“العنوسة والطلاق” ظواهر مجتمعية فرضت نفسها على العالم العربي، نتيجة ظروف اقتصادية أو رفاهية زائدة، كما لعب الفقر والبطالة دوراً فاعلاً في زيادة أو خفض نسب تلك الظواهر، واللافت للنظر أن نسب العنوسة والطلاق تزايدت بشكل مخيف في السنوات الأخيرة، وهو ما نحاول رصده في السطور التالية.
في هذا السياق، سجلت فلسطين أقل معدلات للعنوسة في الوطن العربي بلغ 7%، وجاءت البحرين في المركز الثاني بنسبة 25%، واليمن 30%، الكويت وقطر وليبيا 35%، مصر والمغرب 40%، السعودية والأردن 45%، الجزائر 51%، 65% في تونس، العراق وسوريا 70% ، الإمارات 75%، فيما سجلت لبنان أعلى نسب العنوسة في الوطن العربي حيث وصلت إلى 85%، واختلفت أسباب كل دولة عن الأخرى ما بين الأمن والاقتصاد والفقر وغلاء المهور، وتأخر سن التعليم والعمل نظراً لارتفاع نسب البطالة كما في تونس، وكان للتعليم دور في تلك النسب كما في اليمن، فيما سيطرت فلسطين لتمثل أكثر الدول العربية انخفاضاً في نسب العنوسة 7% وفقاً لما أوردته الإذاعة الهولندية “هنا إمستردام”.
كما رصدت الإحصاءات والدراسات المحلية ظاهرة الطلاق في العالم العربي، وأظهرت النتائج أن حالات الطلاق في مصر تعادل 170 ألف حالة سنوياً، في الوقت الذي وصل فيه اجمالي عدد المطلقات في مصر إلى 2.5 مليون.
وفي السعوية 188 حالة طلاق يومياً، وأرجع خبراء علم الاجتماع أحد أسباب الطلاق هناك. بسبب سهولة الزواج للمرة الثانية، كما كان الأمر سهلاً في المرة الأولى، فضلاً عن أسباب أخرى أهمها ضرب الزوج لزوجته وإهانتها، والغيرة الزائدة.
وفي تونس وصلت النسبة إلى معدلات كبيرة تجاوزت الـ 10000 آلاف حالة سنوياً، ويظهر في تونس سبب جديد للطلاق، وهو أن 40% من حالات الطلاق تعود لأسباب جنسية.
وفي الإمارات ومع أواخر 2015 وبداية 2016، باتت محاكم دبي تسجل يومياً 4 حالات طلاق، ما يشير إلى ارتفاع ملحوظ في نسب الطلاق التي سجلت من 2012 حتى 2014، 12 ألف حالة، وبحسب آخر الإحصائيات الإماراتية، فإن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت من أسباب الطلاق، نظراً لانشغال الزوجين بهذه المواقع طوال اليوم، وإهمال كل منهما الآخر.
أعلنت السلطة القضائية الاتحادية في العراق أن حالات الطلاق ارتفعت بنسبة 70% في السنوات العشر الأخيرة. وأصبحت تسجل حالات الطلاق أكثر من 60 ألف حالة سنوياً. وكشفت دراسة مجتمعية سبباً جديداً لارتفاع هذه النسب في العراق، هو المسلسلات التركية التي تظهر الصورة الوردية للأزواج، ما يؤدي إلى سخط الأزواج في العراق على حالهم، في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها العراقيون.
أعلنت وزارة العدل الجزائرية ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الطلاق في البلاد وصل إلى 60 ألف حالة سنوياً، أي حالة كل 10 دقائق. وكشفت الإحصائيات عن 100 ألف طفل جزائري يقعون ضحايا بسبب انفصال الآباء.
وصلت حالات الطلاق في الأردن إلى نحو 15 ألف حالة، بزيادة سنوية 1000 حالة، وفقاً لتقديرات دائرة الإفتاء. ويتيح الأردن للزوجة إتمام الطلاق من زوجها إذا أرسل لها رسالة sms، أو إيميل، أو عبر أي وسيلة أخرى من وسائل التواصل، ويعرف هناك بالطلاق الإلكتروني.
نسب مخيفة
وقالت الدكتورة حنان ابراهيم، الخبير بمركز البحوث الإجتماعية بالقاهرة، أن ظاهرتي العنوسة والطلاق قد وصلتا إلى نسب مخيفة خلال السنوات الأخيرة، وتلعب تطلعات الفتاة دوراً في تلك الزيادة، حيث انها تعمل وتحاول الإكتفاء ذاتياً ولا تجد أن لديها نقصاً، ولديها شعور بضرورة تحقيق الذات.
وتابعت ابراهيم، أن الفتاة عندما تشعر بعدم الاحتياج فإنها تفكر بتأني، وعلى عكس ذلك فإن المناطق الفقيرة جداً، والتي تزيد فيها نسب الطلاق ونسب العنوسة، نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة والتي قد تدفع الأسرة لتزويج البنت مبكراً للتخلص من أعبائها، وفي نفس الوقت تحدث عمليات الطلاق نتيجة عدم قدرة الزوج على الوفاء بالمتطلبات اليومية للأسرة.
انفجار الشهور الأولى
ولفتت الناشطة في مجال حقوق المرأة “نجوان يوسف”، إلى أن نسب الطلاق تكون مرتفعة جداً في الشهور الأولى من الزواج، نتيجة عدم تقبل الزوجة لطباع الزوج وأخلاقياته والطرق السيئة التي يتعامل بها معها، موضحة أن المرأة تطلب الخلع أو الطلاق في مصر لعدة أسباب منها، الظروف الإقتصادية وعدم قدرة الزوج على تحمل مسئوليات الزواج.
وأضافت إن حالات الطلاق المبكر تحدث أيضاً، نتيجة للزواج السريع الذي لا تسبقه فترة من التعارف بين الطرفين، وقد يرجع ذلك لخوف الأسرة من أن تلحق ابتهم بقطار العنوسة، فتحجز هى في قطار الطلاق.
زيادة نسب الفقر
أما الدكتورة أسيل ابو الشوارب، الباحثة في حقوق المرأة والأسرة بالأردن، فقالت: من المؤكد أن الوضع الإقتصادي يؤثر على سن الزواج وإقبال الشباب والفتيات على تكوين الأسرة، لكن الدراسات تشير إلى أنه مع زيادة نسبة الفقر في بعض البلدان تزداد نسب الزواج المبكر وبخاصة عند الفتيات.
وأضافت أسيل لـ” سبوتنيك”، أن هناك عوامل جديدة عند الفتيات والشباب، حيث أنه في بعض المناطق أصبحت الفتاة مستقلة اقتصادياً ولديها العمل والمشروعات الخاصة بها، كما أن لديها رؤية خاصة، والهدف من تأخير الزواج هو تحقيق ذاتها، وغالباً ما يكون المستوى الإقتصادي أحد أسباب العنوسة، نتيجة تأجيل الفتاة لهذا الأمر لتحقيق طموحها الشخصي.
ولفتت اسيل إلى أن الفقر قد يكون أحد الأسباب للزواج المبكر، لإعتقاد الفتاة بأن الزواج قد يحل مشكلة الفقر لديها، وهنا أقول أن العنوسة ترتبط بعدة عوامل، قد تكون اقتصادية أو صحية أو تعليمية.
وعن دعوات التعدد لحل مشاكل العنوسة، أكدت أسيل إلى أن المشاكل التي قد تأتي من التعدد أكبر بكثير من الموجودة، وقد جاءت آخر الإحصائيات بالمملكة الأردنية بأن عدد الذكور أكبر من عدد الإناث، وأنا لا أتفق في الرأي بأن نعالج مشاكل بمشاكل أكبر منها.
(Sputnik)