اكد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، “أن لبنان يقدم نموذجا للتعايش والحوار للمنطقة وللعالم”، مشددا على أنه “ملتزم بقوة بمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله”، شاكرا “ألمانيا على التزامها الطويل بالمشاركة في قوات “اليونيفل” في لبنان”.
كلام الرئيس الحريري جاء خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مقر المستشارية، التي وصلها قرابة الثانية عشرة ظهرا بتوقيت برلين حيث كانت ميركل في استقباله عند المدخل الرئيسي.
ميركل
وعلى الفور، عقد الحريري وميركل مؤتمرا صحافيا مشتركا استهلته ميركل بالقول: “إن انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وتكليف الرئيس الحريري لتشكيل حكومة وحدة وطنية، كان في مصلحة الشعب اللبناني وجميع الأطياف الموجودة. نحن سعداء برؤية ذلك يتحقق نظرا إلى الوضع المعقد في لبنان”.
اضافت: “اليوم سوف نتحدث عن استقرار الوضع السياسي، كما أننا سنتحدث عن عدد من الوقائع، ومنها أن لبنان يستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري، وبالتالي يمكنكم تخيل مدى العبء الإنساني المفروض، نظرا إلى حجم هذه الدولة وعدد سكانها. لذلك أود أن أعبر عن احترامي وتقديري للشعب اللبناني لاستضافته هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين، خصوصا وأن الوضع في البلاد حساس جدا أصلا، وبالتالي فإنه تحد كبير”.
وتابعت: “نحن نعتبر ثاني أكبر دولة مانحة للبنان، وقدمنا دعما ماليا بلغ أكثر من 286 مليون يورو في العام المنصرم، ونساعد لبنان في مواجهة هذه الأزمة، كما أننا نحاول أن نستخدم هذه الأزمة من أجل إنعاش الديناميكية الاقتصادية في المنطقة”.
وأكدت ان “المهمة الرئيسية هي مساعدة اللاجئين ولكن أيضا المجتمع المضيف، طالما أنه هو الذي يواجه عبء استضافة اللاجئين السوريين. وبالتالي فإن المجتمع الدولي يجب أن لا يعالج مشكلة اللاجئين فقط بل أيضا الدول المضيفة. وفي الغد سوف نشارك في المؤتمر الهادف إلى دعم سوريا في المستقبل والمنطقة ككل، وذلك في بروكسيل وبمشاركة وزير الخارجية الألماني. ونحن نسعى إلى مواصلة تقديم الدعم للمنطقة ولشركائنا فيها. ومؤتمر الغد سوف يعقد تعقيبا على المؤتمر السابق الذي عقد في العام 2016”.
وقالت: “لا شك أن سوريا تشكل أكبر دولة مجاورة للبنان، ولذلك فإن عدد الدول المتأثرة مباشرة بالأزمة قليل مقارنة بلبنان، وعليه، فإنه حين نجري مداولاتنا يجب أن نحاول التوصل إلى آراء موحدة حول سبل الوصول إلى حل سلمي في سوريا. فقد رأينا أن الحل العسكري أدى إلى مزيد من سفك الدماء ومزيد من الصعاب والتحديات، ولم يساعد في حل المسألة”.
وختمت قائلة: “وعليه، فإننا سوف نتحدث أيضا عن العلاقات مع إيران والسعودية ودور قوى اليونيفيل التي بدأت عملها في العام 2006، ولذلك أود أن أشكر الرئيس الحريري مجددا على إتاحة الفرصة لإجراء هذه المحادثات الثنائية والمهمة جدا، وأنا أؤكد دعمنا كحكومة ألمانية للبنان قدر الإمكان”.
الحريري
من جهته، قال الرئيس الحريري: “يسرني أن أكون هنا اليوم في برلين، وأتطلع إلى لقائي مع المستشارة ميركل حيث سأناقش معها التحديات العديدة التي تواجه لبنان والمنطقة. اليوم اللبنانيون الذين يبلغ عددهم 4 ملايين، يستضيفون 1.5 مليون نازح سوري، وحوالي 50000 لاجئ فلسطيني، وهذا ما خلق ضغطا على اقتصادنا وبنيتنا التحتية ونسيجنا الاجتماعي. قياسا، فإن هذا يشبه كما لو أن الاتحاد الأوروبي يستقبل ??? مليون لاجئ جديد”.
اضاف: “من خلال استضافة 1.5 مليون نازح سوري وإلى أن يتم ضمان عودتهم الآمنة إلى بلادهم، فإن لبنان اليوم يوفر خدمة عامة نيابة عن العالم. وسأكشف عن رؤية لبنان لتحقيق الاستقرار والتنمية غدا في مؤتمر بروكسل الذي تشارك ألمانيا في إعداده”.
ودان الحريري الهجوم الإرهابي الذي وقع في سانت بطرسبرغ، معربا عن تعازيه للشعب الروسي. وقال: “إن الإرهاب وباء لا دين له، وينبغي للعالم أجمع أن يعمل معا للقضاء عليه. كما أن لبنان ملتزم بقوة بمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله. ولتحقيق ذلك، فإنه يجب الاستثمار في الأجهزة الأمنية اللبنانية ودعمها. وسأبحث هذه المسألة مع المستشارة ميركل، وأشرح لماذا سيكون عائد مثل هذا الاستثمار جدير بالاهتمام ومضمون، وأنا أؤكد ذلك”.
اضاف: “أود أيضا أن أشكر ألمانيا على التزامها الطويل الأمد بالمشاركة في قوات اليونيفيل في لبنان. إن الرجال والنساء في بلدكم يلعبون دورا بارزا في حفظ السلم والاستقرار في بلدي. ولبنان يقدم نموذجا للتعايش والحوار للمنطقة، بل وللعالم. وهو اليوم واحة من السلام في منطقة متقلبة. وأنا سأناقش مع المستشارة ميركل كم هو مهم بالنسبة لنا أن تكون ألمانيا شريكا رئيسيا في الجهود الرامية إلى إبقاء بلدنا آمنا ومستقرا. ونحن نتشارك نفس القيم، ونحتاج إلى التعاون الوثيق من أجل مواجهة العديد من الأمور المجهولة التي تنتظرنا”.
اجتماع وغداء
بعد ذلك عقد الرئيس الحريري والمستشارة ميركل اجتماعا جرى خلاله عرض للتطورات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية، واستكملت المحادثات خلال غداء عمل أقامته ميركل على شرف الرئيس الحريري، وحضره سفير لبنان في ألمانيا مصطفى أديب ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري وعدد من المسؤولين الألمان.