خاص Lebanon On Time _ خالد أبو شام
مع اقتراب الاستحقاق البلدي، تعود طرابلس مجددًا إلى الواجهة، ليس لنهضة مرتقبة أو إنجاز متحقق، بل بسبب واقعها المتردي الذي يفرض نفسه على يوميات أهلها. المدينة التي عُرفت بتاريخها العريق وثقلها الاقتصادي والاجتماعي، باتت نموذجًا للتقصير المزمن من قبل السلطات المحلية، وعلى رأسها المجالس البلدية المتعاقبة.
من يتجول في شوارع طرابلس، لا يحتاج إلى تقارير رسمية ليكتشف حجم الإهمال: بنى تحتية مهترئة، نفايات متراكمة، مشاريع معلّقة أو متعثّرة، حدائق مهجورة، وأرصفة مكسّرة تحاصر المارة، ناهيك عن انعدام الرؤية التخطيطية والتنموية التي تُخرج المدينة من دوامة الحرمان والفوضى.
البلدية، التي يفترض بها أن تكون الجهة الأقرب إلى المواطن، غابت عن هموم الناس، أو بالأحرى غيّبت نفسها. فبدل أن تكون فاعلًا تنمويًا، تحولت إلى إدارة روتينية عاجزة عن إنتاج الحلول، أو خاضعة لمعادلات سياسية ضيقة، حيث تُختزل طرابلس إلى مجرد ورقة انتخابية تُستثمر كل بضع سنوات، ثم تُركن جانبًا فور انتهاء موسم الانتخابات.
أما عن الانتخابات البلدية القادمة، فقد ازدادت حدة النقاشات، وظهر على الساحة مرشحون جدد يحملون شعارات “الإصلاح” و”الشفافية” و”التغيير”، لكن كثيرًا من هذه الطروحات تفتقر إلى العمق والرؤية الواقعية. فالتغيير لا يكون فقط برفع الشعارات، بل بوضع خطط مدروسة تعي خصوصية المدينة، وتوازن بين حاجاتها الآنية ورؤيتها المستقبلية. كما أن تكرار أسماء وشخصيات كانت شريكة في الإهمال سابقًا، وإن بوجوه جديدة، يطرح علامات استفهام حول جدية التغيير.
إن طرابلس لا تحتاج إلى مسكّنات انتخابية مؤقتة، بل إلى مقاربة شاملة تُعيد للعمل البلدي دوره الحقيقي. المطلوب هو تفعيل المشاركة الشعبية، اعتماد الشفافية، كسر التبعية السياسية، ورفع الصوت في وجه الفساد وسوء الإدارة. فالمدينة تملك من القدرات ما يجعلها رائدة في محيطها، لكنها تحتاج إلى من يؤمن بها فعليًا، لا من يتخذها منصة للوجاهة أو مدخلًا للمكاسب.
إننا اليوم أمام فرصة حقيقية لإحداث فارق، لكن النجاح يتطلب وعيًا شعبيًا ضاغطًا، ومحاسبة فعلية لكل من قصر، واختيارًا جريئًا لمن يستحق أن يمثل الطرابلسيين، لا من يتحدث باسمهم فقط لمصالحه!