنَّ دوركم في تعزيز روابط الثقة والتعاون بين الجيش اللبناني وجيوشكم الصديقة، هو دور لا يستهان به على الإطلاق، فأنتم تعايشون عن قرب أوضاع لبنان والظروف المحيطة به، وتتابعون عن كثب المهمات الدفاعية والأمنية التي يقوم بها الجيش، والتحديات التي يواجهها، فضلا عن إمكاناته وحاجاته لمواجهة تلك التحديات. والأهم من ذلك كله، أنكم تعرفون تمام المعرفة، أن عقيدته المنبثقة من إرادة الشعب اللبناني، تتمحور حول حماية لبنان وضمان أمنه واستقراره، والتزام قرارات الشرعية الدولية، فجيشنا لم يكن في أي يوم من الأيام في موقع الاعتداء على أحد، بل كان دائما وسيبقى في موقع الدفاع الصلب عن تراب الوطن وسيادته وحريته واستقلاله، من هنا فأي دعم يقدم للجيش اللبناني هو في مكانه الصحيح، ولا بد أن يترك انعكاساته الإيجابية على الاستقرار الإقليمي والدولي”.
وتابع: “إن الخطر الأكبر الذي يواجهه العالم في هذه المرحلة كما بات واضحا للجميع، هو خطر الإرهاب الذي توسعت نشاطاته الإجرامية ليشمل العديد من القارات والدول، ما سبب الكثير من الإرباك والفوضى وانعكس سلبا على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المجتمعات المستهدفة. ومع أن المعالجة العميقة لهذه الظاهرة على المدى البعيد تتطلب مراجعة للذات والتاريخ، بغية وضع استراتيجية فكرية وثقافية وإعلامية مضادة للفكر الإرهابي الإلغائي، فإن الحل العسكري والأمني يبقى الوسيلة المتاحة على المدى القريب، وذلك بهدف كسر إرادة الإرهابيين وتحطيم معنوياتهم، وجعلهم يشعرون بأنّ مشاريعهم ومخططاتهم التدميرية غير قابلة للحياة ومصيرها الفشل المحتم”.
واردف: “من هنا، فإننا نرى بأن تضافر الجهود الدولية لمحاربة هذه الظاهرة، قد بدأت تعطي ثمارها الملموسة خصوصا في العراق وسوريا، والدليل على ذلك انحسار مناطق سيطرة الإرهابيين وتراجع نفوذهم وفقدانهم زمام المبادرة في العمليات العسكرية. أما في لبنان، فقد نجح الجيش بقوة في التصدي للارهاب ومنعه من زج البلاد في أتون الصراعات الإقليمية، وذلك بفضل الكفاءة القتالية للجيش والتفاف الشعب حوله وعدم وجود أي بيئة حاضنة للارهاب، إلى جانب الدعم العسكري النوعي الذي قدمته العديد من الدول الصديقة. إلا أن التحدي الكبير الذي لا يزال يواجهه وطننا هو وجود نحو مليون وخمسمئة ألف نازح سوري على أرضه، وما يترتب على ذلك من أعباء اقتصادية واجتماعية وأمنية تفوق طاقة هذا الوطن. إن حرصنا الأكيد على التعامل بروح الأخوة والإنسانية مع هؤلاء النازحين والمساهمة في مساعدتهم حيث أمكننا ذلك، يوازيه سهرنا على منع خروجهم على القانون، ومنع الإرهابيين من التسلل إلى تجمعاتهم بما يشكل خطرا على الوحدات العسكرية والأمن الوطني عموما، وجميع التدابير والإجراءات الأمنية التي يتخذها الجيش إنما تصب في هذا الإطار لا أكثر ولا أقل”.
وقال: “إن تطلعات العهد الجديد بقيادة فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في السير قدما بورشة النهوض الاقتصادي والإصلاح الإداري في البلاد، تحتم على المؤسسة العسكرية مضاعفة الجهود لمواكبة هذه التطلعات، وذلك من خلال أولوية الحفاظ على الاستقرار الأمني الداخلي، والاستعداد الدائم للدفاع عن الحدود، سواء في مواجهة التنظيمات الإرهابية شرقا، أو في مواجهة العدو الإسرائيلي جنوبا، خصوصا في ظل إمعانه في خروقاته الجوية والبرية والبحرية، وتهديداته المستمرة للبنان ومحاولاته المتكررة وضع اليد على قسم من ثروات مياهنا البحرية. فمع التزامنا الكامل تنفيذ القرار 1701 بالتعاون الوثيق مع القوات الدولية حفاظا على استقرار هذه المنطقة، لا يمكن أن نفرط قيد أنملة بسيادتنا الوطنية وبحقوق لبنان في أرضه ومياهه وثرواته الطبيعية”.
وختم: “إن لقاءاتنا ستتواصل بالتأكيد، ولدينا كامل الإرادة والعزم على إقامة المزيد من جسور التواصل والتعاون بين جيوشنا، وإني على ثقة تامة بأنه من خلال هذه الروحية نكون أوفياء لأوطاننا ولرسالتنا المشتركة التي أقسمنا معا على التزام معانيها وتحقيق أهدافها النبيلة”.